أخشى كثيراً من اختزال المشهد السياسى بمصر فى الانتخابات وقانونها وقوائمها ومرشحيها. نعم، متابعة قانون الانتخابات ضرورية، وكشف نواقصه وتشوهاته مسئولية وطنية، وصياغة شروط محددة (ضمانات للنزاهة وللشفافية) للمشاركة فى الانتخابات البرلمانية، بما فى ذلك تشكيل حكومة محايدة توجه مبدئى للمعارضة يتعين الالتزام به. إلا أن استهلاك دور المعارضة فى قضايا الانتخابات فقط يباعد بينها وبين الكثير من هموم المواطنات والمواطنين. فمصر مقبلة فى 25 يناير 2013 على يوم هام فى مسار الاحتجاج السلمى الذى طور حياتنا السياسية خلال العامين الماضيين وأنتج باستمرار نقلات نوعية. يأتى 25 يناير القادم بعد دستور مشوه أقر وفى سياق سياسات وممارسات من قبل الرئيس وجماعته وحلفائه تعصف بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمصريات والمصريين (قرارات الغلاء الأخيرة) وبالحقوق السياسية وحرية التعبير عن الرأى (القيود المفروضة على الإعلام وتفاصيل قانون الانتخابات الجديد). لا تملك المعارضة الوطنية ترف تجاهل 25 يناير والهم الوطنى المتمثل فى مواجهة هيمنة واستبداد الإخوان وحلفائهم. مصر أيضاً تمر بوضع اقتصادى واجتماعى خطير للغاية يتواكب مع إدارة رئاسية وحكومية غير فعالة. دور المعارضة الوطنية الآن هو صياغة رؤية محددة للتعامل مع الوضع الاقتصادى والاجتماعى وطرحها على الرأى العام بوضوح وشفافية. دون هذا، ستظل المعارضة تعانى من الدعاية السلبية والمضادة كقوة رفض فقط لا تطور مجموعة من السياسات والحلول لأزمات الوطن والمواطن. مصر بها، أخيراً، مؤسسات دولة وأجهزة تنفيذية وإدارية ذات أداء متردٍ، ويُفرض عليها من قبل الإخوان وحلفائهم لون أيديولوجى وسياسى لن يسمح بالتأسيس لحيادية واستقلال الدولة ومؤسساتها. الدولة تتآكل بالسيطرة على مفاصلها من قبل الجماعة. دور المعارضة الوطنية هنا هو حماية الدولة ومؤسساتها من التآكل ومن الهجمة الإخوانية التى إن اقتصرت على المواقع الوزارية ومستشارى الوزراء (فالرئيس منتخب وله سلطة تعيين الفريق الوزارى) ما كان لأحد أن يعترض عليها إلا بحسابات الكفاءة والأداء. مجدداً لا تختزلوا المشهد السياسى فى الانتخابات وقضاياها.