بدعوة من مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، ومشاركة المنظمة الدولية للانتخابات، عُقدت يوم الثلاثاء الماضى ورشة عمل كانت أشبه بمائدة حوار وتلاقٍ بين اللجنة العليا للانتخابات وأعضاء مجلس الشورى، الذين يقومون فى الوقت الراهن بمناقشة قانون الانتخابات. وقد اتسم هذا اللقاء بسمتين أساسيتين؛ الأولى أنه جمع اللجنة العليا للانتخابات، وهى المعنية مباشرة بتنفيذ قوانين الانتخابات على أرض الواقع مع مجلس الشورى، بعد تجاهل واضح من قِبل المجلس لدعوة اللجنة، وبعد تجاهل سابق من قِبل لجنة الحوار الوطنى التابعة لرئيس الجمهورية لتلك اللجنة. وقد كان هذا الأمر مستغرباً نظراً لأن اللجنة، بحكم قانون مباشرة الحقوق السياسية، هى التى لها حق اقتراح قوانين الانتخاب وإبداء الرأى بشأنها. أما السمة الثانية لهذه الورشة فإنها تناولت موضوعاً ما زال على بساط البحث، أى لم يُحسم وينته كتشريع، ومن ثم كان اللقاء مثمراً فى تعريف أعضاء مجلس الشورى -قبل مناقشة قانون الانتخاب- على أهم الثغرات التى يتضمنها مشروع القانون الحالى المعروض على المجلس، عسى أن يتم تداركها قبل فوات الأوان. المؤكد أن للقانون ميزات أتى بها، ومنها على سبيل المثال إلغاء حق الترشح لكل من لم يحصل على شهادة التعليم الأساسى (الإعدادية) على الأقل، بعد أن كانت كذلك لمواليد ما بعد عام 1970، وإجادة القراءة والكتابة لمواليد ما دون ذلك، إضافة إلى تقرير كوتة للمرأة. على أن هذا الأمر لم يعنِ الخلاص من كل المشكلات، فهناك مشكلات أخرى طُرحت خلال تلك الورشة من قبل المتحاورين. فأولاً: لدينا المشكلة الدائمة المتعلقة بتقسيم الدوائر، والتى لم تُمس والأرجح أنها لن تُمس بدعوى ضيق الوقت، وهذه المشكلة تتصف بإيجاز فى عدم التناسق بين الدوائر وعدد المرشحين، خذ مثلاً دوائر القاهرة (4 قوائم و9 فردى) يمثلها بعدد ناخبين نحو 7٫5 مليون ناخب 54 نائباً، بينما الدقهلية وعدد ناخبيها 3٫5 مليون ناخب وبها 3 دوائر قائمة و6 فردى يمثلها 36 نائباً. ثانياً: ما زالت مشكلة الطعون الانتخابية، التى تؤدى كل مرة إلى إعادة الانتخابات فى أكثر من دائرة غير محسومة إلى الآن؛ لأن المدة المقررة لهذه الطعون كحد أقصى لقبولها والفصل فيها هى مدة إجرائية غير ملزمة للمحاكم. بعبارة أخرى، يجب أن يكون لدينا نص إلزامى للمحاكم بالفصل فى كافة الطعون قبل أسبوع أو عشرة أيام من الاقتراع، وعدم القبول بأى طعن على أحكام المحاكم فى هذا الشأن، بحيث لا يتبقى من الطعون أمام المحاكم سوى الطعون المتعلقة بالنتائج والفرز. ثالثاً: السماح بتأليف قوائم ناقصة، حتى تتمكن القوى السياسية التى لا تستطيع تأليف قوائم كاملة من المشاركة فى الانتخابات، وأن تكون القوائم الاحتياطية مساوية تماماً للقوائم الأساسية، حتى يتم الإحلال من خلالها فى الظروف الطارئة سواء قبل الاقتراع، أو بعد إعلان النتائج. رابعاً: وضع نظام ثابت لترتيب المرأة فى كل القوائم، كمتوالية حسابية مثلاً، حتى لا يثير ذلك أية مطاعن دستورية. خامساً: تقرير كشف واحد للناخبين وليس كشفين داخل مقر الاقتراع، بحيث لا يربك وجود كشفين أحدهما يثبت توقيع الناخب على تصويته على القوائم والآخر تصويته على الفردى، إرباك القائمين على إدارة عملية الاقتراع. سادساً: منح اللجنة العليا للانتخابات دوراً أكبر فى حفظ كل أوراق الترشح والطعون عليها، وكذلك تخويلها وحدها وليس للجان الفرعية التى تعمل تحت إمرتها بإعلان النتائج، مع إمكانية تخويل اللجان الفرعية بإعلان الأرقام التى حصل عليها كل متنافس. سابعاً: إلغاء قرار اللجنة العليا بمد التصويت لساعات أخرى، وتضمين القانون ساعات الاقتراع كلها مهما طالت، حتى لا يؤدى منح اللجنة حق المد فى النصف الثانى من يوم الاقتراع إلى إرباك الناخبين، ومن ثم عدم تكافؤ الفرص بينهم فى التصويت. ثامناً: إعادة النظر فى إسقاط عضوية النائب الذى يستقيل عن حزبه الذى ترشح على قوائمه، لما فى ذلك من مشكلات كثيرة.