كلما تابعت مباراة لمنتخب كاب فيردى «الرأس الأخضر» فى بطولة الأمم الأفريقية الحالية، على الرغم من أنى لم أتمكن من مشاهدة لقائه الأخير مع أنجولا لانشغالى بمباراة الأشقاء المغاربة مع جنوب أفريقيا، انتابنى إحساس غريب باقتراب الكرة المصرية من الاحتضار، بعدما نجحت دولة كهذه من التأهل إلى البطولة الأكبر فى القارة على حساب الكاميرون بالفوز 3/2 فى مجموع المباراتين، خصوصاً أن مشاركتها فى البطولة الحالية لم تأت عادية فقدمت أداءً طيباً وصعدت فى أول ظهور لها للدور الثانى، بتعادلين مع جنوب أفريقيا والمغرب وفوز على أنجولا لتصعد بالتساوى مع أصحاب الأرض برصيد خمس نقاط، وزاد الإحساس عندى أن الفترة المقبلة قد تشهد ولادة قوى كروية أخرى مثل زنجبار وجزيرة رينيون أو دولة أخرى لم نسمع عنها ولتكن الرأس الأزرق بعد انفصالها «مثلاً» عن جمهورية الرأس الأخضر «كاب فيردى» حديثة العهد والمستقلة عن البرتغال فى عام 1975. والكلام عن الرأس الأخضر وما حققه منتخبها من إنجاز يجعلنى أخجل من الحديث عن أن المستقبل ل«بوركينا فاسو» و«توجو»، بعدما بات المنتخبان فعلياً من المنتخبات الكبرى التى يخشاها الجميع، وكنا حتى وقت قريب نستهين بتلك المنتخبات. ولمن لا يعرف الرأس الأخضر فهى دولة تتألف من أرخبيل يضم مجموعة من الجزر الواقعة غرب سواحل شمال أفريقيا وتقع جزر الرأس الأخضر على بعد 500 كيلومتر من سواحل السنغال فى المحيط الأطلنطى، وتتكون هذه الجزر من قسمين؛ جزر جبلية وعرة، وأخرى سهلية منبسطة، ومناخها معتدل طوال العام قياساً بموقعها البحرى، وأكبر الجزر سانتاجو وتضم العاصمة برايا، ثم جزيرة القديسة ونسانت، وجزيرة سانتا أنتاو. ونظراً لأهمية موقعها الجغرافى احتلها البرتغاليون فى القرن التاسع عشر، ويتردد أن البرتغال شاركت فى الحرب العالمية الأولى لحماية مصالحها فى موزمبيق والرأس الأخضر من أطماع الجيش الألمانى. وعلى المستوى الكروى يبدو الدورى الأخضرى مجهولاً، لكن المنتخب، الذى يقوده المدرب الوطنى لوسيو أنتونيس، يضم لاعبين على مستوى متميز أبرزهم: ريان مينديز، مهاجم ليل الفرنسى، الذى يقدر سعره حاليا ب3٫5 مليون يورو، وهو ما يجعله يتفوق على أى لاعب مصرى يفكر أن يحترف، وفيرناندو فاريلا، مدافع فاسلوى الرومانى، الذى وصل سعره فى سوق الانتقالات إلى 1.9 مليون يورو، الأمر الذى يعنى أننا ببساطة لا نفهم شيئاً عن قواعد التسويق، بدليل أننا حصلنا على ثلاث بطولات قوية ومتتالية للأمم، ورغم ذلك لم يحترف لدينا سوى عمرو زكى، وكان على سبيل الإعارة، وأحمد المحمدى. أتمنى أن يدفعنا كابوس الرأس الأخضر إلى التمسك بالأمل الأخير فى إنقاذ الكرة المصرية بعودة الدورى، الذى أصبح فى علم الله وإقامته باتت أمراً مستحيلاً، وأحذر من أن عدم تأهل المنتخب إلى كأس العالم يعنى مزيداً من التراجع، ونهاية أبرز جيل فى تاريخ الرياضة المصرية، وعلى الجهات المعنية أن تعلن على وجه السرعة الموقف حتى تتمكن الأندية من تدبير أحوال لاعبيها بالإعارة أو البيع، بدلاً من تحمل مزيد من الأعباء المالية، خصوصاً أن القيد فى العالم كله يغلق أبوابه بنهاية يناير الحالى.