لسنوات طويلة.. ظلت عبارة "المنحة ياريس" تتردد في الاحتفالات الرسمية بعيد العمال، لمطالبة الرئيس السابق حسني مبارك بمنحة مالية، لكن عيد العمال يحل هذا العام في ظل حكم أول رئيس مدني منتخب، وقائمة المطالب العمالية أطول بكثير من السابق، وقد حلت الاحتجاجات والاعتصامات محل المطالب المتواضعة بالمنحة. يرى العمال أن الانتفاضة التي أطاحت بمبارك في أوائل 2011 لم تحقق مطالبهم التي طرحوها حتى قبل الإطاحة بمبارك قبل عامين في مواجهات، كان أبرزها اشتباكات شهدتها مدينة المحلة الكبرى الصناعية في أبريل 2008، وكانت من العوامل التي مهدت لقيام للانتفاضة. تقول الناشطة الحقوقية دعاء درويش: "اليوم وبعد عامين من الثورة المشهد لم يتغير ولم يحصل العمال على ما كانوا يتمنون، وللأسف تصاعدت حدة الغضب وتحول التعبير عنه إلى قطع طرق واحتجاز مسؤولين ووزراء". ويطالب العمال بزيادة الأجور لتساير غلاء الأسعار وبتأمين صحي مناسب وتوفير قدر أكبر من الحماية من مخاطر العمل وتطبيق معايير السلامة المهنية على نحو أفضل، لكن آمالهم وطموحاتهم تصطدم بتردي الاوضاع الاقتصادية بسبب توقف الاستثمارات الخارجية وتراجع حركة السياحة واضطراب الوضع الأمني، إضافة إلى تراجع احتياطي النقد الأجنبي إلى نحو 13.4 مليار دولار بنهاية مارس، مقارنة مع 36.1 مليار في نهاية ديسمبر 2010. وفي مدينة المحلة بدلتا النيل يبدي العمال، حيث توجد كبرى مصانع الغزل والنسيج في مصر ويعمل بها أكثر من 20 ألفا، حالة من الإحباط نتيجة تراجع صناعتهم وتدهور أوضاعهم بعدما كان يراودهم حلم إعادة أمجاد القطاع. وقال السيد زكريا فهمي (45 عاما)، الذي يعمل في مصنع بالمحلة منذ 26 عاما، إنه "لا يوجد أي تطوير في الانتاج أو في التسويق، في بداية عملي في المصنع كنا نصدر لجميع دول العالم، والآن لا نصدر 5% مما كنا نصدره في السابق. المصنع لا يكسب حتى ما يكفي لدفع أجور العمال". وقال جبالي المراغي، رئيس اتحاد عمال مصر، ل"رويترز"، إن "نحن نحتفل بعيد العمال لابد أن نتذكر أن عمال مصر مطحونة حقوقهم منذ 30 عاما ونجاهد من أجل حل المشكلات". وأضاف: "زادت الرواتب بعد الثورة لكن في المقابل زادت الأسعار بشكل أكبر. لا يضيع حق وراءه مطالب، فحتى إذا كانت الحكومة لا تضع العمال على جدول أعمالها فنحن نفرض حقوق العمال على جدول أعمال الحكومة". وأشارت "رويترز" إلى أن تصريحات المراغي تعكس فجوة بين طموح العمال ورد الفعل الرسمي من جانب الدولة. وفي حين أعلنت مؤسسة الرئاسة إقامة احتفال عيد العمال هذا العام في قصر القبة الجمهوري بالقاهرة وتكريم عشرة من قدامى العمال النقابيين ومنحهم وسام العمل من الطبقة الأولى، أعلن 25 حزبا ومنظمة عمالية تنظيم مظاهرات ومؤتمرات عمالية حاشدة في أول عيد للعمال في عهد الرئيس محمد مرسي الذي تولى المنصب في 30 يونيو 2012. وتعتزم أحزاب معارضة ونقابيون ونشطاء تنظيم مسيرة حاشدة باتجاه مجلس الشورى للإعلان عن رفض التشريعات التي أصدرها والتنديد بعدم إصداره قانون الحريات النقابية. ويبدي العمال تحفظات كبيرة على التشريعات والقوانين التي صدرت بشأنهم بعد الانتفاضة ويرون أنها لا تلبي أيا من مطالبهم التي خرجوا من أجلها للإطاحة بالنظام السابق.