موقعة قصر الاتحادية التى شهدتها شوارع الحى الراقى فى شهر ديسمبر من العام الماضى، تعود إلى ذاكرة سكان مصر الجديدة، عندما يُذكر 30 يونيو، حيث دار وقتها ما يُشبه الحرب الأهلية بين معارضى الرئيس ومؤيديه فى محيط القصر الرئاسى، الذى يستهدفه الداعون إلى مظاهرات 30 يونيو الأحد المقبل. 10 قتلى و50 سيارة تم تدميرها، بينما تحطمت واجهات عشرات المحلات، الاشتباكات استمرت حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالى، واستُخدم فيها الخرطوش والرصاص الحى، هكذا كانت اشتباكات الاتحادية الأولى، بينما يتوقع أهالى المنطقة أن تكون الاشتباكات فى الأيام القادمة أكثر ضراوة وعنفاً وخسائرها أكبر. حالة من الهدوء الحذر المصحوب بالتوتر والقلق، تسيطر على قاطنى مصر الجديدة، ويزداد القلق بين سكان الشوارع الملتهبة «الميرغنى والخليفة المأمون والأهرام»، الذين اتفقوا على خطورة نزول الطرفين «المؤيدين والمعارضين»، كما حدث فى ديسمبر الماضى، وتوقعوا أن تمر الأمور بسلام دون عنف إذا التزم أنصار الرئيس منازلهم. الشوارع الهادئة لا تخلو ثناياها من الاستعداد لليوم المعلوم، حيث شرع أصحاب المحلات التجارية ذات الواجهات الزجاجية فى تركيب أبواب صاج لحمايتها، كما يروى محمد فوزى صاحب محل توكيلات رياضية «فى الاشتباكات الأولى التى شهدتها المنطقة بمجرد الإعلان الدستورى، تحطمت وجهة المحل الزجاجية رغم إغلاق المحل بمجرد وقوع الاشتباكات، لذلك لجأنا إلى البوابة الصاج لحماية المحل، إحنا هنفضل فاتحين لحد لما الضرب يشتغل، وأول لما نلاقى زجاجة مولوتوف أو رصاص أو حجارة تتحدف من اللى موجودين هنقفل الأبواب ونمشى». محمد رفعت مدير محل أحذية، يقول: منذ وقوع أول أحداث عنف هنا نهاية العام الماضى بين الإخوان والمعارضة، نسارع إلى الغلق عند وجود أى مظاهرات أمام الاتحادية، حتى لا يتعرّض المحل لأى محاولة للسرقة، خصوصاً أن الاشتباكات تُظهر الباعة الجائلين وأطفال الشوارع، فى أرجاء المكان، مما لم يكن موجوداً فى السابق. متوقعاً أن تشهد المنطقة مشكلات كثيرة وأعمال عنف خلال الأحداث المقبلة. تختلف استعدادات سكان العقارات عن أصحاب المحلات، حيث يعتزم العديد منهم ترك مساكنهم فى 30 يونيو، بسبب أدخنة القنابل المسيلة الدموع، كما يقول سامى منصور أحد سكان شارع الميرغنى: «الاشتباكات الماضية تسبّبت فى حدوث حالات اختناق داخل البيوت»، موضحاً أنه من المتوقّع أن تكون الاشتباكات أكثر عنفاً من المرات السابقة ولن تمر بسلام، مدللاً على ذلك بأجواء الاستقطاب التى تعيشها البلاد حالياً، والتصريحات المتطرفة بين النظام ومعارضيه. بينما يختلف معه جاره إيهاب أنيس، قائلاً: إنهم لن يتركوا مساكنهم، وسوف يتم تشكيل لجان شعبية أمام العمارات، حتى لا يتخطى أى شخص بوابة العمارة ويصعد إلى الشقق، خصوصاً أن هذه المرة سوف تكون الحشود أكبر من الأولى، وإذا حدثت أعمال عنف سوف تخرج عن السيطرة، كما حدث فى ثورة يناير وعجزت الشرطة عن التصدى لها، وقد تتعرّض المنطقة لأعمال نهب منظّمة، ولذلك فلا بد من وجود اللجان الشعبية لحماية المنطقة والممتلكات الخاصة بهم. «ربنا يسترها المرة دى»، هكذا تحدث تاج رمضان الرجل السبعينى صاحب كشك صغير على ناصية شارع جانبى متفرع من الميرغنى، مضيفاً: «الكشك ده اتكسر 3 مرات فى المظاهرات السابقة وتم سرقة جميع محتوياته، وكل مرة خسرت فيها 5 آلاف جنيه، وروحت اشتكيت لبتوع الرئاسة ولا حد عمل لى حاجة». ينوى الرجل السبعينى -كما يقول- أن يُخلى الكشك من البضاعة حتى لا يتعرّض لعملية سرقة مجدداً كما حدث قبل ذلك. وفى الجهة المقابلة، حيث يقبع قصر الاتحادية الذى شهدت أسواره وأبوابه المطلة على شارع الميرغنى ارتفاعات ملحوظة تتجاوز 100 سنتيمتر فوق مستواها الأصلى، جرى الانتهاء منها، بينما لا تزال أعمال الحفر قائمة أمام المدخل الرئاسى، المخصص لدخول الرئيس، حيث يستهدف إقامة بوابة إلكترونية ضخمة، كما يؤكد أحد أفراد الشرطة التابعين للخدمات الأمنية على باب القصر.