هى من عصر الفراعنة.. حتشبسوت ونفرتيتى.. وكما قال فى صلاة الجمعة بالسعودية الشقيقة.. ومن نسب السيدة فاطمة (الفاطميين).. ومن هاجر التى تزوجها إبراهيم عليه السلام، وتركها بوادٍ غير ذى زرع مع طفلها إسماعيل (لعلمه أنها قادرة على تحمل المسئولية) وأخذت تهرول بين الصفا والمروة.. وأصبح ما فعلته من مناسك الحج والعمرة أرقى العبارات.. هى آسيا امرأة فرعون التى بُشِّرَت بالجنة.. هى ماريا القبطية من زوجات الرسول عليه أفضل الصلوات والسلام، وهى... وهى... وهى... وأنا أعلمها جيداً بل وأراها فى الشارع وفى المواصلات وفى عيادات الأطباء وفى طوابير الجمعيات وفى أسواق الخضار وأخيراً فى صفوف الناخبات المصريات، هى المرأة المعيلة.. وهى طالبة تساعد فى أعمال المنزل وإذا تخرجت تساعد فى مصروف البيت إذا كان والدها قد بلغ سن المعاش أو ذا دخل محدود. وهى الزوجة التى تساعد زوجها معيلة معه فى المصروف أو مدبرة فى نفقات الأسرة، عن طريق الجمعيات والسلف والعمل من المنزل. وهى إذا اضطرتها الظروف للإعالة الكاملة تحت اسم «الزوج طفش» ذهب إلى ليبيا أو العراق ولم تعلم عنه شيئا وترك لها الأطفال وقد يترك لها «والدته» أيضاً. وهى المعيلة إذا زوجها مرض بمرض عضال أو مرض نفسى كالإدمان. وهى المعيلة إذا مات زوجها وضاعت لإثبات إرث أطفال قصر وتاهت بين الوصى وحقوق أبنائها فى ساحات المحاكم. وهى المعيلة إذا طلقها زوجها وبات لم يعرف له عنوان أو تخاذل عن دفع حقوق أطفالهما.. ما بالك بحقوقها. هى 32٪ من الأسر المصرية التى تعيلها المرأة إعالة كاملة!! هى المرأة التى نراها فى الشارع.. لا فى الأفلام والروايات والفضائيات، فمن الواضح أن المرأة التى نراها نحن ليست المرأة التى يراها الآخرون؛ فالآخرون يرونها متبرجة سافرة عارية غانية وقد تصل إلى عاهرة.. ولا أدرى أين يرى العهر إذا لم يكن يزاوله؟!! فالعهر فى اللغة هو ممارسة البغاء بأجر.. أم أنهم لا يعلمون؟! نحن نرى المرأة على شاشات الفضائيات فنعتقد أن كل النساء كذلك.. المرأة التى تظهر على الشاشة مع أجنحة البريق كالفراشة حولها هالة من الضوء ومساعدو إضاءة وخبراء ماكياج.. هى المرأة التى يرونها تغنى وتمثل وتتمايل فى قنوات معظم الأسر المصرية قامت بتشفيرها حرصاً على أطفالها.. كيف ترى.. لا، ماذا ترى؟ أنا أرى فتاة صغيرة فى الريف لا تتعلم لتذهب إلى الحقل فى سن أربع سنوات لكى تجمع «الدودة» أو المحصول.. ثم تذهب فى سن التاسعة للخدمة فى البيوت فى العاصمة مقابل جنيهات تذهب للأب أو الخال أو العم تحت ذريعة جهاز البنت أو اختها، أو تتزوج ثريا عربيا و«نخلص منها مرة واحدة». أنا أرى فتاة لا تعلم كيف تكتب أو تقرأ.. فلا تقرأ فاتحة القرآن الكريم.. فلا تصلى فى بلد تحكمه تيارات إسلامية متعددة. أنا أرى فتاة لا تملك من أمر نفسها شيئاً حتى الفكر.. فإذا فكرت فى يوم أخطأت وإذا أرادت شيئاً طمعت وإذا اشتهت شيئاً سرقت. لأنها لم تتعود أن تتعلم.. لتعرف الصواب من الخطأ.. ولم نرد وهى طفلة أن نقول لها «هذا مسموح وهذا غير مسموح به»، ولم تشتهِ أى شىء من مال أو ثياب أو حتى رجال.. فإذا وجدته سرقت أو وقعت فى الحرام.. الحل عندنا هو العلم.. والحل عندهم هو الختان والزواج المبكر.. الختان أيها السادة فى الخارج يعتبر استئصالا أو بترا.. والختان لم يمنع أن نرى فى صفحات الحوادث جرائم قتل الزوج مع العشيق وقطع أعضاء الزوج ووضعها فى كيس، وجرائم بشعة.. الزواج المبكر لم ولن ينتج لنا أجيالا مفكرة بل ينتج أطفالا مدمرين، كل المطلوب منهم هو إحضار المال كما فعلت أمهاتهم. المرأة، الفتاة، الطفلة، عزيزى الرجل.. ليست ماذا ترى ولكن كيف ترى؟! فالعيب ليس فيها.. بل فى أعيننا وعقولنا.