سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مثلث "ماسبيرو" :النيل أمامكم ..والأبراج خلفكم.. والسكان تحت أقدامكم أحمد الحلاق: «مش عاوزين غير تعليم نضيف لعيالنا وبيوت محترمة نسكن فيها زى ما عملوا مع أهالى زينهم»
هنا يقبع الأهالى فى انتظار ممض، المكان يدفع بهم لحافة هاوية القلق من المجهول، لكنه مجهول معلوم: التهجير، ذلك الوحش الغامض الذى يجعل الأهالى يبيتون ليلهم، وفى مخيلتهم أن الصبح سيجىء عليهم فى منطقة أخرى. يسكنون فى قطعة صغيرة، هندسياً تشبه المثلث، وقربها من مبنى الإذاعة والتليفزيون جعل اسم المنطقة المتعارف عليها «مثلث ماسبيرو». الشيخ على والفرنساوى وزهر الجمال، المناطق التى تكوّن المثلث، التابع لمنطقة بولاق، كما يقول عم أحمد عبدالشافى، ذو الخمسين عاماً، وأحد أهالى مثلث «ماسبيرو» القدامى. يعمل عم «أحمد» فى مهنة الحلاقة، صالونه بسيط التأسيس هو مقر مملكته الذى يستقر فيه أسفل بيته. مهنة توارثها عن الأجداد كما توارث المكان. الأرض كالروح لا يمكن الانفصال عنها. ورثه أبوه البيت والدكان، فتقبلهما منه قبولاً حسناً، وأنبت البيت وجدد الدكان بما يقتضى العصر. لا يرغب عم «أحمد» فى مغادرة المثلث. يقبل بعطن الرائحة المنتشر فى الأجواء، وعدم وجود حتى فرن خبز يمنحهم أرغفة العيش بسهولة، ويرضى أن يكون البيت على شفا حفرة من التهدم، لأنه يحب المكان، يجد فيه رائحة الماضى، وذكريات الذين رحلوا. إنسان بلا مكان، إنسان فاقد للذاكرة. يقول عم «أحمد» إن ذاكرته معبأة بحوارى المكان وأزقته. الراحلون كلهم من الأقربين كانوا هنا. ثمة خيانة سوف يشعر بها إن هجر المكان للسادس من أكتوبر كما تحدث بعض المستثمرين، وعرضت عليهم الحكومة، كما يحكى حلاق المثلث. الرزق فى المثلث غير وفير، أغلب السكان من الفواعلية والصنايعية، الذين لا يضمنون رزق الغد، يغدون خماصاً ويحلمون أن يعيدهم الله بطاناً. ضيق عليهم الحال عقب بناء سور شائك يحف المثلث من ناحية مبنى «ماسبيرو». أصاب سمكريى السيارات والنجارين وغيرهم وقف فى الحال، حيث بات ولوج الزبائن إلى المنطقة أصعب مما كان عليه منذ فترة. لا يعرف عم «أحمد» لماذا لا تنظر الدولة بعين العناية إلى المنطقة. يقول إنه لو دفعت الدولة بضعة ملايين مما تصرف فى أماكن لا طائل منها، مقابل أن تبنى لهم عمارات جديدة، فسوف يتغير مستقبل المثلث. يحكى عن وعود كثيرة من الحى ومسئولين يزورون المكان، لكنهم يرحلون دون تحقيق أى من تلك الوعود. ساعة أن اندلعت الثورة فى الخامس والعشرين من يناير، كان أهالى المثلث مسالمين، لا يصدرون أى ضجيج، يتذكر عم أحمد عبدالشافى تلك الأيام قائلاً إن أهالى المثلث لا يتحركون إلا لسببين: غياب الأكل، والتهديد بالتهجير، لذا فإنهم مؤخراً قد بدأت الاحتجاجات تعرف الطريق إلى المثلث، حيث يكابد الأهالى أزمة الترحيل من المكان، وبدأوا فى مواجهة مشكلة ارتفاع الأسعار التى تتناسب طردياً مع قلة العمل. يسخر عم «أحمد» قائلاً: «الظاهر حتى الناس بطلت تحلق» فى إشارة إلى صالونه الخالى من الرءوس. مطالب المثلث هينة، يقول عم «أحمد»: «مش عاوزين غير تعليم نضيف لعيالنا، وبيوت محترمة نسكن فيها زى ما عملوا مع أهالى زينهم». أخبار متعلقة: بولاق «السلطان» أبوالعلا «ماسبيرو».. من هنا انطلقت الثورة ..وتوابعها "من بره هالله هالله": المبانى الراقية.. حزام يخنق أهالى بولاق كوبرى أبوالعلا .. "تفكيك" بعد 80 سنة "خدمة" «سوق قطع غيار السيارات».. من هنا يبدأ حلم «عبد الغفور البرعى» عشوائيات وأنقاض ومبان متهالكة وحكومة لا تتحرك أبداً .. المنطقة كلها آيلة للسقوط سينما الحى الشعبى.. 3 أفلام فى بروجرام واحد.. و20 مشاهداً فى حفلة بعد الظهر سيدى أحمد أبوالعلا .. سلطان المتصوفين وحامى حمى بولاق «إسطبل الملك» .."متحف للمركبات الملكية" ب"فرمان الخديو" للفقير في مصر رب يحميه.. ووكالة البلح تكسيه