الخطيب: نستهدف الوصول إلى حجم تجارة بين مجموعة D-8 إلى 500 مليار دولار في 2030    الهيئة العربية للتصنيع وشركة داسو الفرنسية تبحثان التعاون في مجال الصناعات الدفاعية    محافظ المنوفية يتفقد إنشاء مستشفى الشهداء باستثمارات مليار و300 مليون جنيه    فلسطين: سلطات الاحتلال نحتجز جثامين 761 شهيدا    بريطانيا ترسل 1100 خيمة إلى سكان غزة لمواجهة تدهور الأحوال الجوية    تريزيجيه قبل مواجهة الكويت: كأس العرب فرصة لإظهار قوة منتخب مصر    تاريخ مواجهات مصر والكويت في كأس العرب قبل مباراة اليوم    التحقيق مع 3 تجار مخدرات في اتهامهم بغسل 180 مليون جنيه    أجواء خريفية بالإسكندرية وتوقعات بسقوط أمطار غزيرة    حسن بخيت يكتب عن: ما أحوجنا إلى التربية الأخلاقية    وزير الخارجية يؤكد على ضرورة تكاتف أبناء الوطن لدعم الاقتصاد الوطني    ما هو موقف بكين من تهديدات ترامب ل فنزويلا؟ خبيرة في الشأن الصيني ترد    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة منتصف الأسبوع    موعد مباراة مصر ونيجيريا المقبلة استعدادًا للكان    مواعيد مباريات الثلاثاء 2 ديسمبر - مصر تواجه الكويت.. وبرشلونة ضد أتلتيكو مدريد    تشكيل مانشستر سيتي المتوقع أمام فولهام.. موقف مرموش    هيئة الاستثمار تشارك في العرض النهائي لبرنامج Elevate Lab لدعم الشركات الناشئة    محافظ أسيوط يعلن الجاهزية الكاملة لانطلاق انتخابات النواب بالدائرة الثالثة    ضبط 122 ألف مخالفة مرورية متنوعة في حملات أمنية    ضبط 379 قضية مواد مخدرة فى حملات أمنية    ضبط 14 متهمًا لاستغلال الأطفال في التسول بالإكراه    الفيشاوي وجميلة عوض يعودان للرومانسية في فيلمهما الجديد «حين يكتب الحب»    بعد واقعة التعدي.. مدرسة الإسكندرية للغات تعلن خطة شاملة لتعزيز الأمان داخل المنشأة    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 2ديسمبر 2025 فى المنيا    وزير الصحة يتابع مع محافظ البحيرة إنجاز المشروعات الصحية ويبحث التوسع في الخدمات    كيف تناولت الصحف الكويتية مواجهة مصر في كأس العرب؟    قمة نارية مرتقبة.. بث مباشر مباراة السعودية وعُمان اليوم في كأس العرب 2025    بسبب الشبورة المائية وأعمال الصيانة، ارتفاع تأخيرات القطارات على خط بورسعيد    راقصا أمام أنصاره.. مادورو يمد غصن زيتون لواشنطن    قوات الاحتلال تتوغل فى ريف القنيطرة بسوريا وتفجر سرية عسكرية مهجورة    روبيو يبحث هاتفيا مع نظيره الألماني الجهود المبذولة لإنهاء الحرب في أوكرانيا    وسط موجة من عمليات الخطف الجماعى.. استقالة وزير الدفاع النيجيرى    وزير الزراعة ومحافظ الوادي الجديد يبحثان تعزيز الاستثمار في مجال الإنتاج الحيواني    وزارة التضامن تقر قيد 4 جمعيات في محافظتي أسوان والقاهرة    «وزير الري»: الدولة المصرية تبذل جهودًا كبيرة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة    أسعار الخضراوات والفاكهة اليوم الثلاثاء 2 ديسمبر 2025    صحتك في خطوتك| فوائد المشي لإنقاص الوزن    أمينة عرفى ومحمد زكريا يضمنان الصدارة المصرية لتصنيف ناشئى الاسكواش    كأس العرب 2025.. مصر تصطدم بالكويت في أولى مباريات المجموعة الثالثة    بدء تصويت الجالية المصرية في الأردن لليوم الثاني بالمرحلة الأولى    "إعلام القاهرة" تناقش الجوانب القانونية لريادة الأعمال في القطاع الإعلامي    محافظ البحر الأحمر ووزيرا الثقافة والعمل يفتتحون قصر ثقافة الغردقة وتشغيله للسائحين لأول مرة    البديل الألماني يطرد عضوا من كتلة محلية بعد إلقائه خطابا بأسلوب يشبه أسلوب هتلر    بدأت وحجبت الرؤية من القاهرة إلى الصعيد، الأرصاد تعلن موعد انتهاء الشبورة الكثيفة    الحكم بحبس المخرج الإيراني جعفر بناهي لمدة عام    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    ما حكم الصلاة في البيوت حال المطر؟ .. الإفتاء تجيب    أصل الحكاية | «تابوت عاشيت» تحفة جنائزية من الدولة الوسطى تكشف ملامح الفن الملكي المبكر    المخرج أحمد فؤاد: افتتاحية مسرحية أم كلثوم بالذكاء الاصطناعي.. والغناء كله كان لايف    أصل الحكاية | أوزير وعقيدة التجدد.. رمز الخصوبة في الفن الجنائزي المصري    سر جوف الليل... لماذا يكون الدعاء فيه مستجاب؟    لغز مقتل قاضي الرمل: هل انتحر حقاً المستشار سمير بدر أم أُسدل الستار على ضغوط خفية؟    لغز صاحب "القناع الأسود" في قضية مدرسة سيدز الدولية وجهود أمنية مكثفة لضبطه    كيف تكشف المحتوى الصحي المضلل علي منصات السوشيال ميديا؟    بالأدلة العلمية.. الزجاجات البلاستيك لا تسبب السرطان والصحة تؤكد سلامة المياه المعبأة    أول ظهور لأرملة الراحل إسماعيل الليثى بعد تحطم سيارتها على تليفزيون اليوم السابع    تقرير الطب الشرعي يفجر مفاجآت: تورط 7 متهمين في تحرش بأطفال مدرسة سيدز    أقوى 5 أعشاب طبيعية لرفع المناعة عند الأطفال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شتاء سلطة اليمين المتأسلم
نشر في الوطن يوم 06 - 06 - 2013

كتبت منذ شهور قليلة عن علامات خريف سلطة الإسلام السياسى، التى اعتبرتها رمزيا بشائر أولى لقرب زوال حكمها، ووقتها خالفنى الرأى أشياع هذه السلطة. غير أن الشتاء يعقب الخريف، ويرمز عادة لقرب الانقضاء. وهذا هو شتاء سلطة اليمين المتأسلم يحل بقوة، ولكننا مقبلون على صيف ساخن، مؤذن بقرب انقضائها. ويرصد هذا المقال بعض علامات اقتراب نهاية هذه السلطة أو على الأقل تآكل التأييد الشعبى لها بسرعة مذهلة.
بعد عشرة شهور من إمساكهم بالسلطة، تكاد لا تخلو محادثة، ولو عابرة، بين بعض من الشعب من الشعور بالندم والخديعة للتصويت لتيار اليمين المتأسلم، خاصة ممن صوتوا له. وينصب هذا الغضب على شخص محمد مرسى، فالرئيس الحاكم، وإن لم يكن متخذ القرار الفعلى أو الوحيد، فهو رسميا رمز تلك السلطة. ولقد تتالت العلامات على تدهور شعبيته أو تأييد الناس لحكمه أو بالأحرى حكم جماعته.
مصداقا لاحتدام هذا الغضب الشعبى، أظهر استطلاع للرأى، أجراه المركز المصرى لبحوث الرأى العام، انخفاضا ملحوظا فى نسبة الذين ينوون انتخاب الرئيس مرة أخرى «إذا ما أجريت الانتخابات الرئاسية غداً»، حيث تراجعت هذه النسبة إلى 30% بعد أن كانت 37% فى نهاية الشهر التاسع و58% فى نهاية المائة يوم الأولى لحكمه، أى تراجعت باطراد إلى النصف تقريبا، بخسارة قرابة 30 نقطة كاملة خلال ستة شهور. وتنخفض نسبة الذين ينوون انتخاب الرئيس مرة أخرى إلى 23% فى الحضر، مقابل 35% فى الريف، وتظهر أيضاً اختلافات واضحة بين مناطق الجمهورية المختلفة، حيث تبلغ نسبة الذين ينوون انتخاب الرئيس مرة أخرى 19% فى المحافظات الحضرية، مقابل 26% فى الوجه البحرى و41% فى الوجه القبلى، وتقل بين الأعلى تعليما. أى إن تأييد الرئيس وجماعته، كما يعرف الجميع الآن، يرتفع فى فئات الشعب الأقل تعليما، ومن ثم الأشد عرضة للإغواء والترهيب السياسيين بالدين.
