لم تتخيل الطفلة شيماء أن قُبلة والدتها لها قبل ذهابها للحضانة ستكون الأخيرة.. وأن المقابر التى مرت عليها فى الصباح ستكون سكنها فى المساء.. وأن الحلوى التى قامت بشرائها ستُقتل على يد أهلها خنقاً قبل أن تأكلها. شيماء فتحى قنديل، 4 سنوات، من أسرة متوسطة الحال، لأب يملك سيارة نقل، وأم ربة منزل، وأخت ل3 أشقاء هى أصغرهم، يسكنون فى منزل ريفى من 3 طوابق بقرية العويضة، إحدى قرى مركز قطور، محافظة الغربية، تقول الأم، التى تماسكت فى بداية كلامها، بصوت منخفض: «ابنتى طفلة بريئة، الشقاوة كانت تملأ عينيها، والابتسامة لا تفارق وجهها.. ذهبت للموت بقدميها، قبّلتها على خديها فى الصباح، وطلبت منها عدم التأخر، لكن لم أتخيل أنها ستعود للمنزل محمولة على الأعناق داخل صندوق، ملفوفة داخل كفن لألقى نظرة الوداع عليها». نفَس عميق انهارت معه الأم المتماسكة لتضع وجهها فى الأرض وتنهمر عيناها بالبكاء.. وبسرعة تتوجه الأم نحو شباك الحجرة وتشير بيدها إلى المقابر التى تبعد عن المنزل بنحو 15 متراً وتقول: «ابنتى تنام هناك ولا أستطيع أن أراها ولا أكلمها.. . بعد أن كانت نائمة فى حضنى أمس، كانت وردة سابقة لسنها، يومها بيومين، تعبت فى حملها وولادتها، وأيضاً هاتعب فى حياتى كلها بعد فراقها»، تسكت الأم لثوانٍ تنظر فيها لصورة ابنتها بحسرة وألم، ثم تعاود كلامها: «كرهت الفلوس اللى موّتت بنتى، تعالوا خدوا فلوسى كلها ورجعوهالى، لو طلبوا من أبوها الفلوس اللى محتاجينها كانوا هياخدوها وزيادة كمان، ليه يخطفوا ويقتلوا طفلة بريئة مالهاش ذنب فى الدنيا، للدرجة دى دمها هان عليهم؟». بجانب الأم يجلس الأب يشكو همه ويرثى طفلته، قال: «لو كنت وصلت إليهم قبل الشرطة لكنت مزقت جسد ابنيهما أولاً أمام أعينهم ثم جسدهما بعد ذلك، بنتى ذنبها إيه عشان تتعذب وتموت بالطريقة دى؟! لم أتخيل حتى هذه اللحظة أن ابن وابنة عمى قتلا ابنتى التى لم تقترف ذنباً فى حياتها سوى أنها خرجت فى الصباح متوجهة للحضانة فخرجت تلك العائلة التى نُزعت من قلوبها الرحمة وتجردت من المشاعر الإنسانية لتقوم بخطفها وتعصيب عينيها وتوثيق يدها واصطحابها للمنزل. وعندما تعرفت عليهم قاموا بتعذيبها وقتلها خنقاً.. خافوا أن يفتضح أمرهم». ويسرد والد الطفلة القصة قائلاً: «قبّلتها فى الصباح وتوجهت برفقة زملائها للحضانة القريبة من منزل المتهمين.. جلست فى المنزل حتى أذن للظهر فتوجهت للصلاة فى المسجد، وأثناء ذلك شاهدت الأطفال فى الشارع عائدين لمنازلهم عقب خروجهم من الحضانة، وبسؤالهم عن شيماء أخبرونى أنها لم تأتِ للحضانة اليوم فأسرعت لمقر الحضانة فأكد لى المسئولون عنها أنها لم تحضر اليوم، فقمت أنا وأهالى القرية بالبحث عنها.. ومن وقت لآخر كانت تأتى أسماء، أحد المتهمين، بدعوى البحث معنا عن الطفلة فى حين أن وجودها كان لمعرفة تحركاتنا، حتى وردت إلينا رسائل من هاتف محمول غير معروف تفيد بأن الطفلة مخطوفة ومطلوب مبلغ 100 ألف جنيه مقابل إطلاق سراحها وعدم إبلاغ الشرطة خوفاً على ابنتك فأسرعت بالاتصال على الرقم وجدته مغلقاً، فقمت بالرد برسالة (المبلغ جاهز.. هنتقابل فين؟) وانتظرت طويلاً وصول رد بتحديد المكان.. لكن دون جدوى، فتوجهت لمركز الشرطة وقمت بتحرير محضر بالواقعة، وعندما علم المتهمون بذلك واكتشفت الفتاة هويتهم تلقيت رسالة تقول (أنت بلّغت الشرطة.. خلى بالك من باقى اولادك)». يضيف والد الطفلة أنهم فى الصباح تلقوا اتصالاً من زوجة نجل عمه الثانى يفيد بعثورها على الفتاة ملقاة بمنور المنزل جثة هامدة، وأهالى القرية أرادوا حرق منزلهم غير أنه رفض ذلك خوفاً على المنازل المجاورة مطالباً بالقصاص العادل لدم نجلته. تقول ألفت، المتهمة الثانية ونجلة عم والد الطفلة: صوّر لى الشيطان خطفها ومطالبة والدها بفدية وأنه لن يمانع، حيث إن مستواه المعيشى متميز، فقمت بالتوجه إليها واصطحابها للبيت حتى الساعة الثانية عشرة والنصف، سمعت مكبرات الصوت بمسجد القرية تنادى على الطفلة، وخروج الأهالى للبحث عنها فى كل مكان، فقمت بتكميم فمها وتوثيق يدها حتى لا تُحدث صوتاً، وقمنا بإرسال رسالة على هاتف والدها عندما قام بإبلاغ الشرطة ونزولها القرية، وبدأت تقوم بعمل تحرياتها.. أردنا إطلاق سراح الفتاة، لكن عندما سألناها (أبوكى لو سألك هتقولى كنتى فين؟)، فكان ردها (كنت عند عمتى ألفت)، فقررنا التخلص منها». تقرير تشريح الطبيب الشرعى لجثة الطفلة القتيلة لمعرفة أسباب الوفاة، أكد وجود آثار تعذيب على جسدها وكدمات وسحجات وعمليات خنق برقبتها، وتبين أن وراء ارتكاب الواقعة كلاً من «حمادة. ع. ق»، 46 سنة، سائق، نجل عم والد الطفلة، وزوجته «أسماء. ع»، 40 سنة، ونجليهما إسلام، وأسماء وأيمن شلبى، خطيب الأخيرة.