على الرغم من مرور اكثر من 12 سنوات على توقيع السوق المشتركة لشرق وجنوب افريقيا "الكوميسا" الا ان الاستثمارات المصرية وعمليات التبادل التجاري مع الدول الأفريقية متواضعة للغاية مقابل غزو إسرائيلي لأسواق هذه الدول. يقدر حجم التبادل التجاري بين مصر ودول أفريقيا منذ انضمامها لدول الكوميسا 2.3 مليار دولار، بينما وصل حجم التبادل التجاري بين إسرائيل ودول أفريقيا إلي 5.7 مليار دولار وفقا لإحصائيات صادرة عن وحدة الاتفاقيات التجارية بمصلحة الجمارك المصرية نهاية 2011. وأرجع عدد من العاملون بالمجتمع الاعمال التفوق التجاري الإسرائيلي مع الكوميسا الى عدم استغلال مصر للفرص التجارية مع دول الكوميسا في حين تمكنت إسرائيل من استغلالها علي الوجه الأمثل محققة فوائد أكبر حتي من الدول الأعضاء. قال المهندس حسين صبور رئيس جمعية رجال الاعمال المصريين ان مصر لم تستفد من اتفاقية السوق المشتركة لشرق وجنوب افريقيا- الكوميسا- بالشكل المرجو نتيجة تخوف رجال الاعمال المصرين من دخول هذه الاسواق في حين سارعت عدد من الدول أبرزها إسرائيل والصين باقتحام هذه الاسواق والاستحواذ على نصيب الاسد في الاسواق التجارية بدول الكوميسا. وأشار الى ان حجم التبادل التجاري بين مصر والدول الافريقية لم يتخطى 2 مليار دولار منذ انضمام مصر لاتفاقية الكوميسا، في حين بلغ حجم التبادل التجاري بين هذه الدول واسرائيل ما يتجاوز 5 مليارات دولار، وأوضح أن السنوات الماضية شهدت انتعاشا في إقامة الغرف التجارية المشتركة والمنح وإزالة المعوقات في مجالات الصحة والتعليم والتدريب، لدرجة أن الحكومة الإسرائيلية خصصت أحد المراكز المتخصصة بوزارة الخارجية، تقتصر مهامه علي تعميم وتطبيق التعاون الإسرائيلي - الإفريقي. وتدق هذه التحركات الإسرائيلية ناقوس الخطر لتلتفت الحكومة المصرية الى أن هذه الدول بمثابة الحديقة الاستراتيجية الاقتصادية لمصر جنوبا. أكد شريف أمين الخريبى العضو المنتدب لمجموعة الخرافي بالسودان، أن العائد من الاستثمار في دول شرق وجنوب افريقيا مضمون العائد اذا تمت دراسة ذلك بشكل عملي. وأشار الى نجاح تجربة الصين واليابان التي أقامت علاقات تجارية مع عدد من الدول الاعضاء بالاتفاقية واستفادة بالتيسيرات الجمركية والتجارية التي تمنحها هذه الدول للدول الاخرى الاعضاء . وأضاف أن الواردات التي نحصل عليها من هذه الدول تعتبر قليلة التكلفة الى حد كبير اذا ما تم مقارنة ذلك بتكلفة استيرادنا من دول اخرى فالشاي والبن نستورده بتكلفة تقل عن 20 % من استيرادنا لها من الهند . وأشار الى ان هناك عدد من المعوقات التي تواجهنا عند العمل بهذه البلاد مثل النقل ومخاطر أخرى، الا اننا لو توقفنا عند ذلك لن ندخل هذه الدول الا بعد عشرات السنوات، فى حين ان هناك عدد كبير من الدول الغربية قد سبقنا واجتاحت أسواق هذه الدول. وأرجع محمد ابو العينين رئيس مجلس ادارة كليوبترا جروب، تواضع العلاقات الاقتصادية بين مصر ودول حوض نهر النيل إلي مجموعة من المعوقات، يتقدمها عدم وجود خطوط ملاحية منتظمة ومباشرة مع الدول الافريقية، في مقابل وجود خطوط ملاحية بين إسرائيل ومعظم هذه الدول، هذا إلي جانب زيادة تكلفة التأمين علي المنتجات المصدرة، في الوقت الذي لم يمتد فيه نشاط شركة ضمان الصادرات المصرية لتغطية المخاطر بأنواعها. وقال محرم هلال نائب رئيس الاتحاد العام لجمعيات المستثمرين، الى ان هناك عدد من المعوقات منها نقص المعلومات التفصيلية وهي من الأزمات الكبرى التي تواجه أي شركة مصرية تفكر في الاستثمار في أفريقيا، بالإضافة إلى ذلك ارتفاع درجة المخاطر السياسية والأمنية في أفريقيا، وهو ما يجعل البنوك المصرية ترفض تمويل المشروعات الاستثمارية في هذه القارة، وحتى إن قبلت فهي تقبل بشروط تعجيزية تجعل أي مستثمر لا يقدم على دخول القارة فالبنك يريد أن يضمن 100% بدون اعتبار لأهمية وجود هامش من المخاطرة، ومن هنا يصعب كثيرًا على المستثمرين القيام بأي استثمار مباشر في القارة الأفريقية.