زيارة الشيخ راشد الغنوشي رئيس حزب النهضة التونسي للقاهرة، ولقائه بقيادات جماعة الإخوان المسلمين، خاصة المرشح الرئاسي السابق عن الجماعة خيرت الشاطر، فتحت بابا من التساؤلات حول مدى تأثير تلك الزيارة على نجاح مرشح الجماعة الدكتور محمد مرسي في الجولة النهائية من الانتخابات الرئاسية، ومدى تأثيرها على شعبية الإخوان في الشارع السياسي. وما بين التجربة التونسية، التي شهدت صعود التيار الإسلامي ممثلا في حزب النهضة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، والتجربة المصرية بعد الثورة والتي شهدت نفس الصعود أيضا، ممثلا في حزب الحرية والعدالة، سواء في الانتخابات التشريعية أو الرئاسية في مرحلتها الحالية، يعلق دكتور جمال سلامة رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة قناة السويس على الأمر قائلا "إن الغنوشي شخصية سياسية ذات مرجعية إسلامية، تتمتع بقدر كبير من الوسطية المستنيرة، والتي أتمنى استفادة جماعة الإخوان المسلمين في مصر من نمطها السياسي". وأضاف سلامة أن تجربة حزب النهضة في تونس "اتسمت بقدر كبير من الانفتاح في ظل مجتمع يضم الكثير من الحضارات والثقافات العرقية المتنوعة بين العرب والأمازيغ وقبائل الطوارق وغيرها من الأعراق، لكن الغنوشي بوسطيته وتفتحه تمكن من التعامل مع كل الأعراق السابق ذكرها، وهو سر صعود حزب النهضة في تونس، الذي ابتعد عن المتاجرة بالدين في مواقفه السياسية"، واستطرد "إن الإخوان المسلمين لهم موقف سابق عندما حملوا رئيس الوزراء التركي على الأعناق خلال زيارته، ثم فتحوا عليه النار وأهالوا عليه التراب كما يقولون لمجرد حديثه عن أهمية التعددية الحزبية". ويتوقع سلامة أن تؤدي زيارة تبادل الخبرات التونسية المصرية إلى مزيد من الاستنارة لتجربة الأحزاب الإسلامية في مصر، التي يصفها بأنها ما زالت في مرحلة "المراهقة السياسية"، ولم تصل للنضج، بدليل عدم تقبلها للآخر، لكنه لا يتوقع أن تؤثر أجواء هذه الزيارة بالإيجاب على رفع نسبة الأصوات المؤيدة لمرسي في جولة الإعادة. ومن جانبه، أشار المحلل السياسي خالد يوسف إلى أن زيارة الغنوشي بصفته مسئولا سياسيا في تونس، وفي إطار العلاقة بين البلدين، "أمر لا غبار عليه، بخاصة أنه شخصية سياسية تربطها علاقات برموز سياسية مصرية من عدة تيارات، حتى من قبل قيام الثورتين المصرية والتونسية". ويرفض يوسف القول بقدرة التجربة التونسية على تقديم حل توافقي يمكن تطبيقه في مصر، موضحا أن التجربة التونسية نفسها "تشهد ظواهر سلبية منها معاناة الفنانين والفرق المسرحية من أعمال العنف والتضييق التي تمارس ضدهم عبر ميليشيات حزب النهضة، التي يقابلها تواطؤ من السلطة التونسية، وتقاعس عن مواجهتها"، وشبّه الحركة الإسلامية في تونس بنظيرتها المصرية في السبعينات، ولذلك يرى أن التجربة التونسية "لا يوجد لديها ما هو إيجابي ويمكن أن تقدمه لإفادة التجربة السياسية المصرية"، واستطرد يوسف "التجربة المصرية أشمل من نظيرتها التونسية"، مستبعدا أن تؤثر الزيارة بالإيجاب على شعبية المرشح محمد مرسي. ويرى يوسف في هذا الشأن أن الهيمنة من عدمها لا يمكن أن تقاس بتوزيع المناصب، "فمازلنا حتي الآن تتحكم فينا سيطرة مؤسسة الرئاسة، وبالتالي فالوزير السياسي على سبيل المثال لا وجود له نظرا لأن التجربة الديمقراطية لم تستقر حتى الآن، ويستشهد بأن وجود وزير ينتمي للتيار اليساري مثل دكتور جودة عبدالخالق لم يحدث تغييرا يذكر عن الوضع ما قبل الثورة، و بالتالي فهو لا يتوقع هيمنة القوي الاسلامية بالدرجة التي يتصورها البعض. وجدير بالذكر أن الغنوشي كان قد علق عقب تفوق الإخوان المسلمين في الانتخابات التشريعية بأنه "يجب على الإخوان أن تحكم من خلال تحالف وطني يضم الأحزاب العلمانية والأقباط"، وحذر من من تكرار أخطاء الجزائر فى مصر، عندما فاز الإسلاميون في الانتخابات، لكنهم تجاهلوا الأقليات والجيش وقطاع الأعمال، الأمر الذى أدى بهم إلى الانقلاب على الديمقراطية.