متطرف تعنى «جامد الفكر»، لا يستطيع المرونة، وتقبُّل النقد، مؤمن إيماناً ضلالياً، هكذا يُعرِّف الدكتور أحمد عكاشة، أستاذ الطب النفسى، التطرُّف الذى ينصرف إلى جماعة الإخوان الرحم السياسية التى ولد منها الرئيس محمد مرسى، محرراً روشتة نفسية عن وجه «مرسى» الديكتاتور، بمناسبة قراءة عامة عن الرئيس يقول فيها إن مرسى يميل أكثر إلى الانطوائية، واتزانه العاطفى الانفعالى متوسط، هو إنسان محافظ، ولكن عنده ميول راديكالية، ودرجة ذكائه الأكاديمية جيدة، متواضع الجاذبية الجماهيرية، والكاريزما الشخصية، التى غلبت عليه طيلة الشهور الستة الماضية، منذ فوزه فى انتخابات الرئاسة 30 يونيو الماضى وحتى الآن ممثل لجماعة الإخوان المسلمين، ومتأثر بطباعهم وقواعدهم التنظيمية. تحليل «عكاشة» عن جماعة الإخوان يقول إن قراراتهم تتسم بالاندفاعية وتعنى مصلحة الجماعة أكثر من مصالح الشعب، فهم لا يعملون بالأسلوب الفردى، وإنما بنصيحة المرشد العام، موضحاً «بما أنهم يعملون فى السر منذ 80 سنة فقد فوجئوا عندما جاءوا إلى العلانية، بأن كثيراً من قراراتهم لا ينفع معها السمع والطاعة، لذلك يكون رد الفعل على قراراتهم غير المدروسة أن يرجعوا عنها». ويضيف أن المداومة والاستمرارية للوضع الأيديولوجى الخاص بهم هى محاولة لقولبة الشعب لما يؤمنون به لأن «قرارات الأقلية لتجبر الأغلبية تزيد من الاستفزاز المستمر، فضلاً عن أن طريقة كلام دعاة وسائل الإعلام وخروجهم عن اللياقة ضد المعارضين قللت من شعبيتهم. ويظهر ذلك من خلال المشاركة الانتخابية فى البرلمان عن الرئاسة، وأخيراً الاستفتاء بنسبة 60% إلى 50% وأخيراً 30% على الترتيب»، حسب تحليله. «مرسى» الذى أصدر قرارات مفاجئة وفردية بإلغاء الإعلان الدستورى «العسكرى» وأقال جنرالات وقيادات الجيش وعيّن آخرين، هو الذى أصدر قراراً بعودة مجلس الشعب «المنحل» وأبقى على تشكيل الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور برغم الاعتراض والرفض الشعبى لها، فالرئيس اختار مساعديه بإرادة متسلطة، وأدار علاقته بهم بنظرة «فوقية»، ويقول عنه «عكاشة» إنه انضم إلى الإخوان فى سن متأخرة، عندما كان يُجهز للدكتوراه فى الولاياتالمتحدةالأمريكية، ولذا كانت نشأته صغيراً ليست كباقى أعضاء الجماعة، الذين يُلقَّنون من صغرهم التعليمات والسمع والطاعة، موضحاً أن الانضمام إليهم فى سن متأخرة يجعل التفاعل مختلفاً عن «المتشربين» من الصغر، قائلاً «لكن الواضح أنه تم غسل مخه بطريقة، بحيث أصبح ملتزماً بما يقال له حسب نظام الإخوة، وهى السمع والطاعة والمرشد». يدخل خبير الطب النفسى فى ثنايا الرئيس الديكتاتور»، موضحاً أنه «أقسم على احترام الدستور والقانون وحنث بالقَسم، ووعد بأن يكون رئيساً لكل المصريين ولم نرَ ذلك، حتى مؤيديه من الليبراليين تخلوا عنه لما رأوه من مراوغة»، ملقياً عليه تكييفاً نفسياً بأنه «إنسان يلتزم بقواعد معينة ولا يستطيع التحلى بالمرونة الكافية لخلع الجلباب الإخوانى فى سبيل جلباب الوطن». يقول «عكاشة» إن «مرسى» ممثل الإخوان، وتبين أنهم ليسوا أغلبية، بل أغلبية تسود وتحكم، ولولاهم ما كان سيأتى مرسى رئيساً لمصر دون مساعدة الإخوان، محللاً موقفه الموالى للجماعة بأنه «كإنسان لا يستطيع أن يحل نفسه من ناس أوصلوه إلى هذا المنصب دون أى جهد منه، صعب يحرر نفسه»، فالرئيس يسافر ويتحدث فى قلب إيران، فى خطوة غير مسبوقة منذ عشرات السنين، ويعلن موقفه المساند لغزة ضد اعتداءات إسرائيل، ويقرر الإفراج عن بعض المعتقلين، فضلاً عن الإقالة المفاجئة للنائب العام السابق عبدالمجيد محمود.. لم يأتِ هذا من فراغ، بينما يُفسر «عكاشة» تصرفاته بأنها توضح تميُّزه بأجندة متلازمة ومتواكبة مع أجندة الجماعة، وعندما يخرج منها أو يصدُر تصرف مفرد يتبين خطؤه فيتراجع عنه كما قال، منصفاً إلى حد ما موقفه الفردى السلطوى، بقوله «مافيش أى إنسان فى العالم يقدر ياخد قرار لوحده حتى الديكتاتور بيسأل المعاونين اللى معاه، هتلر كان بيسأل من حوله»، وفى تقييم لجرأة الرئيس على اتخاذ الخطوات الفجائية فردية الصنع، يقول «لا يمكن أن يصدر قراراً لوحده، لكن بحماية، بيصدر القرارات وفيه الجماعة هى اللى بتحمى ضهره، زى الانتخابات، ولكن اتضح للتيار أنه ليس الأغلبية، وربما يظهر ذلك فى انتخابات الشعب القادمة». يؤكد «عكاشة» أن تصرفات وقرارات مرسى مرضية للجماعة، نظراً للمعاناة التى ذاقتها على مدى 80 عاماً فى السجون والمعتقلات والتعذيب والاضطهاد، مفنداً بنوعين، هما «نتاج السجون ونتاج الاعتقالات.. الأول يتجاوز المحنة والألم ويصبح متعاطفاً مع الإنسان وقابلاً للتسامح، ويخرج منتصراً بأن شخصيته تحولت إلى الأفضل، مثل سيدنا يوسف ومانديلا وغاندى، أما النوع الآخر الذى تنتمى إليه جماعة الإخوان المسلمين فيخرج بنوع من أنواع المرارة والحقد والرغبة فى الانتقام لما حدث له. «إصراره على استفتاء الدستور وطرحه للاستفتاء وإقراره رغم رفضه شعبياً، وإصدار الإعلان الدستورى وإلغاؤه واستبداله بآخر، ومنح الأوسمة والنياشين الرئاسية» ممارسات فعلها الرئيس بفرمانات رئاسية ديكتاتورية تتجاهل انتقادات المعارضين وصراخ الرافضين، ويفسرها عكاشة نفسياً بالتطرق لجذور الظاهرة قائلاً: من الواضح أن جزءاً كبيراً من التيار الإسلامى، لا شعورياً، يتعامل بنفس الطريقة التى كان الحزب الوطنى يتعامل بها».