تعلمنا فى الولاياتالمتحدة أنها دولة قامت على ثلاثة مبادئ لا خلاف عليها يطلق عليها صانع القرار الأمريكى (the three pillars) أو الأعمدة الثلاثة التى تقف عليها الولاياتالمتحدة وهى الديمقراطية وحرية العبادة وحرية الإنسان. فقد ضمنت الديمقراطية فى بداية قيام الولاياتالمتحدة بعض الحريات الأساسية مثل حرية العبادة وحرية الإعلام وحرية التعبير والحريات الشخصية. لقد كان أساس قيام الولاياتالمتحدة هو حرية العبادة بعد هروب الأمريكان الأوائل المعروفين باسم (the founding fathers) من إنجلترا هربا من الاضطهاد الدينى ولجوئهم إلى الولاياتالمتحدة بحثا عن حرية العبادة. وجاءت حرية التصويت فى الانتخابات وحرية الإنسان فى التعبير عن رأيه كأول مكاسب للديمقراطية الجديدة فى بداية 1700 ودامت هذه الأعمدة ومكتسبات الديمقراطية مع الشعب والسياسيين الأمريكان إلى يومنا هذا. وتوارث السياسيون الأمريكان الدفاع عن مكتسبات الديمقراطية ووضعوها فوق أى مصلحة عامة أو خاصة مهما كانت التكلفة سواء أكانت فى الحروب العالمية والتصدى لهتلر للدفاع عن أوروبا أو إغراق الصرب بالقنابل يوم عيد القيامة للدفاع عن مسلمى البوسنة. إلا أن ما نراه اليوم من الإدارة الأمريكية وموقفها المختل مما يحدث فى مصر وتجاهلها للأعمدة الثلاثة التى تؤمن بها الولاياتالمتحدة يكشف عن علامات تواطؤ وانحياز لسياسة الإخوان المسلمين وهو ما لا يمكن لشخص تعامل مع السياسة الأمريكية تجاهله (ويجب هنا التفريق بين الإدارة الأمريكية والإرادة الأمريكية لأن الإدارة ملك للرئيس والحزب الحاكم أما الإرادة فهى ملك للشعب الأمريكى وهو قادر -فى حال تثقيفه- على تغيير إرادة الإدارة). فإذا ما استرجعنا مواقف إدارة الرئيس أوباما للأحداث التى مرت على مصر منذ تولى الإخوان مهزلة حكم أكبر دولة محورية فى الشرق الأوسط نكت1شف الآتى: - تمت عمليات قتل وسحل للمتظاهرين العزل بالإضافة إلى عمليات قبض عشوائية على المتظاهرين وعمليات تعذيب للنشطاء فى معسكرات الأمن المركزى وغيرها على أيدى داخلية الرئيس مرسى بل ويتم هذا فى المنصورة والدقهلية خلال زيارة وزير الخارجية الأمريكى لمصر ولم يتحرك ساكن للإدارة الأمريكية أو الوزير منتقدا الاعتداء على حرية التعبير وحرية التظاهر.. أليس هذا مخالفا للعقيدة الأمريكية؟ - عندما يقوم الرئيس مرسى بالدعوة إلى انتخابات برلمانية بناء على قانون غير دستورى يخالف دستور أساسا مرفوض من قطاع كبير من الشعب ولا يضمن تمثيل عادل لكافة أطياف الشعب المصرى، قانون قسم الدوائر بشكل ضمن فوز الحزب الحاكم وتفتيت أصوات الأقباط وترفضه المعارضة. ويتم هذا خلال زيارة وزير الخارجية الأمريكى ولا يعترض السيد جون كيرى إلا بجملة ضعيفة تعبر عن رغبته فى مشاركة أكبر قطاع من الشعب فى الانتخابات وهو يعلم تماما أن هذا لن يحدث تحت حكم مرسى وخصوصا فى ظل عدم وجود ضغوط دولية لضمان نزاهتها.. ألا يخالف هذا حرية المشاركة لكافة الشعب فى التصويت فى العملية الانتخابية لضمان الديمقراطية؟ - عندما تحاصر مدينة الإنتاج الإعلامى والمحكمة الدستورية والصحف المعارضة ويهدد أصحاب الأقلام المعارضة ويتم تعقبهم قضائيا ولا نسمع انتقادا واحدا من الخارجية الأمريكية التى تتغزل فى حرية الإعلام.. ألا يثير هذا شكوكنا عن موقف الأمريكان؟ - عندما يرى السيد كيرى حرية العبادة تنتهك فى عصر الإخوان والكنائس تحاصر والمعارضون من المسلمين يتهمون بالكفر ولا يحرك شفتيه بانتقاد.. إذن هناك شىء مريب! لقد أثبتت مواقف الإدارة الأمريكية الانحياز التام للديكتاتورية وقتل المتظاهرين والحجر على حرية التعبير وانتهاك حقوق الإنسان وحق التظاهر السلمى وكثير من الأساسيات التى يؤمن بها الشعب الأمريكى الذى لا يعلم ما تقوم به إدارته من انتهاكات لمبادئه قبل أن تكون انتهاكات لحق الشعب المصرى ولا يوجد طريق لتحويل مسار تدخل الإدارة الأمريكية السلبى فى مصر إلا من خلال اللجوء إلى الإرادة الأمريكية للشعب الأمريكى.