قال كمال الهلباوى، القيادى الإخوانى السابق، إن التنظيم الدولى لا يستطيع أن يدعم الإخوان فى حكم مصر لأنه ببساطة لا يوجد تنظيم، وأوضح الهلباوى أن موارد الجماعة -على عكس ما يتصور الكثيرون- محدودة، وأن هناك إخوانا أثرياء ولكن هؤلاء لن يهبوا أموالهم لإخوان مصر والتنظيم الدولى، وأكد أنه ليس لدى الإخوان شىء يعولون عليه سوى الرضا الأمريكى، لأنهم تنظيم محاصر دوليا وجماعة غير مرحب بها فى معظم دول العالم، وأن الإخوان تسرعوا بالقفز للسلطة وهم غير مهيَّئين لها، والنتيجة أنهم أساءوا لأنفسهم وللمشروع الإسلامى وأصبح بعض قادة الإخوان لا يستطيعون أن ينزلوا للشارع دون حراسة... ■ إلى أى حد يمكن للتنظيم الدولى للإخوان دعم فرعهم فى مصر من خلال نقل استثماراته فى الخارج إلى مصر؟ - لا أظن أن الإخوان أو التنظيم الدولى لديه أموال ضخمة أو قدرة على تحريك استثمارات مؤثرة من دول العالم إلى مصر. ■ لماذا؟ - لأن مشروع التنظيم الدولى بدأ كفكرة طموحة لم تتحقق فى منتصف السبعينات، ومع خروج قادة الإخوان من السجون فى عهد الرئيس السادات فكروا أن يلعب الإخوان فى دول العالم دورا أكثر فاعلية.. وتبلورت الفكرة فى بداية الثمانينات لكن الفكرة تعثرت لأسباب كثيرة منها الاعتبارات الأمنية واختلاف الظروف من دولة لأخرى، وأذكر على سبيل المثال أن حسن الترابى رفض إعطاء البيعة لمرشد الجماعة وقتها عمر التلمسانى مفضلا أن يدير إخوان السودان شئونهم بأنفسهم وسار فى طريقه المعروف لاحقا. ■ معنى ذلك أنه لا يوجد تنظيم دولى؟ - حتى استقالتى من الجماعة كان الموجود فعليا هو ما أسميه «تنسيق دولى» وليس «تنظيما دوليا». ■ ما الفرق؟ - الفرق كبير، فقد اقتصرت فكرة «التنظيم» على التنسيق الدولى فى وضع المناهج التربوية وبرامج التدريب المختلفة وتنسيق المواقف السياسية تجاه قضايا متعددة، ومنها طريقة التعامل مع الآخر، والآخر هو كل من هو خارج دائرة الإخوان، أما فكرة التنظيم فكانت أكثر طموحا وكانت تعنى أن يسمع الجميع فى العسر واليسر لمرشد واحد ويطيعوه دون أى اختلاف فى الرأى والرؤية. ■ معنى ذلك أن التنظيم الدولى لن يكون قادرا على مساعدة الإخوان فى تجربتهم؟ - بالعكس، قد يكون التنظيم عبئا، لأن دولا كثيرة قد تزيد من ملاحقة مستثمريها الراغبين فى العمل فى مصر خوفا من انضمامهم لهذا التنظيم، ومن خلال تجربتى أؤكد لك أن المال هو أصعب الملفات فى التنسيق، لأن الناس كلها مطحونة، أثرياء الإخوان فى الخليج وغيره يمكن أن يساعدوا بدفع أموال زكاتهم لمؤسسات الإخوان، لكن فى النهاية لن يتبرعوا بأموالهم، وليس للإخوان القدرة على تحريك أموال ضخمة لاستثمارها من دولة إلى دولة. ■ معنى ذلك أن ما يقال عن مليارات الجماعة فى الخارج وهَم، والكلام عن الأموال الضخمة التى يديرها «يوسف ندا» وجمعية «الإصلاح» فى الكويت وغيرهما مبالغات؟ - هناك بعض الإخوان الأثرياء، لكن لا أعرف أن لدى الجماعة هذه المليارات التى تتحدث عنها، وجمعية الإصلاح التى تتحدث عنها أنشأتها وأدارتها أسرة كويتية ثرية تميل للإخوان ليس أكثر، وبنك «التقوى» الذى أنشأه يوسف ندا وغالب همت انتهى، مرة أخرى هناك مؤسسات غنية للإخوان لكنها تخص أصحابها، وهؤلاء ستكون مساعداتهم فى حدود ولن يتبرعوا بهذه الأموال للجماعة ولن يبقى لإخوان مصر سوى التمويل الذاتى من مداخيل أعضائها التى تتراوح بين 3 و10% من دخولهم، وهذه الاشتراكات تكفى الجماعة بالكاد للإنفاق على أنشطتها الكثيرة والمكلفة. ■ علامَ يمكن أن يعول الإخوان فى حكمهم لمصر؟ - لا أظن أن لدى الإخوان أى شىء يعولون عليه سوى الرضا الأمريكى، فالإخوان للأسف تنظيم محاصر دوليا وجماعة غير مرحب بها فى معظم دول العالم، فروسيا تعتبرهم رسميا جماعة إرهابية، والصين -التى أعملت القتل فى مسلمى الإيجور فى إقليم شانج يانج- لا تحبهم، وفرنسا تضيّق على مسلميها ولن تسمح لهم بالحركة، ولا يوجد بلد واحد فى العالم -باستثناءات قليلة، خصوصا فى الغرب- يمكن أن يتحمس لمشروع الجماعة أو يسمح لكوادرها بالحركة على أرضها، وسأعطيك مثالا واحدا: فى بولندا مؤخرا سارعت السلطات هناك بطرد وفد حماس من الفندق بعد أن علمت أنهم ليسوا جزءا من حكومة فتح، وهذا ليس غريبا لأن الجماعة تعانى من مشكلات حتى فى بلاد تتمتع فيها بحضور قوى مثل ليبيا. وحتى فى السودان يعادى أبناء الحركة الإسلامية القوية هناك بعضهم بعضا ويلاحق من فيهم فى السلطة من هو خارجها. وأكثر ما أخشاه أن تستغل الولاياتالمتحدة الجماعة ثم تنقلب عليها، فالأمريكان يوظفون الجميع مرحليا حسب مصالحهم، فقد أنشأ الأمريكان الحركة الإسلامية فى أفغانستان ولم يكن هناك من يتصور أن يكون لأفغانستان حاكم من غير المجاهدين، ثم جاءوا ب«قرضاى» حاكما عليها. وأتصور أن لديهم «قرضاى» آخر لسوريا ولكل بلد، وسبق أن استغل الأمريكان الإخوان للقضاء على صدام حسين وجاء القيادى الإخوانى «حاجم الحسن» مع الحاكم الأمريكى للعراق فى 2003 «بول بريمير» الذى عين «الحسن» أول رئيس للمجلس الوطنى فى العراق. ■ لكن هناك عشرات من الجمعيات الغربية الكبيرة فى الولاياتالمتحدة وأوروبا تابعة للإخوان؟ - هذا صحيح، ولكن هذه الجمعيات إما إغاثية تجمع تبرعات يذهب معظمها لفلسطين وللعراق والآن لسوريا، أو جمعيات طلابية تحاول نشر دعوة الإمام حسن البنا وهذه لا موارد لها، أى إن هذه الجمعيات بنوعيها غير قادرة على دعم إخوان مصر، وتقديرى أن الجماعة غير مستعدة للحكم الآن، وكان يمكن أن تعوض هذا القرار المتسرع بالعودة للشعب، خصوصا أن المشروع الإسلامى عظيم وقادر على إنقاذ مصر، ولو حافظ الإخوان عليه لحملهم الناس على أعناقهم ولكن أخطاءهم الفجة أساءت لهم وللمشروع، و«مرسى» أصبح رئيسا لكنه ما زال يفكر بعقلية التنظيم الخاص، وللأسف كثير من قادة الإخوان لا يستطيعون الآن أن ينزلوا للشارع بدون «بودى جاردات»، ولذلك أعتقد أن الجماعة بحاجة إلى ثورة إصلاحية.