يعتزم وفد يمثل الأحزاب الخمسة الرئيسة في الإقليم الكردي بالعراق زيارة بغداد، الأسبوع المقبل، لإجراء مفاوضات تتناول ملفين أساسيين يتعلقان بالشراكة السياسية في إدارة البلاد، وآلية تشكيل حكومة "التكنوقراط". وواجه حيدر العبادي، رئيس الوزراء العراقي، معارضة شديدة من القوى السياسية الشيعية والسُنية والكردية بعد تقديم تشكيلة حكومته المقترحة إلى البرلمان، الخميس الماضي؛ بسبب عدم إشراك الأطراف السياسية في ترشيح الوزراء الجدد، وعدم الحفاظ على حصص القوى الإثنية والدينية في البلاد في الحكومة كما جرى العرف. وقالت نجيبة نجيب، عضو كتلة التحالف الكردستاني في البرلمان العراقي ل"الأناضول"، اليوم الخميس، إن "وفدا من الأحزاب الكردية الخمسة في الإقليم الكردي بالعراق سيزور بغداد الأسبوع المقبل"، مشيرة إلى أن "الوفد سيبحث ملفي الشراكة السياسية بين الأكراد وبغداد والتشكيلة الوزارية الجديدة". وأضافت نجيب أن "الإقليم يرى أن الشراكة لا تزال غائبة بين المكونات الرئيسة للدولة العراقية، وأبرزها المشاكل المتعلقة بمخصصات قوات البيشمركة(جيش الإقليم الكردي) من ميزانية الحكومة الاتحادية، وآليات تطبيق النظام الاتحادي، إضافة الى ملف الإصلاحات والتشكيلة الوزارية". وتابعت أن "الأكراد مع الاصلاحات، لكن تقديم مرشحين لشغل وزارات في الحكومة الاتحادية من دون الرجوع للأحزاب الكردية يخالف مبدأ الشراكة، وهو أمر لا يمكن القبول به. الوفد سيبحث موضوع التشكيلة الوزارية مع المعنيين في بغداد (دون أن تحدد الشخصيات التي سيلتقيها)". وقدم العبادي في 31 مارس الماضي تشكيلة حكومة "تكنوقراط" إلى البرلمان من أجل التصويت عليها. التشكيلة الحكومية، التي تضم 16 وزيرا، بينهم 14 وزيرا جديدا، إضافة إلى استمرار وزيري الدفاع والداخلية من الحكومة الحالية، طلب البرلمان مهلة 10 أيام لدراسة ملفات المرشحين قبل التصويت عليهم. وفور تقديم العبادي لأسماء حكومته الجديدة، أعلن زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، فضّ اعتصامات نظمها أتباعه على مدى نحو أسبوعين، أمام المنطقة الخضراء، التي تضم مقار الحكومة والبرلمان، وسط العاصمة بغداد. واستخدم الصدر الاعتصامات كوسيلة للضغط على العبادي من أجل تشكيل حكومة من التكنوقراط حتى يمكن محاسبة رئيس الحكومة على أخطائها بدلا من الحكومات التي تشكلها القوى السياسية، فلا يتحمل رئيس الحكومة أخطاءها. ومنتقدا أيضا إقدام العبادي على تقديم تشكيلة حكومية للبرلمان دون التشاور مع القوى السياسية في الأسماء المرشحة، قال لطيف شيخ عمر، عضو المجلس القيادي لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي يتزعمه رئيس الجمهورية السابق جلال طالباني، إن "الأكراد يجب أن يكونوا شركاء في تشكيلة الحكومة الاتحادية". وأضاف، في تصريحات أعقبت اجتماعا، أمس الأربعاء، بين قادة من حزبه وحركة التغيير الكردية بمدينة السليمانية، تابعة للإقليم الكردي في العراق، أن "الأكراد يجب أن يكونوا شركاء أساسيين". وأوضح، خلال التصريحات التي بثها "تلفزيون كردسات"، التابع للاتحاد الوطني الكردستاني، أن مطلب الأكراد يتمثل في الحفاظ على تمثيل لهم لا يقل عن 20 في المئة من تشكيلة الحكومة الجديدة. بدوره، قال شورش حاجي، المتحدث باسم حركة التغيير: "نحن ندعم جميع خطوات الإصلاح باتجاه خدمة المواطنين، وما يتعلق بالكابينة التشكيلة الوزارية الجديدة، إذا كانت التغييرات شاملة، فإننا على استعداد لتقديم مرشحينا كباقي الكتل الأخرى، مع مراعاة الاستحاق الانتخابي للأحزاب الكردستانية الأخرى". والأحزاب الرئيسة الخمسة في الإقليم الكردي بالعراق تضم "الحزب الديمقراطي الكردستاني، الاتحاد الوطني الكردستاني، حركة التغيير، الاتحاد الإسلامي الكردستاني، الجماعة الإسلامية في كردستان العراق". ولا يرفض الأكراد حكومة التكنوقراط، لكنهم يرون أن هذا لا يمنع الحفاظ على الحصص المخصصة للقوى الإثنية والدينية في البلاد، كما جرى العرف. وفي أعقاب إسقاط نظام الرئيس العراقي الأسبق، صدام حسين، عام 2003، دأبت أحزاب شيعية وسنية وكردية على توزيع المناصب الحكومية الرفيعة فيما بينها وفق نظام حصص. وأوصل هذا العرف المتبع مسؤولين حزبيين لا يتمتعون بالكفاءة إلى مراكز المسؤولية على رأس الوزارات، وحول الكثير منهم وزاراتهم إلى مراكز انتفاع لأحزابهم؛ ما فاقم من شيوع الفساد في هذه الوزرات، حسبما يقول بعض السياسيين والمراقبين.