قدّرت المنظمة العربية لمكافحة الفساد خسائر الدول من أنشطة تحالُف السلطة والمال الذى يُطلق عليه «زواج السلطة بالمال» فى الدول النامية نحو 3 تريليونات دولار، يبلغ نصيب مصر منها نحو 6 مليارات دولار سنوياً، وفقاً لتقرير النزاهة المالية العالمية «جلوبال فاينانشيال»، الذى أرجعه إلى فساد الحكومة والأنشطة المالية غير المشروعة. وأشار التقرير إلى أن حجم الأموال المسروقة من الشعب المصرى فى فترة حكم الرئيس السابق حسنى مبارك، نحو 270 مليار دولار. وأوضح أن الفقر والاستبداد هما الضلعان الآخران فى مثلث رأسه الفساد، الأكثر انتشاراً فى البلدان النامية، خصوصاً فى تلك البلاد ذات الاقتصادات الخاضعة للسلطة، والحكومات الاستبدادية. ووفقاً لتقرير منظمة الشفافية الدولية الصادر عام 2008، فالفساد هو واحد من أكثر التحدِّيات الهائلة التى تعترض الحكم الرشيد والتنمية والحدّ من الفقر. وأظهرت الدراسات أن الثقافات فى جميع أنحاء العالم لا تدعمه، فهو يستشرى كنتاج لمزيج من البيروقراطية وعدم الكفاءة الاقتصادية، التى تسمح ب«زواج السلطة والمال». وقال أحد الاقتصاديين الصينيين لصحيفة «واشنطن بوست»: «الحكومات لديها القوة، والمستثمرون لديهم المال، ويتحالفون معاً لجنى جميع الفوائد». والفساد فى الدول النامية، حسب التقرير أيضاً، يعد بمثابة سرطان لا يمكن علاجه، يؤدى إلى تدمير مأساوى للمجتمعات ويجعل الملايين من البشر فقراء معدمين، ومخالبه تصل إلى كل مكان من مكاتب الرؤساء والوزراء إلى أصغر وحدة إدارية. وحسب تقرير صندوق النقد الدولى، فإن ضعف الإجراءات وتواطؤ السلطات يأتى فى مقدمة العوامل المؤدية إلى الفساد وتهريب الأموال، فضلاً عن عدد من العوامل الأخرى، واستخدام أبواب لتهريب الأموال الناجمة عن الفساد، من خلال وسائل عديدة يصعُب حصرها، أهمها شراء أسهم لحاملها أو سندات، وهى من أسهل الطرق لإخفاء الأموال، إذ يظل اسم المشترى مجهولاً والاستعانة بأشخاص مجهولين فى مجتمع المال والأعمال لنقل الأموال والممتلكات والعقارات بأسمائهم مع أخذ الضمانات الكافية عليهم، مقابل حصولهم على النسبة المقرّرة. وقال هانى توفيق، الخبير الاقتصادى، إن زاوج المال بالسلطة له تأثير كبير على الدول سنوياً، حيث يُكبِّد الدول زيادة تتراوح بين 25 و35% فى تكلفة الأعمال، لكن هذه المبالغ يصعُب تقديرها. وأضاف: «هناك عدد من رجال الأعمال يضطر إلى دفع رشاوى لعدد من المنتفعين فى السلطة، من أجل تسيير مشروعاته، وتنتج عن ذلك زيادة التكلفة فى الأعمال، التى تنعكس سلباً بعد ذلك على المستهلك الرئيسى، لأن رجل الأعمال يريد أن يحصُد ما أنفقه من أجل إتمام مشروعه، فيرفع الأسعار عن السعر الطبيعى لها، وعلى سبيل المثال نيجيريا من الدول التى زاد فيها أداء الأعمال بنسبة 35% سنوياً».