فى الخامس من يناير عام 1899 وُلد الجنيه المصرى، لم يفكر أحد فى الاحتفال بالذكرى ال114 له -التى وافقت أمس السبت- عدا الفنان أحمد بيرو، الذى ينظم معرضاً فنياً بعنوان «حكاية جنيه مصرى» فى الوقت الذى تدير فيه الحكومة ظهرها للجنيه عن قصد أو دون، بحيث استقبلت ذكراه بمجموعة من الإجراءات جعلته يصل إلى أدنى مستوياته على مدى التاريخ. «الحكومة معندهاش أداء اقتصادى أصلاً، هتدعم الجنيه ولا تهاديه منين؟!»، قالها د. أحمد النجار، الخبير الاقتصادى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، مؤكداً أن التعويم الفعلى للجنيه بدأ، وأن الفقراء والطبقة الوسطى يدفعون الثمن، وشركات الصرافة الإخوانية فى مقدمة الرابحين، والمشهد سوف يكتمل لو أقر البنك المركزى قاعدة قابلية تحويل الجنيه فى كل العمليات الجارية والرأسمالية والتحويلات. يتنبأ الخبير الاقتصادى بأنه فى ظل كل ذلك ستبدأ دورة جامحة من تدهور الجنيه واستنزاف الاحتياطى بصورة أسرع قد تعجّل بالعجز عن سداد الالتزامات الخارجية للدولة، ويقول: «فى كل الأحوال فإن تراجع الجنيه سيعنى موجة من ارتفاع الأسعار لأن كل السلع المستوردة (قيمتها 350 مليار جنيه فى العام المالى الأخير) وضمنها السلع الأساسية سترتفع أسعارها بنسبة انخفاض الجنيه أمام الدولار وباقى العملات الحرة، وستتبعها السلع المحلية المناظرة أولاً ثم كل السلع. وهذه الموجة التضخمية القادمة سيعانى منها الفقراء والطبقة الوسطى وبالتحديد كل من يعملون بأجر، حيث تتحرك أجورهم بمعدلات أدنى من الارتفاعات السريعة فى الأسعار. وبالمقابل فإن شركات الصرافة المملوكة فى غالبيتها للإخوان والسلفيين، حيث كانت رموزهم ضمن تجار العملة فى السوق السوداء فى زمن تجريمها، سوف تتزايد ثرواتهم تبعاً لحجم ما بحوزتهم من دولارات وعملات حرة، حيث سترتفع قيمتها مقدرة بالجنيه المصرى، وعموماً فإن تعويم العملة المحلية هو مطلب دائم لصندوق النقد الدولى عند إقراض الدول المتعثرة، وما يجرى قد يدفع مصر من حافة الأزمة إلى هوتها».