هل الاتحاد الأوروبي بحاجة لمزيد من محطات شحن السيارات الكهربائية؟    انفجارات في مقاطعة كييف ومدينة سومي في أوكرانيا    أول تعليق من الزمالك على تجاوزات مصطفى شلبي بعد الفوز    محمد عواد يكشف حقيقة رحيله إلى الدوري السعودي ويؤكد: "هذا سبب تراجع مستويا مع الزمالك"    إصابة 13 شخصا بحالة اختناق بعد استنشاق غاز الكلور في قنا    مصرع شخص وإصابة 16 آخرين في حادث تصادم بالمنيا    روجينا تنعي المخرج عصام الشماع    مجتمع رقمي شامل.. نواب الشعب يكشفون أهمية مركز الحوسبة السحابية    خالد الغندور يوجه انتقادات حادة ل محمد عبد المنعم ومصطفى شلبي (فيديو)    هيثم فاروق يوجه رسالة لحمزة المثلوثي بعد التأهل لنهائي الكونفدرالية| تفاصيل    ختام فعاليات مبادرة «دوّي» بكفر الشيخ    مطار الملك خالد يصدر بيانًا بشأن حادث انحراف طائرة عن المدرج الرئيسي    إصابة 17 شخصا في حادث مروري بالمنيا    عمره 3 أعوام.. أمن قنا ينجح في تحرير طفل خطفه جاره لطلب فدية    عيار 21 الآن يسجل هذا الرقم.. أسعار الذهب اليوم الإثنين 29 إبريل 2024 في الصاغة    سامي مغاوري يكشف سبب استمراره في الفن 50 عامًا    رابطة العالم الإسلامي تعرب عن بالغ قلقها جراء تصاعد التوتر في منطقة الفاشر شمال دارفور    «مسلم»: إسرائيل تسودها الصراعات الداخلية.. وهناك توافق فلسطيني لحل الأزمة    نتنياهو يعيش في رعب.. هل تصدر محكمة العدل الدولية مذكرة باعتقاله؟    أول رد رسمي من الزمالك على احتفال مصطفى شلبي المثير للجدل (فيديو)    مدحت شلبي يقدم اقتراحا لحل أزمة الشحات والشيبي    عامر حسين: إقامة قرعة كأس مصر الأسبوع القادم بنظامها المعتاد    شاهد صور زواج مصطفى شعبان وهدى الناظر تثير السوشيال ميديا    شقيقة الفلسطيني باسم خندقجي ل«الوطن»: أخي تعرض للتعذيب بعد ترشحه لجائزة البوكر    سامي مغاوري عن صلاح السعدني: «فنان موسوعي واستفدت من أفكاره»    برلمانية: افتتاح مركز البيانات والحوسبة يؤكد اهتمام الدولة بمواكبة التقدم التكنولوجي    بعد عامين من انطلاقه.. برلماني: الحوار الوطني خلق حالة من التلاحم    تموين الإسكندرية: توريد نحو 5427 طن قمح إلى الصوامع والشون    التهديد الإرهابي العالمي 2024.. داعش يتراجع.. واليمين المتطرف يهدد أمريكا وأوروبا    بعد طرح برومو الحلقة القادمة.. صاحبة السعادة تتصدر ترند مواقع التواصل الاجتماعي    فراس ياغى: ضغوط تمارس على الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية للوصول لهدنة في غزة    "بلومبرج": الولايات المتحدة تضغط من أجل هدنة في غزة وإطلاق سراح الرهائن    السفيه يواصل الهذيان :بلاش كليات تجارة وآداب وحقوق.. ومغردون : ترهات السيسي كلام مصاطب لا تصدر عن رئيس    قرار عاجل من الزمالك بشأن احتفال مصطفى شلبي    إخلاء سبيل سائق سيارة الزفاف المتسبب في مصرع عروسين ومصور ب قنا    الأرصاد الجوية تكشف حالة الطقس اليوم الإثنين وتُحذر: ظاهرة جوية «خطيرة»    فيديو.. سامي مغاوري: أنا اتظلمت.. وجلينا مأخدش حقه    من أرشيفنا | ذهبت لزيارة أمها دون إذنه.. فعاقبها بالطلاق    هل مشروبات الطاقة تزيد جلطات القلب والمخ؟ أستاذ مخ وأعصاب يجيب    فهم حساسية العين وخطوات الوقاية الفعّالة    العناية بصحة الرموش.. وصفات طبيعية ونصائح فعّالة لتعزيز النمو والحفاظ على جمالها    «حياة كريمة».. جامعة كفر الشيخ تكرم الفريق الطبي المشارك بالقوافل الطبية    هل يؤثر تراجع الطلب على الأسماك في سعر الدواجن.. مسئول بالاتحاد العام للدواجن يجيب    وزير الاتصالات: 170 خدمة رقمية على بوابة مصر الرقمية    4 مليارات جنيه لاستكمال المرحلة الثانية من مبادرة حياة كريمة لعام 24/25    ربان الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في مصر يحتفل بعيد الشعانين ورتبة الناهيرة    ندوة حول تطور أذواق المستهلكين بالمؤتمر الدولي للنشر بأبوظبي    مصرع شاب في انقلاب سيارة نقل بالوادي الجديد    الإفتاء توضح حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع    دعاء في جوف الليل: اللهم جُد علينا بكرمك وأنعم علينا بغفرانك    3 حالات لا يجوز فيها الإرث شرعًا.. يوضحها أمين الفتوى    ضربة للمحتكرين.. ضبط 135 ألف عبوة سجائر مخبأة لرفع الأسعار    البابا ثيودروس الثاني يحتفل بأحد الشعانين في الإسكندرية    الاستعداد للعريس السماوي أبرز احتفالات الرهبان    بالصور.. الوادي الجديد تستقبل 120 طالبًا وطالبة من كلية آداب جامعة حلوان    طريقة تحضير بودينج الشوكولاتة    محمد أبو هاشم: حجاج كثر يقعون في هذا الخطأ أثناء المناسك    في أحد الشعانين.. أول قداس بكنيسة "البشارة" بسوهاج الجديدة |صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سر الريشة الرمادية
نشر في الوطن يوم 22 - 06 - 2012

اقتربت أيام فصل الشتاء واستعدت أسراب البط البرى للرحيل من الشمال البارد للجنوب الدافئ، للبط البرى شكل جميل وجسم رشيق، وحول عنقه ريش أبيض يبدو من بعيد كعقد من حبات اللؤلؤ تلمع تحت أشعة الشمس الذهبية، اتخذت كل بطة مكانها فى السرب يتقدمهم قائد الرحلة وهو أكبر البط سناً، قام بالعديد من الرحلات واجتاز أكبر البحار والمحيطات، واجه الكثير من الأخطار ويعرف العديد من الأسرار.
ولكن أكبر سر احتفظ به هو سر الريشة الرمادية التى لم تكن تفارقه فى أى رحلة يقوم بها مهما كانت صعبة وطويلة،
ريشة يضعها دائماً بين مخالبه يمسك بها كأنه يحتضنها ويستمد منها القوة والصبر على الشدائد التى تواجهه، فهو المسئول عن حماية السرب وتوفير الأمن والغذاء له طوال الرحلة.
وكلما حاولت إحدى البطات أن تسأله عن سر هذه الريشة كانت عيناه تمتلئان بالدموع ويطير وحيداً دون أن يبوح بسره.
اجتمع قائد البط بأولاده وأحفاده وقال لهم: «هذه آخر رحلة أقوم بها معكم، فقد امتد بى العمر وبدأت أشعر بالضعف، لم يعد جناحاى يخفقان بنفس القوة، ولم تعد عيناى قادرتين على اختراق السحاب، لذلك سأبوح لكم بالسر الذى احتفظت به أعواماً طويلة.. سر الريشة التى لا تفارقنى».. الكل كان حزيناً لأنها آخر رحلة للقائد الذى كان دائماً رمزاً للأمان، وبقدر حزنهم كانت فرحتهم بمعرفة سر الريشة الرمادية.
فى المساء اجتمع سرب البط حول بحيرة صغيرة، قال القائد: فى هذا المكان بدأت الحكاية، كنت صغيرا وكان والدى هو قائد الرحلة، وتوقف السرب ليرتاح قليلا، وأثناء الليل سمعت أصواتا تأتى من خلف البحيرة، كانت هناك مزرعة كبيرة يعيش فيها البط الأليف مع باقى الحيوانات.
