«حمادة» ليس حالة بل ظاهرة، وإذا كان السبب الفقر أو الجهل والنتيجة الخوف أو الطمع، فالمرحلة الانتقالية التى مرت بها مصر على مدى العامين الماضيين تكشف انتشار ظاهرة «حمادة» فى مواقف ومؤسسات مختلفة، وكأن ثورة لم تقم، وإن برزت فى الجيل الأكبر دون مبرر وتحت حجج واهية مثل الاستقرار، أو «خلى البلد تمشى»، أو «أنا مالى»، وللأسف فالنتائج دائماً عكس النوايا. هل ينكر أحد أن هناك «حمادة» فى المجلس العسكرى خضع لابتزاز الإخوان إما بحجة سرية هى الخوف على نفسه أو معلنة بأنه يخشى على البلد من الفوضى، أو أن أحدهم صمت طمعاً فى مصلحة مع النظام الجديد أو خوفاً من أمريكا الداعمة الأساسية للإخوان المسلمين؟ وإذا كان المصريون يمكن أن يغفروا ل«حمادة» الأصلى خوفه وطمعه بسبب الفقر والجهل، فهل يتسامحون مع من كانوا يملكون القوة والنفوذ وجميع مؤسسات الدولة وضحك عليهم الإخوان؟ نفس ظاهرة «حمادة» تتكرر فى القضاء بشكل أو آخر، بل إن الحوار الذى أجراه الإعلامى عمرو أديب مع حمادة وابنته أمس الأول وتبادلا فيه الاتهامات قد جرى بلغة أرقى بين قاض كبير وكريمته القاضية أيضاً حينما قررت الأخيرة التضامن مع زملائها بتعليق العمل بالمحاكم وعدم الإشراف على الاستفتاء بينما والدها من أصحاب القرار العكسى فيقول لها: «يجب أن تتراجعى عن قراراك حتى لا تسببى لى الحرج»، فترد بكل قوة: «أنت الذى تسبب لى الحرج ويجب أن تتراجع عن موقفك». ويستمر كلاهما على قراره، لكن المؤكد أن هناك قضاة كباراً لعبوا «دور حمادة» إما خوفاً من المجهول وتفادياً للمشكلات أو «علشان الدنيا تمشى»، ونسوا أو تناسوا أن استقلال القضاة سُحل فى عهد الرئيس مرسى أكثر مما فعلت وزارة الداخلية ب«حمادة». نفس نموذج «حمادة» يمكن تتبعه فى فئات أخرى مثل رجال الأعمال والإعلام وضباط الشرطة ممن رأوا البلد «تُخطف» وآثروا الصمت إما طمعاً فى مكاسب اكتشفوا بعد ذلك أنها لن تأتى أو خوفاً من «بطش».. لم يدركوا أن مصر أحوج ما تكون إليهم فى هذه الفترة وأن الله هو الحامى والحافظ وليس الإخوان، أو أنهم ساروا على منهج «امشى جنب الحيط» لكن النتيجة النهائية أن «البلد كلها داخلة فى الحيط». حمادة لا يملك من أمره شيئاً، فلا يملك مالاً يعينه ولا علماً يساعده فى إدراك طبيعة المرحلة، ولا قوة أو نفوذاً أو حصانة، وبالتالى إذا التمسنا العذر ل«حمادة صابر» الحالة فلن نسامح حمادة «الظاهرة» الذى رأى الإخوان يسحلون مصر وتواطأ أو صمت وغيّر شهادته!!