لابد من التوقف طويلاً أمام رسالة وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسى للأمة وتحذيره الواضح الصريح من التدهور السياسى الحاد الذى تواجهه البلاد. قال الفريق أول السيسى إن استمرار الصراع الحالى على إدارة شئون البلاد سيؤدى إلى انهيار الدولة وقال السيسى فى لقائه مع طلبة الكلية الحربية إن مشكلات مصر الاجتماعية والاقتصادية تمثل تهديداً لأمن مصر وتماسكها. وجاء أهم ما قاله فى هذا الخطاب حينما قال: «إن استمرار هذا المشهد دون معالجة من «جميع» الأطراف سوف يؤدى إلى عواقب وخيمة تؤثر على ثبات واستقرار الوطن». كلام وزير الدفاع هو رصاصة تحذير واضحة من المؤسسة العسكرية المدافعة عن الأمن القومى للبلاد والحامية للدستور والوطن. هذا الكلام يعكس قلق هذه المؤسسة من مخاطر سوء إدارة الحوار الحالى بين الحكم والمعارضة والوصول إلى نقطة سيئة من الجمود والعناد السياسى بين الطرفين. وإذا كان الجيش قد عاد إلى ثكناته بعد انتخاب أول رئيس مدنى للبلاد، فإن ذلك لا يعنى أنه قد خرج من معادلة حسابات القوى الفاعلة فى البلاد، خاصة بعد حدوث 3 أمور رئيسية: 1- تدهور الوضع الأمنى فى البلاد مما جعله صعباً على قوات الشرطة أن تواجهه وحدها. 2- إعطاء مجلس الشورى مؤخراً القوات المسلحة حق الضبطية القضائية. 3- زيادة حجم التوتر الإقليمى فى المنظمة مما ينذر بأعمال عسكرية قد تهدد الأمن القومى المصرى. إن مشروع الدولة المدنية العصرية فى مصر أصبح فى خطر شديد وأصبحت التهديدات التى تواجهه أكبر من المتصور داخلياً وخارجياً مما يستدعى أن ترتفع القوى المدنية إلى مستوى المسئولية وتصل إلى حد أدنى من التفاهم لإنقاذ البلاد من مخاطر منزلقات لا أحد يمكن أن يتنبأ بنتائجها المخيفة. لا يجب التعامل مع ما قاله الفريق أول السيسى على أنه مجرد خطاب.