لم تكن تعرفه من قبل، لكنها كانت إلى جواره أمام قصر الاتحادية ورأته بعينيها وهو يسقط على الأرض غارقاً فى دمائه إثر طلقة نارية استهدفت رأسه، شاركت مع غيرها من المتظاهرين الرافضين للإعلان الدستورى فى حمله ومحاولة إنقاذه، لكنه توفى بعد أيام من دخوله المستشفى. على باب مستشفى الزهراء الجامعى علمت الناشطة السياسية أسماء حسنين أن من شاركت فى حمله هو الصحفى الحسينى أبوضيف، الذى أصبح فيما بعد شهيد الصحافة، والذى دفع حياته ثمناً للحرية التى ظل يهتف مطالباً بها طوال أحداث الثورة. مشهد استشهاد «الحسينى» ظل هاجساً يطارد أسماء، منذ أحداث الاتحادية التى راح ضحيتها، حتى وقت قريب إلى أن قررت إخراج فيلم وثائقى عنه يحكى تجربته فى الثورة منذ اندلاعها حتى استشهاده، وأطلقت عليه اسم «ضيف على الدنيا»، وهو أول عمل فنى يخلد ذكرى شهيد الحرية. الفيلم الذى قامت أسماء (26 عاماً) بإخراجه وكتبت له السيناريو استمدت معظم مادته من مشاركتها فى المظاهرات والفعاليات التى تدين اغتيال «أبوضيف» ومن جلساتها مع أقاربه وأصدقائه: «كنت عايزة أعرّف الناس العادية مش النشطاء أو السياسيين مين هو الحسينى أبوضيف الأيقونة الحقيقية للحرية». ثلاثة أجزاء هى ما يتضمنه الفيلم: الأول يتحدث عن حياة «أبوضيف» من خلال أقاربه وأهل قريته، والثانى يؤرخ لحياة أبوضيف الصحفية خصوصاً فى آخر عامين، وتعتبر أسماء أن هذا الجزء أكد لها الشك الذى راودها بشأن أن جماعة الإخوان المسلمين هى المسئولة عن مقتل أبوضيف قائلة: «كان يترصد لأخطائهم ويحاول الكشف عنها دون خوف لذا فهم يمثلون العدو الأول له»، أما الجزء الثالث والأخير من الفيلم فيتحدث عن عملية اغتيال أبوضيف، ويتحدث فيه الدكتور فخرى صالح، رئيس مصلحة الطب الشرعى الأسبق، الذى يؤكد أن مقتل الحسينى كان برصاص محرم.