«لا كرامة لنبى فى وطنه».. و«زمار الحى لا يطرب».. أمثال كنت أعتقد أنها انتهت أو تغير مفهومنا القديم لها حتى أدركت أننا لا نتغير وسنظل دائماً نزرع خارج أراضينا ونبنى للغير.. أنا لا أعرف سبباً واضحاً لتعلق الإعلام الرياضى بالبرتغالى مانويل جوزيه، المدير الفنى السابق للأهلى، ولا أعرف لماذا كل هذا الحب المفاجئ، رغم أن العلاقة بين الإعلام الرياضى وجوزيه أشبه بعلاقة الأهلى والزمالك فى «الديربيات»، الكل يبحث عن المكسب على حساب الآخر، فلا أجد داعياً أبداً أن يحتفى الإعلام الرياضى بكل وسائله من تليفزيون وإذاعة وصحف وإنترنت بموعد وصول جوزيه للقاهرة لقضاء عطلة سنوية أو قضاء بعض الوقت الجيد مع أصدقائه، وهذا حق مشروع له. من الطبيعى أن تجد للمدير الفنى معجبين من الجماهير، أما من الإعلام فالأمر غير طبيعى، فإذا تعامل الإعلام الرياضى بحق وبميزان العدل، فالعدالة غائبة عن الوطنى حسام البدرى، المدير الفنى للأهلى، الذى حقق الإعجاز قبل الإنجاز، فهو المدرب الذى تحمّل ما هرب منه البرتغالى جوزيه، البرتغالى خشى من تحمل المسئولية التى تسلمها البدرى فى ظروف صعبة وتحامل عليه الجميع بمطالب حصد البطولات دون أى مقومات، فاللاعبون الذين حصدوا البطولات لجوزيه أصبحوا مع البدرى أسماء فقط واختلفت قدراتهم الفنية بمعدل أعمارهم التى اختلفت، وأعاد البدرى اكتشافهم من جديد وحصد بهم البطولات وأبهر بهم العالم فى اليابان بدلاً من أن يذبحهم، كما ينادى تقرير جوزيه الفنى قبل رحيله. أنا لا أرفض الاحتفاء بجوزيه، ولكنى أطالب بالنظر بنفس العين إلى القدير حسام البدرى الذى يعمل فى صمت وبأقل الإمكانيات، ابن النادى تحمّل الكثير من أجل سمعة ناديه ولم يقدره الإعلام ولم يحصل على حقه الكامل لنتأكد أن «زمار الحى لا يطرب» إذا وضعنا جوزيه فى مواجهة البدرى فى فترات تولى البدرى بعد جوزيه وبالأرقام التى لا تكذب يتفوق البدرى عن جوزيه تفوقاً كبيراً، وهنا تأتى المفارقة إذا كانت الأرقام تنحاز صراحة للبدرى فلماذا ينحاز الإعلام لجوزيه؟! فى الحقيقة أنا لا أنكر أن جوزيه يستحق التقدير، ولست على خلاف معه أو لا تربطنى به علاقة طيبة، بل على العكس علاقتى معه طيبة جداً، وأحترمه وأقدره كمدرب حقق الإنجازات مع الأهلى، ولكننى أطالب بنفس التقدير مع حسام البدرى الذى حقق الأفضل فى الوقت الأصعب والذى برهن عن نفسه بقوة وأثبت أنه ناجح داخل الأهلى وخارجه فهو بطل الدورى السودانى مع المريخ فى إنجاز تاريخى خارج الحدود ليثبت أنه لا يفرق بعيداً عن الأهلى وأن الموهوب موهوب داخل الحدود أو خارجها، أما علامات الاستفهام التى تحيط جوزيه منها عدم توفيقه فى الدورى السعودى والدورى الإيرانى، فضلاً عن المنتخب الأنجولى، فالمدرب الحقيقى هو من ينجح فى أجواء مختلفة ويمتلك القدرة على إثبات نفسه مع أكثر من فريق وتكون له تجارب ناجحة، وهذا هو الفرق بين الاحتراف والمحلية. على مستوى اللاعبين نجد البعض يتألق مع الأندية المحلية، وإذا ما حصلوا على فرصة احتراف أو فرصة مع المنتخب يفشلون ووقتها يتم تصنيف اللاعب بأنه لاعب محلى.. هل وصلت الفكرة؟ البدرى مدرب محترف فى وسط محلى، وجوزيه مدرب محلى فى وسط محترف، فمن يحقق النجاح يستطيع أن يكرره إذا كان له دور حقيقى فى النجاح بعيداً عن المنظومة التى يعمل بها وإذا كان النجاح وليد المنظومة فلن ينجح أحد خارجها؛ لأن الثقة بالنفس تأتى من الفرد، أما من يأتى ليتسلح بالمنظومة ليستعيد ثقته وذكرياته فصلاحيته الفنية انتهت بخروجه من المنظومة بخلاف من يتسابق الجميع للتعاقد معه سواء كان محلياً أو خارجياً.