نظم مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية يوم الخميس 25 أبريل الماضى فى واشنطن مؤتمراً تحت اسم «مصر الجديدة» أو «The New Egypt». وقد شاركت فى حضور هذا المؤتمر مع نخبة من السياسيين والإعلاميين المصريين، لمناقشة الرؤى المختلفة لوضع مصر الحالى وفى المستقبل من وجهة نظر الحزب الحاكم والمعارضة والجيش. وقد حرص منظمو المؤتمر على أن تمثل الثلاثة أطراف الفاعلة فى معادلة السياسة المصرية الآن، فقد كان هناك تمثيل لحزب الحرية والعدالة والمعارضة المصرية والجيش المصرى. ومن أبرز الحضور، مع حفظ الألقاب، كان نجيب ساويرس ومنار الشوربجى وسامح سيف اليزل وعمرو دراج وعمرو حمزاوى وزياد بهى الدين وعادل حمودة ودينا عبدالفتاح. وتم تقسيم الحوار إلى جزأين؛ أحدهما خاص بالشأن الداخلى، والآخر خاص بالعلاقات الخارجية. وقد مثل جماعة الإخوان المسلمين فى الشأن الداخلى من الحلقة النقاشية شخص لم أتشرف به قبل ويدعى مصطفى الحسن، ولم يكن موفقاً على الإطلاق لدرجة جعلت الدكتور عمرو دراج يتنصل منه ويقول: «هذه أول مرة أقابله، وهو لا يمثل حزب الحرية والعدالة». على الأرجح كان الأستاذ مصطفى يمثل الجماعة لأن خطابه المتعالى والمتخبط والمغاير للحقيقة جاء متناسقاً مع تصريحات الجماعة؛ فقد شن الأخ مصطفى هجوماً حاداً على المعارضة معتبراً من وجهة نظره المتفذلكة أن «مصر بها حزب واحد ينطلق للأمام ويعمل، والباقى لا يفعل شيئاً إلا المعارضة»، بل تمادى سيادته فى تحقير كل من ليس إخوانياً، فقال إن «مصر بها حزب واحد يضع رؤى ولديه أفكار للمستقبل، فى حين يفتقر الباقى للفكر الجيد»، ودافع مصطفى عن الرئيس مرسى باستماتة معلناً أن الرجل لا يكل ولا ينام وسافر من رحلة إلى رحلة لحل مشاكل مصر. ويبدو أن مصطفى قد نسى أنه فى الولاياتالمتحدة، ويتحدث أمام مجتمع مثقف، فراح يتغزل فى الاقتصاد المصرى وقوته فى عهد الإخوان، ما أفقده كل ما تبقى من مصداقية. وقد رأيت أن أغرب ما جاء فى فقرة الشئون الداخلية هو دفاع منار الشوربجى عن هجمة الإخوان على القضاء المصرى، كما جاء موقفها من مشروع تديين الدولة ملتبساً حيث أعلنت أن الدين الإسلامى سيلعب دوراً مهما فى السياسة فى الفترة المقبلة، وسقط منها سهواً أن مصر بها 15 مليون مسيحى. وقد اضطر نجيب ساويرس وبعض الحضور إلى مخالفتها وجهة النظر فى حق الإخوان فى ذبح القضاء المصرى وإقحام الدين فى السياسة. وكانت حلقة العلاقات الخارجية التى مثل فيها عمرو دراج حزب الحرية والعدالة حلقة متميزة، حاول فيها بذكاء شديد تقديم صورة إيجابية عن حكم الإخوان وتطلعاتهم، ونجح إلى حد كبير فى تحييد معارضيه إلا سامح سيف اليزل، الذى اعترض بشدة على التقارب الإخوانى الإيرانى ووصفه بالمهدد للأمن القومى المصرى، إلا أن عمرو دراج حاول تخفيف وتهدئة الأمريكان من هذا التقارب، معرباً عن أنه ضمن خطة تقارب أوسع لمصر تستهدف دول الخليج العربى وبعض الدول المحورية فى المنطقة. وقد اضطر عمرو دراج إلى أن يتنصل من عصام العريان أيضاً بعد أن سئل عن ازدواجية وتناقض خطابه الذى يقول إن حزب الحرية والعدالة ومؤسسة الرئاسة يسعيان إلى التقارب مع الخليج فى حين أن عصام العريان يشن هجوماً على دول الخليج فى ذات اليوم متحدثاً عن تهريب النظام السابق للأموال إلى دول الخليج، وجاء رد عمرو دراج بأنه «يسأل عن هذه التصريحات من أطلقها وأنها لا تمثل الحزب». واتهمت المعارضة الحزب الحاكم بالتخبط فى صناعة السياسة الخارجية لمصر، وإقصائها عن المشاركة فى وضع هذه السياسة، وتركها على هوى الإخوان، وهو ما يضر بالأمن القومى والاقتصاد والعمالة المصرية فى الخارج. ولم يكن أمام الدكتور عمرو دراج إلا أن يعلن أن حزب الحرية والعدالة سوف يرسل إلى الأحزاب الأخرى ويدعوها إلى اجتماع لمناقشة السياسة الخارجية قريباً. الغريب فى كل هذا أن حزب الحرية والعدالة أبدى مرونة شديدة واستعداداً فوق العادى للتعامل مع المعارضة، ولكن يبدو أن هذا يحدث فقط على الأراضى الأمريكية حيث يجيد الإخوان بيع الكلام للمصريين وللأمريكان.