أخذ قانون الانتخاب طريقه إلى مجلس الشورى بعد جلستين من «الحوار الوطنى» حوله. أهمية القانون تنبع من أمرين: الأول أنه يحدد طبيعة الانتخابات، وخريطة التمثيل فى مجلس النواب المقبل، والثانى أنه يمثل نموذجاً لإدارة العملية التشريعية فى ظل غالبية الإسلاميين بشكل عام. من ناحية أولى: قانون الانتخاب لم يأت نتيجة حوار متسع بين القوى السياسية؛ لأن «جبهة الإنقاذ الوطنى» لم تشارك فى المداولات حوله، يعبر فقط عن تصورات ومقترحات القوى التى شاركت فى «الحوار الوطنى»، ويكون موضوعاً للنقاش والتصويت فى «مجلس الشورى». إذا خرج القانون للنور مدعماً للتيار الإسلامى فى الانتخابات المقبلة فسوف يعزز الاستقطاب السياسى القائم، ويضعف من فرص الحوار والمشاركة. المقترحات التى يطرحها التيار الإسلامى تضيق من فرص الأحزاب الصغيرة فى الحصول على مقاعد من خلال نظام القوائم الانتخابية، التبرير المعلن أنه يريد أغلبية حزبية قوية تسمح بتشكيل حكومة وسط توقعات بصعود نجم المستقلين فى الانتخابات المقبلة، لكنه فى المقابل يغلق الباب أمام أحزاب أخرى للمشاركة فى الحياة البرلمانية، فضلاً عن عدم وجود هندسة قانونية تسمح بتمثيل فئات اجتماعية متعددة مثل المرأة والأقباط والشباب وغيرهم، وهو أمر ينطوى على رسائل مهمة لقطاع عريض من المجتمع مضطرب وقلق ويتوقع الأسوأ. لا يكفى أن تكون هناك أصوات وسط الإسلاميين مطالبة بتمثيل للمرأة أفضل من ذى قبل، وسط شعور بأهمية إرسال رسائل للخارج بهذا الخصوص، ولكن الأهم الرسائل للداخل الذى يريد أن يشعر بأن المجتمع يتغير. من ناحية ثانية يأتى «مجلس الشورى» الذى أصبح متمتعاً بصلاحيات تشريعية لبضعة أشهر، وهو بالتأكيد يعانى من اختلال فى تمثيل القوى السياسية المختلفة. هناك غالبية إسلامية متمددة تصل إلى أكثر من 80% من أعضاء المجلس، وأصوات ليبرالية محدودة، ومخاوف بشأن أجندة تشريعية جاهزة يسعى التيار الإسلامى لفرضها. قانون الانتخاب يمثل نموذجاً فى ذاته. إما أن يجرى فرضه بالغالبية التشريعية دون تشاور وحوار متسع مع القوى السياسية. هنا يأتى الحديث عن مجلس الشورى ذاته، والذى أرى أنه ينبغى أن يكون محدوداً فى حركته التشريعية لما هو ضرورى وأساسى، دون التوسع فى أجندة تشريعية تؤكد مخاوف القوى السياسية المعارضة بأنه قد يستغل فى تمرير قوانين تحد من الحريات، وتحجم المعارضة فى حركتها ضد التيار الإسلامى. إذا صح هذا التوجه فإنه يفتح الباب أمام احتجاج واسع، وعدم استقرار لن تفلح معه قوانين أو فرض قيود، فقد كان نظام مبارك الأمهر فى ذلك، ورغم ذلك تهاوى. أتمنى أن يعى التيار الإسلامى هذه المسألة، وألا يدفعهم «الفوز المنقوص» فى الاستفتاء إلى الشعور بالغلبة؛ لأن المجتمع يعانى من استقطاب، ووضع اقتصادى مأزوم، والسبب فى المقام الأول عدم الاستقرار السياسى، فضلاً عن حالة الإحباط السائدة.