قيل فى الأمثال «إذا لم تستح فافعل ما شئت»، ويبدو أن فضيلة الحياء ذهبت للأبد، حيث تسير البلاد فى طريق أزمات طاحنة وفشل حكومى مذهل ولا يعمل أى مسئول على الخروج من هذا «المنحدر الصاعد»!! وفى الوقت الذى تؤكد كل تجارب التنمية أن مشاركة المرأة كنصف الطاقة البشرية فى العمل وصناعة القرار شرط لازم، إلا أن المجلس غير التشريعى، المسمى بمجلس الشورى، المنتخب من 6% فقط من المصريين، المحصن بإعلان دستورى غير شرعى، يعمل على تفصيل قانون انتخابات على مقاس الإخوان وحلفائهم، حيث وافق مرة أخرى على قانون الحكومة مع بعض التعديلات الشكلية لزوم الدستورية، ومن النقاط الواردة فى القانون وجود مقعد يتيم للمرأة على القوائم، واعتبر وضع هذا المقعد فى النصف الأول من القائمة تمييزاً للمرأة وذلك لإرضاء حزب النور، وبدلاً من اتخاذ تدابير لدعم مشاركة المرأة السياسية استغرق فى النقاش حول قانونية صورة المرأة بالنقاب والتأكيد على محو هوية المرأة ليس تمييزاً أو إهانة، أيضاً قانونية الشعارات الدينية خاصة «الإسلام هو الحل» حتى لو عمق لدى البسطاء أن القوى المدنية «التى ترحب بالتحالف مع حزب النور» ملاحدة يجب إقامة الحد عليها. وفى الحقيقة هذا الموقف من المرأة استكمال لنهج الإخوان وحلفائهم فى إقصائها عن المشاركة فى صناعة القرار لا يقل عن الجرائم التى ترتكب ضدها فى المسيرات الاحتجاجية، بل إن التمسك بهذا المقعد اليتيم لا يشكل أى امتياز للنساء وإنما امتياز للإخوان الذين يغازلون الغرب بإظهار أنهم حريصون على مشاركة المرأة تماماً، وهذا المقعد ما هو إلا التمييز بأم عينه، فلماذا مقعد للمرأة دون غيرها؟ أما المساواة التى يدلسون علينا بها فنحن حريصون عليها كحرص السادة فى المجلس ولكن مساواة حقيقية وليست حبراً على ورق كالعملة المزيفة التى لا تنفع فى شىء، بل يعد استخدامها جريمة، فرغم مرور 60 عاماً على النص على هذه المساواة المزعومة ظلت مشاركة المرأة أقرب للصفر حتى فى برلمان ما بعد الثورة وبوجود هذا المقعد اليتيم وصلت 9 نساء فقط للبرلمان بنسبة أقل من 2%، لذا طالبنا بإعمال المساواة الحقيقية بالنص فى القانون على أن تكون القوائم 50% رجالاً و50% نساء مثل قانون الانتخاب التونسى بعد الثورة، الذى وضعه أصدقاؤهم من إخوان تونس، والقانون الليبى، الذى وضعه إخوانهم فى ليبيا، ولكن لم تتم الاستجابة لمطالب النساء المصريات رغم المسيرات والمطالبات، بل وتمت سرقة مقاعدهن ال64 التى كانت مخصصة قبل الثورة، ورغم ذلك لم يعد البرلمان إلى 444 مقعداً، وإنما أبقاها الإخوان واستولى عليها بعد طرد النساء والتدليس عليهن بهذا المقعد اليتيم الوهمى، رغم ما يسمى بمبادرة الرئيس لحقوق وحريات المرأة. لذا على الكتلة الانتخابية النسائية التى صوتت انتقامياً من الإسلاميين فى الانتخابات الرئاسية رداً على استهداف القوانين الخاصة بهن فى البرلمان المنحل، وأدت أصواتهن إلى نجاح مرشح الإخوان والثوار بشق الأنفس، أولاً أن ترفض هذا الوهم، ثانياً أن تقرر لمن ستعطى صوتها فى الانتخابات القادمة أو تستعد لبرلمان أسود لن يقل سوءاً عن سابقه الذى ترك كل مشاكل المجتمع وناقش زواج البنات 9 سنوات والختان والخلع وإدانة ضحايا التحرش، أو أن تعطى القوى المدنية بديلاً مقنعاً لأربعة وعشرين مليون صوت نسائى.