يرى مراقبون فلسطينيون أن فوز مرشح جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي برئاسة مصر منح دفعة سياسة لحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة تمهد لتعزيز مكانتها. وفور إعلان النتائج خرج الآلاف من أنصار حركة حماس إلى الشوارع للاحتفال بفوز مرسي الذي اعتبره قادة الحركة ذات الميول الإسلامية انتصارا ودعما للقضية الفلسطينية. وعلى وقع الاحتفالات، بدأ سكان في غزة بالتندر على المرحلة المقبلة بينها أن حماس ستقرر تغيير العملة المتداولة في القطاع من الشيكل الإسرائيلي إلى الجنيه المصري. وسخر آخرون بأن السفر سيكون متاحا من غزة إلى القاهرة مباشرة عبر السيارة الشخصية ومن دون أي عوائق، فيما ذهب آخرون إلى أن جدول انقطاع الكهرباء المستمر في القطاع منذ سنوات سيتحول إلى قطع لثماني ساعات في غزة ومثلها في القاهرة. وحث مسؤولون في حماس الرئيس المصري الجديد على أن يكون قطاع غزة في مقدمة أولوياته من خلال رفع الحصار وإدخال تسهيلات على السفر إلى معبر رفح. وبهذا الصدد، قال يوسف رزقة المستشار السياسي لرئيس حكومة حماس في غزة إسماعيل هنية، إن فوز مرسي بالرئاسة المصرية يشكل انتصارا كبيرا للقضية الفلسطينية. واعتبر رزقة أن فوز مرسي سيسهم في تخفيف الحصار وفكه عن قطاع غزة في أقرب الآجال. وقال: "وعد مرسي بنفسه وكذلك حملته الانتخابية بتأييد الحقوق الفلسطينية الثابتة وبرفع الحصار عن قطاع غزة باعتباره إجراء غير قانوني ويمثل حلقة من حلقات الحصار التي تورط بها نظام مبارك القديم". وأضاف "نأمل أن يسفر هذا التطور في مصر عن مراجعة كاملة لملف العلاقة مع قطاع غزة بما يسمح بفتح طبيعي للمعابر وتدفق علمية الاستيراد والتصدير والأموال اللازمة لإعادة الإعمار للقطاع وتحقيق تنمية حقيقة تعزز صمود الشعب الفلسطيني". ويرى الكاتب والمحلل السياسي من غزة "طلال عوكل" أن حماس وهي جزء من حركة الإخوان المسلمين تشعر بعد فوز مرسي بأن آفاق التاريخ مفتوحة على برنامجها، وهي أمام فرصة تاريخية لتنفذ برنامجها سواء السياسي أو الاجتماعي وتحظى بظهير قوي. وتوقع عوكل أن يعمل مرسي على أن تحظى حماس بفتح معابر قطاع غزة وربما إقامة معبر تجاري وزيادة الروابط والتبادل، بما يساهم في تعزيز مكانة الحركة وربما توفير الشرعية العربية لها. ورأى أن حماس اليوم تشعر بأنها أقوى بكثير ومن حقها أن تأخذ ما يوازي قوتها وحجمها ليس على الصعيد الفلسطيني بل على العربي أيضا، ذلك أن خلفها قوة عربية كبيرة ستجتهد وتوظف إمكاناتها لفتح بوابات الشرعية لها سواء العربية أو الأوروبية. من جهته، رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر في غزة ناجي شراب أن "فوز مرسي يعكس قوة التيار الإسلامي في الشارع المصري، ويدلل على تراجع القوى الليبرالية، وهو ما يصب في صالح حماس. وشدد شراب على أن القضية الفلسطينية ثابت من ثوابت السياسة المصرية، وأن فوز الإخوان سيكون له تداعياته على غزة لوجود حركة حماس التي تعتبر امتدادًا للإخوان المسلمين في مصر. وبين أن فوز مرشح الإخوان سيرفع الحصار عن غزة بشكل متوازٍ مع إنهاء حالة الانقسام؛ حيث سيعطي الرئيس الجديد القضية الفلسطينية أهمية، مشددا على أن حركة حماس في إمكانها أن تلعب دورا كبيرا في هذا السياق. من جهته، قال مدير مركز بدائل للأبحاث والدراسات في رام الله هاني المصري، إن فوز مرسي خبر مفرح لحماس، لكن على الحركة أن تدرك أن الرئيس المصري الجديد لن يستطيع أن يتعامل مع سلطتها في غزة كدولة مستقلة ويحقق هدف إسرائيل برمي قطاع غزة في حضن مصر، وبما يقطع الطريق على إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. وتوقع المصري أن يضغط مرسي على حماس، وبشكل أقل مما لو كان هناك مجلس شعب موالٍ له، لتواصل اعتدالها وتواصل طريقها نحو المصالحة، حتى تكون جزءا من السلطة الشرعية الفلسطينية المعترف بها عربيا ودوليا. ورأى أن ذلك سيفتح الطريق لرفع الحصار عن قطاع غزة وإعادة إعماره، لأن مصر بحاجة ماسة بعد ما عانته إلى أن تكون عنصرا يساعد على الاستقرار الإقليمي، ويحافظ على معاهدة السلام مع إسرائيل حتى تحصل مصر على الدعم الأمريكي والأوروبي والدولي، والعربي الذي بحاجة إلى ضوء أخضر أمريكي ودولي. وخلص المصري إلى أن قراءة الوقائع والتطورات بواقعية لا تسمح برهان مبالغ فيه من طرف فلسطيني أو أكثر على نجاح مرسي، "لأن الشرط الحاسم لإبقاء القضية الفلسطينية حاضرة، والسير على طريق تحقيق الأهداف الوطنية يتمثل في إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الفلسطينية".