"3 غرز في رأس عمر"، و"عملية في فك فيرجيني"، و"أبو العز في حالة سيئة بمستشفي الحلمية"، و"الدبيس ورمضان في طرة"، هذه حصيلة الأحداث الدامية في ميدان العباسية الجمعة الماضية، التي هزت الوسط الصحفي ودفعت مجلس نقابة الصحفيين لعقد جلسة طارئة لمنع الاعتداء على الصحفيين. حملوا أقلامهم وكاميراتهم وتوجهوا إلى ميدان العباسية لتغطية أحداث "مليونية النهاية"، متذكرين ما أقسموا عليه بالحفاظ على أمانة الكلمة وتأدية عملهم بصدق، هم الصحفيين والإعلاميين الذين تم الاعتداء عليهم واعتقالهم من قبل الشرطة العسكرية. تواجدوا في ميدان العباسية بعدما وزعوا أنفسهم بين المتظاهرين وقوات الجيش محاولين نقل ما يحدث... كان شيئاً ما يدور داخلهم بأن الأحداث لن تمر بهدوء وربما يتعرضون للضرب والقمع، إلا أن حبهم لواجبهم وإصرارهم على تأدية عملهم كان أقوي من الخوف، مرت ساعات قليلة حتى بدأت الاشتباكات تدخل منحنى خطيراً، فالأحجار تتهاوي من جميع الاتجاهات فالمتظاهرين لا يملكون سوى أحجاراً يدافعون بها عن أنفسهم وقوات الجيش تحاول بقدر الإمكان إجلاءهم بعيداً عن محيط وزارة الدفاع مستخدمة الطوب و"خراطيم المياه" وأحياناً الرصاص. محمد عمر مصور "الوطن" كان واحداً من المصورين الذين سردوا بكاميراتهم تفاصيل اليوم الدامي، تواجد "عمر" في الصفوف الأولي بين المتظاهرين محاولاً تصوير ما يحدث، إلا أنه فوجئ بمجموعة من البلطجية ينادون على أفراد الجيش "إلحق يا باشا دا بيصور"، نداء البلطجية استقبله جندي من الجيش بتسديد "خرطوم المياه" في وجه "عمر" حتي فقد توازنه وأثناء عودته للخلف، فاجأه جندي آخر بسيل من الحجارة، يقول "عمر": "لم أشعر بإصابتي، إلا عندما وجدت سيلاً من الدماء لطخ ملابسي، فقمت بوضع يدي على رأسي أثناء الجري، لكن تهديف الجنود على رأسي بالحجارة كان أسرع من حركتي". مشهد العباسية ذكر "عمر" بموقعة الجمل في 2 فبراير 2011، قائلاً: "هذه ليست المرة الأولي التي يتم استهدافي منذ ثورة 25 يناير، حيث قبض على في موقعة الجمل، وتم الاستيلاء على معدات كانت بصحبتي ثمنها 50 ألف جنية، وتسليمي إلى الجيش الذي قيدني ووضعني في السجن". "عمر" الذي أصيب في رأسه نتج عنها 3 غرز وتهتك في أربطة اليد اليمني، لم يكن المصور الوحيد الذي أصيب في الأحداث، فهناك فيرجيني نوين مصورة "المصري اليوم" البلجيكية التي أصيبت في وجهها ب"طوبة" نقلت على أثرها إلى مستشفى عين شمس التخصصي، وأثناء تلقيها العلاج صاح جندي: "كانت مع المتظاهرين"، بعد النداء اصطحب أحد أفراد الجيش "فيرجيني" إلى مستشفى الحلمية العسكري وبعدها إلى مقر الأمن الوطني للتحقيق معها -بحسب رواية زميلها أحمد هيمن المصور ب"المصري اليوم"-، "فيرجيني" ترقد الآن في أحد المستشفيات الخاصة لإجراء عملية جراحة في فكها. إسلام أبو العز الصحفي بموقع "البديل" الإلكتروني أصيب خلال الأحداث وتم نقله إلى مستشفى الحلمية العسكري، وتقول نفيسة الصباغ مدير تحرير الموقع: "تم القبض على أثنين، "أبو العز" الذي تم نقله إلى المستشفى في حالة سيئة، وأحمد رمضان الذي تم حبسه في سجن المزرعة بطره 15 يوماً". قصص الانتهاكات ضد الصحفيين لم تنتهي بأحداث "العباسية" يوم الجمعة، حيث تعرض محمود الدبيس الصحفي ب"الوطن" للاعتداء من قبل الجيش أثناء تغطيته للوقفة الاحتجاجية لأهالي المعتقلين أمام المحكمة العسكرية أمس، فيما استمر حبس الزميل عبد الرحمن مشرف بالموقع الإلكتروني. حملة الاعتقالات تعدت الصحفيين لتطول مراسلي القنوات الفضائية، حيث تم القبض على 6 من طاقم قناة "مصر 25 يناير"، أثنين تم حبسهم 15 يوماً هما أحمد عبد العليم وأحمد فضل، والباقين مصعب حامد، وحسن خضري، وأحمد لطفي، ومحمد ربيع معتقلين رهن التحقيقات. أحمد فرج مصور بتليفزيون "النهار"، كان أوفر حظاً من زملائه، فخلال تصويره أعلي كوبري المشاة في العباسية سقطت بجواره قنبلة غاز مسيلة للدموع، اضطر معها إلى مغادرة الكوبري والهروب باتجاه "غمرة"، إلا أنه فوجئ بمجموعة من البلطجية بانتظاره ما جعله يسلك أحد الشوارع الجانبية ويختبئ في أحد العقارات، يقول "فرج": "سكان العقار أخفوني من الجيش والبلطجية". من جانبها، وصفت عبير سعدي وكيل نقابة الصحفيين الاعتداء على الصحفيين ب"العبس"، وقالت "عبير": "فور علمي باعتقال الصحفيين اتصلت بإدارة الشئون المعنوية بالقوات المسلحة للإفراج عنهم، إلا أنني وجدت ردا ً وسؤالاً صادماً، لماذا ذهبوا إلى هناك؟، وأضافت "عبير": "من حق الصحفيين التواجد في قلب الأحداث... لسنا ضعفاء ولن نسكت بعد اليوم عن أي اعتداء على الصحفيين أثناء عملهم".