«ورقة فى حجم الكف.. رقم محضر، عنوان لمقبرة، لافتة رخامية صغيرة مدون عليها، جثة مجهولة»، هكذا وصلت رحلة «ماجدة عباس» إلى محطتها الأخيرة، فى طريق البحث عن ابنها البكر «وسام» 32 سنة، تلك الرحلة التى دامت 485 يوماً، قضتها المرأة الخمسينية جائلة بين أقسام الشرطة، ومصلحة السجون، والمستشفيات، ومشرحة زينهم، من دون جدوى». «رحلة العذاب» تلخص ماجدة بهذه الجملة، ال485 يوماً، وتقول عن رحلتها وهى تبتسم بلوعة ظاهرة: «بدأت فى 26 سبتمبر 2011 باختفاء «وسام» وانتهت بمكالمة تليفون يوم 3 يناير الماضى من مدير مباحث شمال سيناء يبلغنى فيها بالقبض على شخص اعترف بقتل ابنى وإشعال النار فى جثته.داخل شقة مكونة من غرفتين وصالة وحمام بالطابق الثالث بمنطقة فيصل، تقيم «ماجدة»، تبكى وهى تقول: «كانوا اخدوا كل حاجة بس مكنوش موتوه» ويتعلق بصرها بصورة كبيرة لنجلها مبتسماً معلقة فى صدر الصالة ثم تنتبه لصوت القرآن آتياً من قناة المجد: «من ساعة ما اختفى وسام وأنا مبغيرش القرآن» وتستدرك: «بس الحمد لله عمرى ما يئست من رحمة ربنا كان عندى أمل أنه عايش لحدما كلمونى وقالولى إنه اتقتل، كنت بلف على المستشفيات، والسجون وأقسام الشرطة»، تتابع الأم: «لفيت على كل أقسام الشرطة فى الجيزة وحررت محاضر تغيب ورحت مصلحة السجون وكان معايه صورته وقلت للضباط: فى حد عندك بالاسم ده أو بالشكل ده». هاتى صورة لابنك يا حاجة وبياناته وإحنا هنكلمك، تتحدث ماجدة عن صيغة الرد الذى كانت تتلقاه دائماً حتى قابلت مدير أمن الجيزة وقالت له: «يا أفندم، ابنى مختفى» فرد عليها: «اكتبى البيانات وسيبى صورة ابنك وإحنا هنشوف الموضوع بتاعه» «ماجدة» تقسم بالقرآن الذى تسمعه بأنها لم تذق طعماً للنوم خلال هذه الفترة وتضيف: «مفردتش طولى على السرير، كنت بنام على الكرسى زى ما انا قاعدة كده فى الصالة.. أغفل شوية وأفتح عينى على صورته، وأقضى بقية الليل أبكى لحد ما أتعب وأروح فى النوم غصب عنى»، تؤكد ماجدة أنه كانت تنهض من نومها لتسأل فى المستشفيات فى القاهرة الكبرى.. الخاصة والحكومية تسأل الأطباء وتعرض عليهم صورته وتقول لهم: «ده صورته ممكن يكون وصل المستشفى دون أى بيانات شخصية».. والرد كان دائماً لا مفيش حد وصل هنا لا بالشكل ده ولا بالاسم ده «ثم وصلت إلى «مشرحة زينهم» وهناك علقت ورقة تحمل بيانات نجلها وصورته ورقم هاتفها حتى قال لها أحد العمال ذات مرة: «فيه جثة متفحمة جت بعد اختفاء ابنك ب 3 أيام»، دخلت وتفحصت الجثة وقالت له: «حرام عليك ابنى يتفحم كده.. حرام عليك»، ثم تنهار باكية وهى تتحدث ل«الوطن»: «بعد سنة وأربع شهور عرفت أن الجثة اللى شوفتها كانت بتاعة ابنى وسام»، لم تنته رحلة معاناة الأم، بل أسدل الستار على فصلها الأول فحسب فقد تم القبض على المتهمين وهم: محمد فتحى أحمد 32 سنة سائق توك توك، وشيماء محمد 25 سنة ربة منزل، وتترقب ماجدة صدور حكم عادل بالقصاص يريح قلبها: «لحد ما اروح لربنا وأقابله»، وعلى طريق الكوم الأحمر رافقت «الوطن» النيابة التى اصطحبت المتهمين لتمثيل الجريمة.. وقف المتهم محمد فى حالة ذهول ينظر لشريكته شيماء التى فاجأته بقولها: «منك لله خربت بيتى، إنت السبب فى قتل وسام وخلتنى أقتل جوزى.. فرد عليها: «كل حاجة كانت برغبتك» وتدخل محقق النيابة «أحمد ناجى»، رئيس نيابة حوادث شمال الجيزة وأوقف تلك المشادات وقال للمتهم «محمد»: إيه اللى حصل فى مكان الجريمة.. نظر المتهمان إلى المكان وأشارا إلى «شجرة» لها جذع محترق: «هى دى الشجرة اللى حرقنا بجوارها جثة الضحية «وسام» وأعاد المتهمان تمثيل الجريمة وقال محمد: «أنا اسمى «محمد فتحى أحمد» 32 سنة أنا اللى قتلت المجنى عليه وسام وكان معايا المتهمة الثانية شيماء وزوجها أحمد شريف 35 سنة سائق اللى هى قتلته.. اللى حصل إن أنا أخدت من المجنى عليه 5 آلاف جنيه من فترة علشان أشترى مخدرات.. بس أنا صرفتها على شيماء وزوجها مقابل إنى أمارس معها الجنس.. وبعد كده طلب منى «وسام» رد المبلغ.. مكنش معايا الفلوس.. فعرضت على المتهمين أن نتخلص منه.رحت نويبع وخدت وسام معايا وقلت له إن أنا هاخد الفلوس من صاحبى وإنت هتخدهم منى هناك.. وكان معايا المتهمة الثانية شيماء.. طبعا أنا كنت هناك مش علشان الفلوس أنا كنت بتاجر فى المخدرات وكنت بوزع هناك.. وإحنا راجعين حاولت أتخلص منه ولكن أنا رفضت الفكرة وإحنا راجعين، وأثناء سيرنا بالسيارة فى منطقة مهجورة.. قلت ل «وسام»: «خد اكتب ليا رسالة».. وعلى طول شيماء حطت الحبال حول رقبته وبدأت فى خنقه.. طبعاً علشان الله يرحمه كان راجل شديد.. قاوم شيماء فقام المتهم بضربه بالصاعق على وجهه.. ثم سدد له طعنة ذبحية فى الرقبة من الخلف والجانب.. ولكن بعد كده أنا برضه لسه مش متأكد أن وسام مات.. نزلت من السيارة ومسكت حجر.. وفضلت أضربه على دماغه وبعدين تحدثنا مع بعض للتخلص من الجثة.. اقترحت شيماء أن تلقى به فى منطقة زراعية بعد الاستيلاء على متعلقاته الشخصية.. ولكن رد عليها محمد قائلاً: «إحنا نولع فيه»..واستطرد قائلاً: «اتفقنا على إشعال النيران فى الجثة.. وذهبنا إلى منزل شيماء بمنطقة بشتيل بأوسيم وأحضرنا بنزيناً وباباً خشبياً من المنزل وأخذنا الجثة والبنزين وأحضرنا 4 إطارات سيارات وألقينا بالجثة هنا -يقصد جذع الشجرة- وأشعلنا فيها النيران».