"منتج استيطاني" .. شعار تنوي ألمانيا من خلاله أن تدعم خطوات "الاتحاد الأوروبي" الرامية لوضع ملصق تجاري على منتجات المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربيةوالقدس، وهو ما يحرم تلك المنتجات من الامتيازات الضريبية التي يمنحها لها الاتحاد الأوربي، كما يُسهّل على المستهلك تمييزها ، وبالتالي مقاطعتها في بعض الأحيان. وتتزامن هذه الخطوة مع نفي الاتحاد الأوروبي تأجيل قراره وضع وسم "ملصق تجاري" على منتجات المستوطنات الإسرائيلية، وهو ما أصاب إسرائيل بخيبة أمل كبيرة تشبه "الصفعة"، ودفع "الخارجية الإسرائيلية" للخروج بتصريحات تبتز الفلسطينيين، وتخشى من نزع الشرعية الدولية والقانونية عن الاستيطان ومشاريعه، كما يقول خبراء فلسطينيون. ودعا هؤلاء الخبراء بأن تتعاظم الجهود السياسية والشعبية من أجل دعم وسم منتجات المستوطنات والخروج بموقف أوروبي موحد يكون مقدمة لخطوات أكثر اتساعا وأشد تأثيرا لصالح القضية الفلسطينية. كان الاتحاد الأوروبي، نفى الاثنين الماضي تأجيل قراره وضع ملصق تجاري على منتجات المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربيةوالقدس. وقال الاتحاد في بيانٍ له: "خلافا لما ذكرته وسائل الإعلام الإسرائيلية، لم يتم إرجاء تنفيذ القانون الأوروبي حول وضع ملصق تجاري على منتجات المستوطنات." كانت صحف إسرائيلية، نقلت عن مصادر دبلوماسية أوروبية ومسؤولين إسرائيليين، لم تكشف هوياتهم، أن الاتحاد الأوروبي وافق على تأجيل هذه الخطوة حتى نهاية يونيو بناء على طلب الولاياتالمتحدة. وفي 12 مايو 2012 أكدت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي عزمها على تطبيق "القانون الأوروبي والاتفاقات الثنائية المتعلقة بالسلع المنتجة في المستوطنات". كان 13 وزير خارجية في الاتحاد الأوروبي بينهم البريطاني ويليام هيج، والفرنسي لوران فابيوس، أبدوا جميعًا دعمهم لمساعي الاتحاد الأوروبي وضع بطاقات تعريفية على منتجات المستوطنات الإسرائيلية، الأمر الذي سيهدد استفادة هذه المنتجات من الامتيازات الضريبية التي يمنحها الاتحاد الأوروبي، وسيسهّل تمييزها من قبل التجار والمستهلكين في الأسواق. وأفاد تقرير أصدرته 22 منظمة غير حكومية موخرًا أن الاتحاد الأوروبي يستورد سلعا من المستوطنات الإسرائيلية تفوق أضعاف ما يستورده من الأراضي الفلسطينية (230 مليون يورو مقابل 15 مليون يورو.) ولأن الساسة الأوروبيين باتوا غير قادرين على تبييض وجه الانتهاكات الإسرائيلية أمام الرأي العام فإنه من الطبيعي أن يقرر الاتحاد الأوروبي خطوة وسم أو وضع ملصق تجاري على منتجات المستوطنات بتأكيد المدير الإقليمي لمجلس العلاقات الأوروبية - الفلسطينية "رامي عبدو" والذي توقع أن يخرج الاتحاد الأوروبي بقرارات أكثر جرأة واتساعًا، وأهمية لصالح القضية الفلسطينية . وتتمثل تلك القرارات باتخاذ عقوبات على الشركات التي تتعامل مع المستوطنات، ومنع "غلاة" المستوطنين