اعتبر عدد من الصحف الغربية الصادرة اليوم، أن تشكك الرئيس السوري بشار الأسد في إمكانية نجاح أي محادثات سلام مع المعارضة من شأنه تغذية الأجواء التشاؤمية المتداولة على نطاق واسع حول ذات الأمر. فمن جانبها، أوضحت صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية أن الأجواء التشاؤمية التي تحوم حول إمكانية تمخض المحادثات المحتمل إجراؤها بين ممثلى الحكومة والمعارضة السورية عن تقدم جاد تستند إلى حقيقة عدم اتضاح هوية الجهات التي سوف تتحاور مع بعضها والموضوعات التي ستتناولها هذه المحادثات. وذكرت الصحيفة في معرض تعليق لها على آخر حديث أدلى به الأسد وبثته على موقعها الألكتروني- أن صفوف المعارضة خارج سوريا لا تزال حتى الآن غير قادرة على توحيد المجموعات المناوئة للأسد تحت مظلتها السياسية ، حتى أولئك الذين وقفوا تحت مظلة الجيش السوري الحر تخلوا عن محاولات استمالة المقاتلين المتشددين الذين يرفضون بشدة قيادات المعارضة. وقالت:" إن مؤيدي الأسد يزعمون أن أعداء النظام السوري في الخارج ومن بينهم الولاياتالمتحدة وإسرائيل ودول الخليج - لن يستفيدوا بثورة سوريا قدر استفادتهم بطول أمد الصراع السوري الذي سيضعف بدوره الأسد وحلفاءه بالمنطقة (إيران وحزب الله اللبناني)". وأشارت (نيويورك تايمز) إلى أن هذه المزاعم باتت أيضا تتداول بشكل كبير داخل صفوف قادة المعارضة نظرا لتنامي الاحباط من عدم رغبة الغرب في امدادهم بوسائل دعم غير مشروط. وتناولت الصحيفة التصريحات التي أدلى بها الأسد مطلع الشهر الجاري، خلال اجتماعه مع عدد من مؤيديه ومجموعة من السياسيين اللبنانيين؛ حيث أكد أن الولاياتالمتحدة ستقبل في نهاية المطاف بقاءه في السلطة اذا اعتقدوا أنه قوي عسكريا ويمكنه كبح جماح الجهاديين، مشيرا إلى أن قواته تقاتل حاليا من أجل استعادة السيطرة على مناطق بحمص ودمشق سيطر عليها من أسماهم بالمتمردين، وذلك من أجل زيادة نفوذه في المحادثات. كما أوضحت صحيفة (هافينجتون بوست) الأمريكية أن حديث الأسد بالأمس كان الأول من نوعه في تناول مستقبله السياسي منذ أن اتفقت واشنطن وموسكو قبل أيام على بذل الجهود لمحاولة احضار ممثلين عن الحكومة والمعارضة السورية على طاولة مفاوضات إحدى المؤتمرات الدولية. وذكرت الصحيفة في تعليق لها بثته على موقعها الإلكتروني أن حديث الرئيس السوري يسلط الضوء على الصعوبات التي تواجه الولاياتالمتحدة وروسيا لإحضار طرفي النزاع السوري على طاولة المفاوضات. وتناولت الصحيفة تأكيدات أغلب المعارضين بأنه لا يمكن توقع أن الأسد ودائرته المقربة سوف يتفاوضون بنوايا حسنة بعدما قمعوا المظاهرات السلمية بكل وحشية. إلى جانب ذلك، سلطت الصحيفة الضوء على الانقسامات التي شقت صف توحد المعارضة، وهو الأمر الذي تجلى في مدينة حلب حيث تحتدم المواجهات بين بعض المجموعات المعارضة المتشددة مما دفع إحداهم إلى خطف مقاتلي المجموعات الأخرى. واستدلت (هافينجتون بوست) على طرحها في هذا الصدد بذكر أن ائتلافا يسمى ب "مجلس القضاء" اتهم الأسبوع الماضي جماعة متمردة تسمى "غرباء الشام" بسرقة مصانع فى حلب، مما تسبب في احتدام المواجهات الدامية بينهما. وتعليقا على هذا الشأن، نقلت الصحيفة الأمريكية عن المحلل السياسي بمعهد التحليل العسكري للشرق الأدنى والخليج بلال صعب قوله: "إن التناحر بين المجموعات المسلحة الاسلامية واقع لا محالة، واصفا المشهد الراهن بالمستقطب والفوضوي. ومن جانبها، رأت صحيفة (الجارديان) البريطانية أن محاولات تعزيز قوة وتماسك المعارضة السورية التي التزمت بالحفاظ على تعددية البلاد لم تتمخض عن نجاح كبير. وقالت الصحيفة في تقرير لها بثته على موقعها الإلكتروني إن الحرب في سوريا دخلت حاليا عامها الثالث، ولا تزال المواقف الطائفية تتسع وتتصلب أكثر مما كانت عليه بل باتت المخاطر الإقليمية في انزلاق الدول المجاورة في الصراع السوري تتخذ مناحي أكثر عمقا. وأضافت:" أن الأسد لا يزال وسط هذا المشهد يتهم السعودية وقطر وتركيا بتأجيج نيران التمرد في بلاده وأصر على أن وقف دعم هذه الدول للمعارضين يجب أن يحظى بأولوية حال رغب المجتمع الدولي في إجراء محادثات سلام لحل الأزمة السورية". وذكرت الصحيفة البريطانية أن الجيش السوري الحر يبقى الجهة الرسمية للمعارضة المسلحة ولكن سلطته باتت تنكمش في ظل صعود نجم زعماء الحرب والانتهازيين وتقدم المجموعات التي تتصل بالقاعدة بنحو أصبح ينذر بأن سوريا ربما تنزلق في مجال غير قابل للسيطرة تتحكم فيه الميليشيات المسلحة وزعماء الحرب والجماعات التي لا تحارب من أجل أهداف قوية بل من أجل رفع راية الجهاد العالمي.