كما نجح فريق من الشباب باسم حركة تمرد فى جمع أكثر من مليونى توقيع لسحب الثقة من الرئيس الحاكم فى عشرة أيام، بمعدل مليون كل خمسة أيام، وذُكر أن ارتفع عدد الموقعين إلى ثلاثة ملايين بعدها بأيام قليلة. وإن استمر هذا المعدل فسيتخطى عدد، التوقيعات الساحبة للثقة، عدد من صوتوا للرئيس فى انتخابات الرئاسة، قبل اكتمال عام على رئاسته. وإن كان الرئيس الحاكم يعير رأى الشعب فيه أى التفات، كما لا ينفك يعظنا، فإن تعدى عدد الموقعين على سحب الثقة منه عدد الأصوات التى نالها بالحق، وليست كل الأصوات التى عدتها له جماعته أو لجنة الانتخابات، فإن احترامه للشعب ولنفسه يوجب عليه أن يتنحى ويدعو لانتخابات رئاسية مبكرة. ولا يقلل من أهمية هذا الشكل، من الاحتجاج الشعبى السلمى والصحيح ديمقراطيا، ما يدعيه أشياع اليمين المتأسلم الجهلة من أن توقيعات حركة تمرد ليس لها حجية قانونية أو سياسية. فعند ثقاة القانونيين أن الفكر الدستورى يؤكد أن السلطات الدستورية مستمدة من الشعب، الذى يملك سلطة أعلى من السلطة التأسيسية، التى تعلو بدورها السلطات الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية، وقال واحد منهم عن توقيعات تمرد تحديدا: «لو نجحت الحملة فى جمع 15 مليون توقيع فيجب إعلان خلو مقعد رئيس الجمهورية، والدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة، ولو استمر (مرسى) بعدها فسيكون مغتصباً للسلطة، وتصبح قراراته معدومة».
كما تهرأت القاعدة السياسية للتحالف الحاكم. فقد تمزق تحالف الحكم المكون من فصائل الإسلام السياسى. حيث أدى نزوع الإخوان المسلمين، باعتبارهم الفصيل القائد للتحالف الحاكم، إلى الاستئثار بالسلطة، إلى نفور حليفه السياسى السابق من السلفيين واشتداد التوتر بين الفصيلين، حتى خرج الخلاف بينهما والنقد الشديد من الفصيل المستاء إلى العلن. ووقت الكتابة كان وفد منهم يتصارع مع رجل الإخوان القوى نائب المرشد فى عاصمة الولايات المتحدة، على رضا الإدارة الأمريكية نصيرتهم فى اقتناص السلطة فى مصر، ولو بالإساءة إلى الفصيل الآخر، ممن يزعمون الرغبة فى الحكم بشرع الله. لاحظ أن التنافس بين الفريقين اللذين يدعيان أن غرضهما من السلطة هو إنفاذ شرع الله يجرى داخل أروقة الإدارة الأمريكية وليس على ساحة الشعب المصرى.
وليس غريبا أنه لم يتعرض رئيس مصرى إلى النقد المرير والسخرية بل والاستهزاء بقدر محمد مرسى. وظنى أن الرئيس الحاكم نفسه يشعر بذلك، كما تجلى فى علاقته المعقدة بالزعيم التاريخى جمال عبدالناصر، الذى مهما قيل فى نقد عيوبه، فلا جدال فى أنه قد تربع على قلوب الناس، ليس فقط فى مصر ولكن فى عموم الوطن العربى. وإن كان لدى الرئيس الحاكم من شك فليجرب محمد مرسى أن يعلن نيته الاعتزال ويرصد رد الفعل الشعبى على القرار، مقارنا برد الشعب على قرار ناصر الشجاع بالتنحى بعد هزيمة 1967.
والعلاقة بين الرجلين علاقة مركب نقص واضحة، ومركب النقص كمرض عصابى يتجلى فى التطاول أو التزلف من قبل من يشعر بالنقص على من يشعر بالنقص تجاهه.