من دخول أوروبا. واستدرك عبدو بالقول: "والأهم هنا أننا ولأول مرة أمام موقف أوروبي موحد، ولغة جديدة تؤيد القضية الفلسطينية وتزداد قوة يوما بعد يوم في بعدها الاقتصادي والسياسي". والانتصار الحقيقي لهذه الخطوة الهامة اقتصاديا هو نزع الشرعية الدولية والقانونية عن المستوطنات ووجودها، وهو ما تخشاه إسرائيل ودفعها، كما يؤكد عبدو، إلى إطلاق التصريحات في الإطار الدعائي بأن منتجات المستوطنات تصنع في "منطقة السلام"، وأنها تضر بالفلسطينيين. كان بيان صادر عن وزارة الخارجية الإسرائيلية، أشار إلى أن تمييز منتجات المستوطنات سيضر بالفلسطينيين واقتصادهم. ولفت بيان " الخارجية" إلى أن حوالي 22 ألف فلسطيني يعملون في المستوطنات، وعليه فإن وسم منتجات المستوطنات من شأنه أن يؤدي لانخفاض الطلب عليها، الأمر الذي سيؤدي إلى فقدان عدد كبير من الفلسطينيين لأماكن عملهم. فيما يواصل وزير الاقتصاد الإسرائيلي "نيفتالي بينيت"، حملة في المستوطنات لحشد تأييد يطالب بطباعة عبارة "صنع في منطقة السلام" بدلا من اسم المستوطنة. وبحسب إحصائيات إسرائيلية فإن حجم صادرات منتجات المستوطنات خلال عام 2012 انخفض بنحو 36٪، بسبب مقاطعة بعض أسواق الدول الأوربية وأسواق الضفة الغربية لهذه المنتجات. ومع الحديث عن دعم ألماني لخطوة الاتحاد الأوروبي الرامية لوسم منتجات المستوطنات، فإن إسرائيل تبدو أمام خيبة اقتصادية وسياسية، كما يرى خبير الاقتصاد الفلسطيني "نصر عبدالكريم"، والذي أكد أن ما تخشاه إسرائيل أن يكون الاقتصاد بوابة لعزلتها سياسيا. كانت إذاعة جيش الاحتلال، كشفت عن اطلاعها على مستند رسمي لدعم ألمانيا لخطوات الاتحاد الأوروبي بشأن وسم منتجات المستوطنات، ونقلت الإذاعة عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن هذا الموقف سيكون ضربة موجعة للاقتصاد الإسرائيلي. ولا يريد الفلسطينيون بتأكيد "عبدالكريم"، سوى زوال المستوطنات، قائلا: "لو خير العامل الفلسطيني بين مصلحته الاقتصادية وبين الحد من الاستيطان وإيقافه لن يتردد في اختيار زوال الاستيطان الذي يلتهم الأرض ويحرم الاقتصاد الفلسطيني من النمو." ويتمنى الكاتب والمحلل الاقتصادي الفلسطيني "محسن أبو رمضان" أن تتفاعل الجهود الفلسطينية والعربية والدولية من أجل نزع الشرعية عن المستوطنات. وقال إن إسرائيل تريد التوسع في الاستيطان وهو الأمر الذي يستدعي محاربته ومواجهته دوليا، مؤكدا في ذات الوقت على أن المستوطنات بحد ذاتها هي خسائر اقتصادية فادحة للفلسطينيين. واستدرك بالقول: "إنها تلتهم الأراضي والعقول، ومطلوب أمام تنامي حركات التضامن في الغرب مع الفلسطينيين أن تمنع أوروبا دخول هذه المنتجات، وأن تكون خطوة لنزع الشرعية عن المستوطنات." ويبلغ عدد المستوطنات في الضفّة الغربيّة المحتلّة 144 مستوطنةً رسميّة، منها 16 في مدينة القدس، إضافة إلى حوالي 100 بؤرة استيطانيّة غير رسمية تنتشر في أنحاء الضفّة الغربيّة والقدس.