تجمع حولى البط الأليف وحكيت لهم عن الرحلات التى أقوم بها كل شتاء وعن الأخطار التى تواجهنا والصعاب التى تعودنا على احتمالها، أحيانا يختطف صقر أو نسر بعضاً منا، أحيانا تفاجئنا رصاصة الصياد أو يسقط بعضنا فى البحر من شدة التعب، لكن السرب بكامله يستأنف الرحلة،
تعجبت إحدى البطات وسألتنى: «كيف تستطيع الطيران كل هذه المسافات؟»، خفقت بجناحى قائلاً لها: وما فائدة هذه الأجنحة التى خلقها الله لنا؟ إنها رمز الحرية التى ننعم بها.
قالت البطة: «نحن نخفق بأجنحتنا تعبيراً عن السعادة والفرح، قد نطير أحياناً ولكننا لا نستطيع أن نطير عالياً مثلكم».
قالت بطة أخرى: «يا لكم من تعساء! ما هذه الحياة التى تعيشونها؟! ليتكم سعداء مثلنا.. نحن لا نحتاج إلى البحث عن الطعام أو المأوى، لا نعيش فى خوف دائم مثلكم»، قالت بطة أخرى: «ما الذى يجعلنا نحلق عالياً فى السماء ونتعرض للمتاعب والأخطار وأمامنا الحياة الأسهل؟! يا لكم من أشقياء!».
قلت لها: على العكس نحن أكثر سعادة لأننا أحرار يكفى أننا نفعل ما نريد فى الوقت الذى نريده.
وبعيداً كانت هناك بطة رمادية صغيرة تماثلنى فى العمر تقف وحيدة تنظر إلىّ بحب وإعجاب، كنت أشعر أنها مختلفة عن القطيع، يشع من عينيها ذكاء وتحدٍّ.
سأل البط الأليف الخروف: من أكثر سعادة؟
تثاءب الخروف وقال فى كسل: «السعادة هى الراحة والكسل ونحن يأتى لنا الطعام من دون تعب، أما البط البرى فهو دائماً فى خطر، كيف إذن يشعر بالسعادة؟».
رأى الجميع شعاعين من ضوء أخضر اخترقا فجأة الظلام.. دخلت قطة مندفعة وقالت: «كنت أعيش مع أسرة تقدم لى الطعام ولكنى لم أشعر يوماً بالراحة أو الأمان، هربت من مضايقات الأطفال والحبس فى المنزل، قد أتعرض للكثير من الأخطار مثل البط البرى وأبذل جهداً فى الحصول على الطعام ولكن مع ذلك أشعر مثله بالسعادة فقد أصبحت حرة لا أحد يتحكم فىّ».
وفجأة رأت القطة أحد الفئران يجرى فاندفعت وراءه فى سعادة وهى تقول: «ما ألذ الطعام عندما تبذل جهدا فى الحصول عليه!».
سعدت بكلام القطة ولمحت هذه السعادة فى عينى البطة الصغيرة، زقزق عصفور صغير وقال للبط الأليف: «البط البرى أكثر سعادة منكم ففى كل رحلة يتعلم شيئاً جديداً ويكتسب العديد من الخبرات والصداقات».
قالت إحدى البطات: «نحن لسنا فى حاجة لبذل الجهد حتى نحصل على الطعام لذلك لا أحد يشعر بالسعادة مثلنا»، سمعتها الشجرة العجوز فقالت: «يقدم لكم صاحب المزرعة الطعام والشراب ليضمن لأسرته كل يوم وجبة شهية»، كانت خيوط الشمس الذهبية تنشر أشعتها وبدأت أستعد للرحيل.
اقتربت منى البطة الرمادية الصغيرة وقالت: «كم تمنيت أن أكون بطة برية تعيش فى حرية، السماء بيتها والشمس والقمر جيرانها، تتعرض للمخاطر ولكنها تواجهها بكل شجاعة وإصرار».
بكت البطة وتساقطت دموعها على ريشة من ريشها، قلت لها: «لنذهب معاً الآن فالسرب يستعد للرحيل».
ردت البطة فى يأس: «ليتنى مثلك أستطيع الطيران لمسافات».
هزت جناحيها فسقطت ريشة من ريشها أخذتها قائلا: لن تفارقنى ريشتك الرمادية أبداً سأضعها فى قلبى وأحملها بين مخالبى وربما نلتقى مرة أخرى وتروى لك ريشتك ما شاهدت فى رحلاتها.
قالت البطة: «سأنتظرك يا صديقى وحتى لو لم نلتقِ سأراك كلما لمحت سرباً من البط يحلق فى السماء، وأدعو لك بالسلامة، فقد علمتنى اليوم معنى جديدا للسعادة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.