«لن أختار بين الطاعون والكوليرا».. مبرر واضح لمقاطعة جولة إعادة انتخابات الرئاسة، بحسب وجهة نظر السيدة ليلى مرزوق، والدة الشهيد خالد سعيد، التى أكدت ل«الوطن» رفضها الاختيار بين الفريق أحمد شفيق والدكتور محمد مرسى لرئاسة مصر التى تحلم بها، فيما كانت تنهى التجهيزات الأخيرة فى منزلها بشارع مدحت سيف اليزل بمنطقة كليوباترا بالإسكندرية لاستقبال ضيوف نجلها الأصغر، فى الذكرى الثانية لاستشهاده. ذكريات الألم والحسرة على شباب فقيدها تعاودها مع سقوط كل شهيد، وتتذكر سقوط خالد، ابن ال28 عاما، صريعا بين أيدى مخبرى الشرطة من شدة الضرب. قررت أن تبدأ طقوس الذكرى الثانية لرحيل خالد من مقابر المنارة، حيث وورى جثمانه الثرى، لترفع يديها بالدعاء على من حرموها من ابنها بعد قراءة الفاتحة على روحه، وسط العشرات من محبى خالد. ربما لم يعرفوه فى حياته، لكن ذلك لم يمنعهم من اعتباره رمزا لضحايا القمع الذى مارسه نظام مبارك طوال 30 عاما. «كل شهيد بيروح بيوجع قلبى زى خالد بالظبط»، تقولها الأم الثكلى، لافتة إلى أنها تتواصل مع باقى أمهات الشهداء، خصوصا فى الإسكندرية، مسقط رأس فقيدها، وتضيف بنبرة حزن: «بيكلمونى وهم بيبكوا على ولادهم»، وتصف حالها: «دموعى جفت من كتر البكا»، لكن جرح قلبها على فراق خالد لن يلتئم إلا بسقوط النظام فعليا، وصدور حكم عادل يطفئ النار المشتعلة فى قلوب أهالى الشهداء، خصوصا بعد حصول مساعدى وزير الداخلية الأسبق على البراءة لعدم كفاية الأدلة. صوتت لصالح المرشح الرئاسى حمدين صباحى، ورغم خسارته فإنها تصر على اعتباره الرئيس الشعبى الثورى المناسب لمصر الآن؛ لذلك قالت إنها ستصوت له مجددا فى جولة الإعادة، حتى إن كانت النتيجة بطلان صوتها؛ لأنها غير مقتنعة بأى من مرشحى الإعادة، بل إنها تتوقع تزوير الانتخابات لصالح شفيق «سواء انتخبنا مرسى أو قاطعنا أو أبطلنا أصواتنا». كما سبق أن توقعت الأحكام التى حصل عليها مبارك والعادلى ومساعدوه: «من البداية قلبى كان حاسس إن الحكم هيخيب أملنا». الاختيار الثانى فى جولة الإعادة «أسوأ» من الأول، و«ليس منقذاً كما يراه البعض»، حسب وجهة نظر والدة خالد سعيد، التى لا ترى فى المرشح الإخوانى الدكتور محمد مرسى «أى أمل لإنقاذ الثورة»، خصوصا أن «جماعته» احترفت «خلف الوعود». وبمرارة، تصف السيدة ليلى الثورة بأنها «نجحت بملحق»، ويجب استمرارها حتى تنجح، وهذا يعنى أن «الثورة محتاجة تعيد السنة»، لتصحح الأخطاء التى وقعت فيها، وتقول بحسم: «مين قال إن الثورة خلصت والنظام اللى قامت عليه لسه موجود؟». «ننتخب مين؟»، يسألها الأهالى والجيران، ثقة منهم فيها، وتقديرا من جانبهم، فتحاول السيدة ليلى إقناعهم بإبطال الأصوات، بدلا من المقاطعة؛ لأن ذلك يعنى «التزوير بأسمائنا»، ورغم اقتناعها بأن «الانتخابات مزورة مسبقا» فإنها تصر على تنبيه من يشارك فى التصويت «اوعى تصوّت فى كشفين لأن ده معناه إن فيه تزوير». ساعة من الصمت تقضيها الحاجة ليلى بين النشطاء خلال «وقفة البحر» بالملابس السوداء، أحد طقوس إحياء ذكرى شهيد الطوارئ، يرفع المشاركون صور خالد، أما هى فتستحضر ذكرياتها مع الابن، الذى يحاول الكثير من النشطاء تعويض غيابه لديها، ومنهم الناشط السياسى علاء عبدالفتاح، الذى يزور والدة الشهيد خالد سعيد باستمرار، وعنه تقول السيدة ليلى مرزوق: «آخر مرة زارنى علاء جاب خالد ابنه الصغير معاه.. سماه على اسم ابنى الله يرحمه».