«أريد وطنا.. أريد وطنى.. وطنى وأنا حر فيه وإن لعنته وضقت به.. وطنى وإن ثرت لأغيره للأفضل وطنى»، هكذا أجابنى الحاضر رغم الغياب القدير محمود درويش فى نهاية حوارى على الهواء معه، وكنت آنذاك أقدم على شاشة النيل الثقافية برنامجى «المرايا» قبل رحيل شاعر الوطن المسلوب ربما بعام أو أكثر قليلا.. نطقت كلماته تلك عيناه الدامعتان قبل لسانه بكل معانى العشق بل والتفانى فى عشق الوطن الحلم وما يحمله من معانى السكن والحرية حرية الفعل والقول والعمل.. حرية الإرادة والفكر، فأنت لست قاصرا لتكتب ما يملى عليك الحرية التى منحها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جاء برحمة الإسلام ليعتق العبيد.. التى دفع ثمنها شهداء من أطهر وأنقى زهور الوطن فقط لكى تكون حرا قادرا. الاختيار.. اختيار أن تبقى مصر حرة قادرة على احتواء الجميع دون تفرقة أو شرط. نعم نعيش لحظات حاسمة يشوبها قدر من العبث، متاهة جماعية للإجابة عن سؤال إجبارى، الماضى بعلاته أم الإطاحة بكل مفردات الحياة كما عرفتها وصولا إلى العاصمة ذاتها؟! وفى السوق الانتخابية المفتوحة كل شىء مستباح.. تجارة باسم الشهداء والثورة بأحلام البسطاء، حتى إخواننا من متحدى الإعاقة لم يسلموا من أيادى متعطشى السلطة، فيما يواصل آخرون التجارة باسم الله العدل الحق.. الذين يحرمون عليك عيشتك لصالح حلم الخلافة الذى يطيح حتى بأعمق معانى الانتماء لأرضك وحدودها وسيادتها تلك الأرض التى إن مت دونها تنل درجة الشهداء.. بالله عليك ألا يعرف عن هذا كله شيئا مولانا أمير الانتقام المتحدث الرسمى باسم الإسلام؟! أى عبث.. ولكن للأمانة علينا ألا ننسى فى توهة لحظاتنا الحاسمة التى نعيشها وعدا للثوار هو كلمة حق صادقة من أحدهم.. يعنى من أصحاب السوق الانتخابية لنا فى ذمته بونبون.. يا قلب اصمت الآن صمتا انتخابيا كما لو أن الشعب المصرى لم يكتف بأكثر من ثلاثين عاما من الصمت الانتخابى الإجبارى.. سيقولون دع الصندوق يتكلم وأقول سرقوا الصندوق وحلمه لكن مفتاحه معانا، وهم الديمقراطية كما لو أن الشعب قيد تدريب على كيفية التصرف إزاء إنذار حريق كاذب.