بدموع منهمرة وصوت أجش وحرقة قلب أب فقد أعز ما يملك فى لحظات معدودة، قال فتحى صفوت الأرنؤوطى أحد أبناء قرية الغوابين مركز فارسكور ووالد شهيد مجزرة بورسعيد فى فبراير من العام الماضى: «الداخلية قتلت ابنى وانتقمت من الألتراس وقتلتهم، لأنهم أول من ساند الثورة، والبورسعيدية تواطأوا معهم». وأضاف فى حديثه ل«الوطن»: «خيرى كان مطيعا وحبوبا لم يرفض طلباً لأى أحد وكان يساعد الجميع»، وأن ابنه كان يمتهن «السباكة ومبلط سيراميك» بالرغم من تفوقه فى دراسته، مضيفاً «لقد رفض خيرى الارتباط حتى يجهز نفسه، وحمدت الله على ذلك لما كان سيترتب عليه من حزن بالغ لأسرة أخرى بعد وفاته، فدائما ما كان يتمنى الهجرة خارج مصر متطلعاً لمستقبل أفضل، وكان يعشق الرسم والتلوين». وعن يوم المجزرة، قال والد خيرى: «كان يوماً كئيباً لم تطلع فيه شمس، ففى هذا اليوم خرج خيرى لشراء احتياجات المنزل وفوجئت به يأتى إلى مقر عملى فى تمام الواحدة ظهراً ليبلغنى بذهابه للمباراة وحينها رددت عليه «بلاش يا خيرى تروح أنت وزمايلك المباراة أنتم وشكم نحس كل مرة بتروحوا المباراة الأهلى بيتغلب»، وحينها أصر على الذهاب وكان معه اثنان من زملائه من بينهم محمد سمير عاطف الذى استشهد هو الآخر، وأثناء خروجه من مكتبى هرولت مسرعاً وراءه لشعورى بعدم رؤيته بعد ذلك، وهذا الشعور كان ينتابنى بشكل دائم، ففى إحدى المرات قال لى «ماتشغلش بالك بموضوع تجهيز شقتى والله العظيم أنا كده كده مش ساكنها فما تستعجلش». وأكد «كنا نشاهد المباراة وفجأة وجدنا هرج ومرج بالملعب، ثم شهدنا الأحداث وحينها علمت بوفاة نجلى، رغم أنه لم يتصل بنا أحد، وظللت حتى العاشرة مساءً لا أعلم شيئاً عنه، ولم تحملنى قدماى على السفر إليه رغم سفر عدد من أبناء القرية فور وقوع الاشتباكات، وبدأت الأخبار تتناقل وجاء إلىَّ عدد من شباب البلدة ونجل عمى وطلبوا منى النزول معهم، قال لى ابن عمى إنا لله وإنا إليه راجعون، وجاءت جثته فى الثانية صباحاً»، مشيراً إلى أن ابنه لم يكن مصاباً، بل تم خنقه. وبغلٍ وكرهٍ لأبناء بورسعيد، قال الأرنؤوطى: «أغلب البورسعيدية وحوش مفترسة تواطأوا وقتلوا أبناءنا، ولم يفعلوا شيئاً يثبت عدم تورطهم، كما يطالبون بعودة الدورى وتبرئة المتهمين»، متسائلاً: «على أى أساس يتم ذلك؟ فمنذ وفاة نجلى ونحن لا نترك أى وقفة احتجاجية لشباب الألتراس، فنحن من سيستكمل مسيرة أبنائنا بعد قتلهم غدراً».