أشعر بغضب شديد لقيام عدة سفارات أجنبية باستباحة استقلال الوطن، والتدخل المباشر الفج فى شئون البلاد الداخلية. ودون أى تعسف أو محاولة إلصاق تهم أو تصريحات باطلة لهذه الجهات، فإنه من الواضح أن عمليات الاختراق السياسى لشئوننا الداخلية أصبحت مباحة لدى بعض السفارات الأجنبية فى بلادنا. فى القاهرة أكدت السفارة الأمريكية أن اللقاءات التى تجريها السفيرة آن باترسون مع عدد من رؤساء الأحزاب السياسية بشكل منظم تأتى بهدف «إحداث نوع من التفاهم والتوافق بين الأطراف السياسية المختلفة». هذا هو الوصف الدقيق الذى جاء فى بيان السفارة! هل أصبح دور السفيرة الأمريكية أو أى سفير أجنبى آخر هو لعب دور الوسيط بين أبناء الوطن الواحد؟ إن هذا الأمر يذكرنا بدور المندوب السامى البريطانى إبان الاحتلال الإنجليزى لمصر، الذى كان يقوم بدور الوسيط بين الأحزاب وبين القصر الملكى! إن هذا الأمر أيضاً يذكرنا بدور السفيرة الأمريكية فى بيروت السيدة كونيللى التى تلعب دوراً نشطاً بين أقطاب فريقى 8 و14 مارس «آذار». مصر ليست محتلة الآن من الإنجليز، ومصر ليست لبنان، ومصر ليست دولة ذات سيادة وطنية «رخوة». أما سعادة السفير التركى فى مصر، فإنه نصح الجيش المصرى بالأخذ بالتجربة التركية وتخفيض ميزانية تسلحه وتحويلها إلى عملية التنمية الاقتصادية. هذا تدخل مباشر وسافر وغير مقبول وحسناً فعل السفير والسفارة أن تم إنكار هذه التصريحات. ليس من حق أحد كائناً من كان أن يعبث بحاضر ومستقبل بلادنا. نحن لا ننكر على الدول المانحة والداعمة وصاحبة المصالح فى مصر أن تهتم بشئوننا وأن تنشغل بها، ولكن هذا الأمر يجب أن يتم من خلال احترام السيادة الوطنية ومعرفة الخطوط الحمراء عند كرامة المصريين.