المشهد فى «مدرسة المشاغبين» التى كتبها على سالم. مقلب كبير فى الناظر، ومنصور ابن الناظر (اللى ما بيجمعش) يجرى هاتفاً: أبوياااا اتحرق.. هييييه.. أبوياااا اتحرق.. هييييه، ثم (يجود) فى الأمر ويصفق فرحاً وهو يواصل هتافه: (أبويااا اتحرق.. هييييه)، وينادى عليه صديقه فى الفصل فيقول له: أبوك اتحرق ياض يا منصور.. ألف مبروك، فيرد: الله يبارك فيك. عقبال أبوك. وينادى مرسى (سبحان الله.. مرسى برضه): أبوك راح فين يا منصور؟؟ فيرد: أبويا راح النار. هذا هو المشهد المضحك الذى تحول فى مصر إلى كابوس لا أحد يفهم فيه أى شىء، والكل متهم والكل مدان، والكل يترك الحريقة ويصفق وهو سعيد بما وصلت إليه، لأن ذلك سيسمح للجميع بتصفية حساباتهم مع الجميع. أبويااا اتحرق... هيييه بدأ الأمس بحريق فى مقر جريدة «الوطن» بعد الهجوم عليه وتحطيم مدخله ودورين فيه من قِبل (مجهولين) ينسبهم البعض إلى الألتراس، فيما ينسبهم البعض الآخر للإخوان المسلمين فى فوبيا غريبة مثل تلك المصاب بها محمد أبوحامد الذى نشكره على تضامنه مع «الوطن»، وندعوه لكى (يركن) على جنب وهو يصفى حساباته مع الإخوان على قفانا لأنها مش ناقصاه. أبويااا اتحرق.. هييييه الحكم فى قضية «مجزرة بورسعيد» لن يكون نهاية المطاف، لأن الألتراس يريدون حكماً على مزاجهم، والبورسعيدية يريدون حكماً على مزاجهم، والنظام فى مصر يريد حكماً على مزاجه، والمعارضة تريد حكماً على مزاجها، ولم يستطِع أحد أن يطفئ النار التى اشتعلت منذ صدور الحكم الأول، ولن يستطيع مع الطعن على الحكم الذى سيحدث قريباً من المتهمين، وربما من النائب العام على براءة عدد من قيادات الشرطة، وحتى ذلك الحين لا يزال الحريق مستمراً. أبويااااا اتحرق.. هييييه الذين برروا ل«البلاك بلوك» حمل «المولوتوف»، يواصلون تبريرهم لحرق مقر اتحاد الكرة ونادى الشرطة بالجزيرة عن طريق الألتراس، وكلهم سعداء لأن الحريق سيريحهم من «مرسى» ونظامه بشكل أو بآخر، لكنهم لا يدركون أن الحريق سيلتهمهم. أبوياااا اتحرق.. هييييه داخلية فاشلة قام كثير من ضباطها بإضراب فى أجواء تشبه أجواء ما قبل الحرب، والجيش ينتظر ويترقب فى ظل خلاف مكتوم مع الإخوان والسلطة الحاكمة، وأمن وطنى ما زال يلعب، ومخابرات عليها علامات استفهام، ومعارضة تلعب على نغمة الانتخابات الرئاسية المبكرة، للإطاحة بالإسلاميين الذين يتمتعون بغباء لا محدود جعلهم يظهرون أسوأ ما فيهم بدلاً من أن يجمعوا الكل خلفهم، ولو على سبيل الولاء للمشروع الإسلامى ومحاولة تمكينه بتحسين صورته أمام الناس والتفافهم حوله وثقتهم فيه وليس من أجل مصلحة الوطن الذى نسيه الجميع. أبويااا اتحرق.. هيييييه مصيبة هذا البلد أن مصطلح الشهداء انقسم، فأصبح الحديث عن (شهدائنا) و(شهدائكم). وأصبح لدينا شهداء الثورة وشهداء الشرطة وشهداء الألتراس وشهداء الإخوان عند «الاتحادية» وشهداء بورسعيد وشهداء التيار المدنى، وهكذا سيتفرق دم الشهداء ولن يأتى أحد بحقوقهم لأن ما بُنى على باطل وطرمخة، فهو باطل وطرمخة. أبوياااا اتحرق.. هييييييييييه ستستمر الحرائق طالما أن الجميع (مبسوط) بها، ولننسَ أى مبادرات، ولننسَ أى (قدرة) على وقف العنف، فحبات المسبحة انفرطت من اللحظة التى قرر الجميع فيها أن يصفى حساباته مع الجميع لتكون النتيجة أن مصر بتتحرق، والكل يقول: هييييييييييه.