يرى بعض الإسلاميين أن الشرطة فى مصر لم تؤمن منطقة المقطم جيداً فى أحداث الجمعة الماضية الدامية، كما أمّنت منطقة مدينة الإنتاج الإعلامى عند حصارها بعد ذلك، ويرى بعض المعارضين والإعلاميين أن الشرطة لم تؤمن منطقة مدينة الإنتاج الإعلامى جيداً كما أمنت منطقة المقطم، بل تركت المعتصمين فى عبثهم وتحكمهم فيمن يدخل المدينة إذا كان إسلامياً وفيمن لا يدخل من غير أولئك. هذا مثال واحد من أمثلة كثيرة تدل جميعها على عدم الإنصاف والبعد عن الموضوعية فى الجانبين، وهذا ليس من الإسلام فى شىء ولا فى الفكر المدنى والعقلى والحضارى، بل إنه يدل على النظرة الأحادية التى ترى الآخر شيطاناً يجب التخلص منه بأسرع وقت ممكن، فإن لم يكن ذلك فى الإمكان فالرغبة واضحة فى تهميش الآخر والإقدام على ذلك عند الاستطاعة. هذه النظرة بما فيها من ظلم واضح للنفس والوطن لا تتفق مع روح الإسلام ولا مبادئ الإسلام ولا عدل الإسلام الذى نزل به القرآن على النبى (صلى الله عليه وسلم) فى المدينةالمنورة، يخبره بأن المسلم الضعيف الذى اتهم اليهودى بسرقة الدرع كاذب، وأن اليهودى برىء من تلك السرقة، رغم مؤامرات اليهود ضد النبى محمد (صلى الله عليه وسلم) وضد المسلمين، ورغم الخلف المستمر للوعد. لكل حادث حديث ولكل جريمة ولكل مجرم عقاب، وفى هذا الموقف يقول القرآن الكريم فى سورة النساء الآيات من 105-107: «إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيماً. واستغفر الله إن الله كان غفوراً رحيماً. ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خواناً أثيماً». فالحكم بالعدل يجب أن يكون بين جميع الناس أى المواطنين جميعاً مسلمهم وغير مسلمهم، الإسلامى منهم والليبرالى والعلمانى، «ولا تزر وازرة وزرة أخرى». العدل لكل من الرجل والمرأة والإعلامى والاقتصادى والسياسى والاجتماعى والأديب والفنان والصانع والعامل والفلاح والآخرين، وما حدث عند المقطم وبعد المقطم وعند مدينة الإنتاج وما بعده، إن توقف كاملاً أو لم يتوقف ينبغى أن يدخل فى هذا الإطار الجميل والعادل. على الساحة العربية أنهى مؤتمر القمة أعماله فى قطر، واستمتعوا بكرم الضيافة ومحاولة حل المشكلات المستعصية، وبعضها أصبح أكثر تعقيداً فى ضوء ثورات الربيع العربى التى لم تكتمل. وسيعود الزعماء والرؤساء والملوك والسلاطين والأمراء إلى بلادهم بعد القمة، وتعود ريما إلى عاداتها القديمة، كما يقول المثل العربى. أخشى أن يتفق العرب جميعاً بشأن قضية مستقبل فلسطين التى يضع مشروع المستقبل فيها أمريكا وإسرائيل. وقد سمعنا كلام أوباما ونتنياهو فى هذا الصدد، هذا فضلاً عن العبث بالأوطان واحداً وراء الآخر، حيث شهدنا أفغانستان ثم العراق ثم جاء دور سوريا مؤخراً. لا ينبغى أن نأخذ الجميع من أهل غزة أو فلسطين بجريرة أحدهم، فإن ذلك ليس من العدل ولا الأخوة فى شىء، بل هو منطق الظلم والحصار الذى ابتدعته أمريكا فى العصر الحديث.. وعلى رجال الإعلام والصحافة المخترعين أن يتوقفوا عن القصص والأخبار التى ينشرونها دون دليل حقيقى، ولا ينبغى على المعارضة فى مصر أن تسعى لمعاقبة أهل غزة بسبب الخلاف القائم فى مصر، باعتبار أن حماس من الإخوان المسلمين. حماس ليست كل أهل فلسطين ولها تاريخ مشرف فى مواجهة العدوان الصهيونى، وإن أخطأت حماس فليس معنى ذلك أن فلسطين قد أخطأت وتستحق العقاب. آمل أن يكون الكنز الاستراتيجى الإسرائيلى قد انتهى إلى الأبد من مصر، فنحن أمة واحدة، والحدود التى نعيش فى إطارها إن هى إلا من نتاج سايكس بيكو وليست من قرآن ولا سنة ولا إنجيل، ولا تدل على حضارة أو قوة.