لقد بدأ الرئيس الحاكم عهده فى خطاب ميدان التحرير الشهير، فى سكرة نشوته بالوصول إلى الحكم، معرّضا بالرئيس عبدالناصر وعصره، وملمّحا بالتطاول على العملاق. ولكن بعد تسعة شهور بمناسبة عيد العمال، ومع تصاعد الرفض الشعبى لحكمه، لجأ إلى التمسح بالرجل وعهده ليحاول أن يكسب نقاطا من القاعدة الشعبية التى ما زالت ترفع صور جمال عبدالناصر، فى فعاليات الاحتجاج الشعبى على ما جره حكم سلطة اليمين المتأسلم على مكتسبات الشعب، التى كان لعبدالناصر فضل كبير فى ترسيخها. ولا مناص هنا من الإشارة إلى أن فضل عهد عبدالناصر قد عم أسرة محمد مرسى وعاد عليه شخصيا بالخير العميم. فلولا استفادة والده من قانون الإصلاح الزراعى، الذى عارضته جماعة الإخوان بضراوة، لربما ظل والد الرئيس الحاكم أجيرا معدما، وانتهى محمد مرسى العياط مثله. لكن محمد مرسى استفاد من سياسات الناصرية فتعلم مجانا حتى الجامعة ثم انتفع ببعثة حكومية إلى الخارج ليحصل على الدكتوراه.
ولنتأمل ماذا فعلت عشرة شهور من حكم سلطة الإسلام السياسى بأحوال الناس وبالدولة المصرية، وفيها نجد مبررات تآكل التأييد الشعبى لسلطة الإسلام السياسى.
عادت سلطة اليمين المتأسلم إلى ملاحقة الشباب الثائر، والاعتقال بلا مبرر، والتعذيب الهمجى فى السجون والمعتقلات، بما فى ذلك التعدى الجنسى فى ظل حكم الإسلام المدعى، وفى أحيان حتى الموت، وإلى توظيف سيف القانون الطائش للعصف بحقوق المعارضين للحكم، بسلطان النائب العام غير الشرعى، المتهم بالتدخل فى سير تحقيقات وقضايا جار نظرها أمام القضاء، وهذه لمن لا يعلم جنايات. ذلك النائب نفسه الذى تباطأ، عمدا على ما يبدو، حتى فوّت موعد النقض على حكم البراءة لمتهمى موقعة الجمل، على الرغم من إتاحة لجنة تقصى الحقائق لمبررات جدية للطعن قبل الموعد المحدد للسيد النائب وللرئيس سويا، بينما سيادته يثب بأقصى سرعة للأمر بحبس الشاب الثائر. والغرض الظاهر هنا هو محاولة وأد الإمكان الثورى التحررى الذى يعتمل فى صدور الشعب لا سيما الشباب. ولكن كما فشل سابقوهم، فلن يفلحوا فى هذا المسعى الخبيث.
والشعب ما فتئ يجأر بالشكوى من لهيب الغلاء، ومن شح الحاجيات الأساسية للحياة العادية، ولا تعد سياسات سلطة الإسلام السياسى إلا بالمزيد من التعاسة. ولا غرابة أن اندلعت حركات الاحتجاج الشعبى متزايدة ومتصاعدة بينما اشتدت بربرية الأمن الباطش بحقوق المحتجين على تردى أوضاعهم المعيشية.
لقد فشلت السلطة التنفيذية، فى ظل حكم الإسلام السياسى، فشلا ذريعا فى الوفاء بحاجات المواطنين، وزادت هامشية ورداءة بمرور الوقت. ولم يُجد الترقيع الوزارى الذى طال انتظاره والذى أعلن فى النهاية، وكان رئيس الوزارة المسكين آخر من يعلم بشأنه، فتيلا فى رفع آمال المواطنين فى تحسن الأحوال، بل زاد على الحكومة البائسة قبحا وعلى الحكم عتامة وعلى الناس تعاسة. ويبدو أن هدفه الوحيد كان زيادة استئثار جماعة الإخوان المخادعين وأشياعهم بمناصب السلطة التنفيذية.
وقد أصبح سعى اليمين المتأسلم المحموم، لتقويض سيادة القانون وتطويع القضاء لتغول السلطتين التنفيذية والتشريعية التى اختطفت لمجلس الشورى، والتى كان يفترض أن تكون مؤقتة وتستعمل فى أضيق الحدود، حسب وعد الرئيس الحاكم، فضيحة دولية بجميع المقاييس.
فليستعد الجميع لمذبحة قضاء بشعة. فالرئيس محمد مرسى قال «لن أسمح بالتدخل فى القضاء»، وحيث لم يعد الرجل إلا وأخلف، والرجل هو أول من قوض سيادة القانون واستقلال القضاء بإعلانه الدستورى المنعدم، بسبب اغتصابه للسلطة التأسيسية، فالمذبحة قادمة لا ريب. ولعله أكمل، فى سره: «إلا من قبل الإخوان والسلفيين»!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.