مثلثٌ إن لم تلتقِ أضلاعُه، يظلُّ خطاً متكسِّراً أعوجَ، لا شكلَ هندسياً له. الشعبُ -الحاكمُ- الشفافية. ضلعٌ يربطُ ضلعين، يتكونُ مثلثٌ. «الشفافيةُ» هى الضلعُ الرابط بين «الحاكم» و«المحكوم». إن غابت، ارتبكت علاقةُ الشعب بالحاكم؛ و«أنكرَ خِلٌّ خِلَّه»، ومضى كلٌّ فى طريق، كما أنطق إبراهيم ناجى أمَّ كلثوم. ومضى «الشعبُ» فى طريقه، فأشعل ثورةً ضدَّ «حاكمٍ» استلب «الشفافيةَ»؛ التى هى أول حقوقه. ومضى الحاكمُ إلى غايته وتنحَّى. وجاء «حاكمٌ» جديد، لا ليمنحَ ذلك «الشعبَ» «الشفافيةَ» التى أراق على جوانبها الدمَ، بل ليستلبَ آثارَ «شفافية» تبقَّت من العهد القديم. لأنه ينتهج أولَ مبدأ إخوانىٍّ: (اِظهرْ عكسَ ما تُبطن). المثلثُ يأبى أن يكتمل، ويزداد اعوجاجاً وتنافراً. فبكتِ الثورةُ على شهدائها! لم يثُر الشعبُ ليغرق فى الغموض وضبابية المستقبل، عطفاً على غرقه فى الفقر والمرض والتجهيل العمدىِّ (وليس الجهل). من حقنا -كشعب له سيادة- أن نعرف ماذا تمَّ ويتمُّ فى كواليس مصرَ بين الخماسىِّ: مكتب الإرشاد- أمير قطر- أمريكا- إسرائيل- حماس؟ مثلما من حقنا أن نعرف أىَّ صفقات عقدتها جماعة الإخوان مع المجلس العسكرى! وقبل ذلك، من حقِّنا أن تُعلن الصفقةُ التى أُبرمت بين البيت الأبيض ومكتب الإرشاد والتهديد بحرب شوارع وبحور دم، إن لم يستقرَّ مرسى فوق كرسى مصر المغتصَب أبداً. كما من حقِّنا كشعب -منهوبةٌ ثرواتُه منذ عقود- أن نعرف تحركات «خيرت الشاطر» الواسعة لابتلاع مشروعات رجال الأعمال المصريين واحتكار استثمارات مصر. من حقِّنا أن نعرف إن كان مرسى يمنح لغير مصريين حقَّ انتفاع وإقامة فى سيناء التى بُذلت من أجلها أرواحُ آبائنا وأجدادنا. أن نعرف مصير دم الثوار، ومصير ضباط 8 أبريل، ومصير المسجونين عسفاً فى سجون آل سعود، يُجلدون وتُهدَر آدميتهم على مرأى من مرسى ومسمع، وهو القائل، قبل القبض على الصولجان: «لن يُهان مصرىٌّ فى عهدى»! من حقِّنا أن نعرف لماذا تُحارَب المعارضة، بعدما زعم (أيام الخطوبة) أن لا قلم سيُقصَف فى حكمه. من حقِّنا أن نعرف مصير التعليم والصحة فى زمن الإخوان والسلفيين. من حقِّنا أن نعرف فى أى بيئة سينشأ أطفالُنا. من حقِّنا أن نعرف مصير أقباط مصر الذين يهاجرون بالمئات كل يوم. فى سويسرا، لا يتجاسر عمدة الكانتون ويتخذ أىَّ قرار دون استفتاء الشعب. فهل سألنا مرسى عن تصدير خيراتنا دون علمنا إلى بلاد أخرى؟ هل سألنا عن رفع الدعم وتعويم الجنيه وغلاء أسعار كل السلع الأساسية، فى مقابل تدنِّى مرتبات القطاع الأعظم من المواطنين، وفُحشها لدى فئة محدودة أخرى؟ وبعد كل هذا، شرَّبنا بالمرِّ والغصب دستوراً لم يكتبه ويوافق عليه إلا أهله وعشيرته. فكم، أيها الحاكم، أهدرتَ من حقوقنا فى لحظة طائشة من الزمن أجلستك على عرش مصر! الثورة قادمة، وحتمية.