أصدرت محكمة القضاء الإدارى برئاسة المستشار يحيى الدكرورى حكمها فى الطعن على قرار رئيس الحكومة بالتوقيع على اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والمملكة العربية السعودية، وجاء الحكم بقبول الدعوى وفى الموضوع إلغاء توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية الموقعة فى أبريل 2016 والمتضمنة التنازل عن جزيرتى تيران وصنافير إلى آخر الحكم، ورغم أن هذا الحكم صادر من محكمة القضاء الإدارى التى رفضت كل دفوع هيئة قضايا الدولة والتى دارت كلها حول أن إبرام الاتفاقيات عمل من أعمال السيادة التى يختص بها السيد رئيس الجمهورية، إلا أن ممثل هيئة قضايا الدولة صرح بعد صدور الحكم بأن هذا الحكم سيؤدى إلى الصدام مع البرلمان ونختلف جذرياً مع هذا الرأى ونستند هنا إلى الدستور المصرى الصادر فى 2014. نص الدستور المصرى فى المادة 151 من الدستور على أن «يمثل رئيس الجمهورية الدولة فى علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقاً لأحكام الدستور، ويجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة، وفى جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة». وهنا نجد أن النص حدد طريق إبرام المعاهدات وأعطى للرئيس الحق فى إبرام المعاهدات ولا تسرى الاتفاقية إلا بعد تصديق مجلس النواب عليها، وهو ما يعرف باسم التوقيع بشرط التصديق، النوع الثانى هى الاتفاقيات المتعلقة بالصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، وهنا اشترط والتصديق عليها يكون عبر استفتاء شعبى ثم جاء الحظر من الدستور على إبرام أى اتفاقية أو معاهدة تؤدى إلى التنازل عن أرض أو حق من حقوق السيادة. وهذا يعنى أن هناك اتفاقيات أو معاهدات محظور على السلطة التنفيذية إبرامها إذا ترتب عليها انتقاص حقوق السيادة أو التنازل عن أرض من إقليم الدولة، وقد تم انتخاب رئيس الجمهورية والبرلمان وكانت حدود الدولة واضحة سواء الإقليم البرى أو البحرى، إنما فقط ما كان لا يزال يحتاج إلى ترسيم هى المياه الاقتصادية، التى تمتد إلى 200 ميل بحرى إذا كانت المياه من الاتساع ما يعطى هذا العمق وإلا تكون مناصفة احتساباً من خطوط الأساس لكل دولة. وبالتالى فإن حق الحكومة فى التفاوض وإبرام اتفاقيات تتعلق بالمياه الاقتصادية كما تم مع قبرص واليونان وهى اتفاقيات تخضع للفقرة الأولى من المادة ولا تحتاج إلى استفتاء شعبى كما أنها ليست من الاتفاقيات المحظور إبرامها بقوة الدستور. أهمية هذا الحكم فى هذا الكم من المستندات التى حشدها الحكم حشداً التى تثبت ملكية مصر للجزيرتين منذ عام 1906 وهو العام الذى تحددت فيه الحدود المصرية بناء على اتفاق مع السلطة العثمانية والتى تم تحديد الحدود بين مصر وولاية الحجاز ومتصرفية القدس وبمبدأ التوارث الدولى أصبحت هذه الاتفاقية ملزمة لكل الأطراف التى ورثت السلطنة العثمانية، ومعروف أن هذه الاتفاقية كانت الأساس لعودة طابا للتراب الوطنى المصرى، لذلك لا يجوز التمسك بدفع أعمال السيادة إذا كان الأمر يتعلق بنص دستورى يحظر على السلطة أن تبرم اتفاقية تتنازل بموجبها ولا يجوز القول إنها أرض كانت تحت الإدارة المصرية فهذا يحتاج إلى إثبات، إما اتفاقية ثنائية أو قرار دولى يضع الأراضى تحت الحماية أو الإدارة، فإذا كانت السلطات المصرية تتعامل مع الجزيرتين كأرض مصرية ومارست السيادة بأبهى صورها بتعيين نقطة شرطة واعتبارها من المحميات الطبيعية وقرارات وزارية أخرى سياحية وزراعية وغيرها فإننا نكون أمام أرض مصرية لا يجوز التنازل عنها بنص الدستور وبحكم المحكمة.