العباسية.. منطقة عريقة وميدان يحمل كثيرا من التفاصيل، حولته الثورة إلي مناقض لميدان التظاهر "التحرير" ليس بالأفكار نفسها التي ينطلق منها متظاهري التحرير، ورغم إختلاف الفكرة الأساسية للتظاهر في الميدانين، لكن ثمة رابط يجمعهما الآن، حيث انضم العباسية إلي التحرير في "الدم" و"الشهداء". أرض المواطنون الشرفاء اصبحت أرضا للقتلي والشهداء، لا يعرف أحد علي وجه الدقة من هم "المواطنون الشرفاء" لكن الجميع بدا يعرف من هم "القتلي والشهداء" حتي لو لم يحدد توجهاتهم الفكرية.. العباسية ذلك المكان الذي يجمع وزارة الدفاع وكلية الشرطة القديمة وقصور وفيلات "الباشوات"، اصطبغ بدماء شهداء عندما سالت صنعت ممرا يؤدي مباشرة إلي "وزارة الدفاع" أول شهيد سقط في العباسية لم يكن من أنصار الشيخ حازم صلاح ابو اسماعيل، بل كان مجرد شاب عادي "غير مسيس" عمره لم يزد عن 23 سنة، سقط الشهيد الشاب محمد محسن طالب المعهد الصناعي بسوهاج في أغسطس الماضي لأنه طالب بإنهاء حكم العسكر، في مسيرة من التحرير إلى العباسية ففوجيء بحجر يلقى عليه من أحد بنايات المنطقة فتح رأسه ونزفت دمائه لمدة 3ساعات متواصلة ثم دخل في غيبوبة خرج منها إلي قبره، وقيدت الواقعة ضد "أحد المواطنين الشرفاء" التناقض في ميدان العباسية دائما ما يبلغ أشده، دون سبب معلوم سوي أن الميدان يضم وزارة الدفاع، لذا كان منطقيا أن يجمع الميدان متظاهرين رافضين لوجود العسكر، ومواطنين شرفاء من أنصار "حزب الكنبة" وعدد لا باس به من رواد ميدان "مصطفي محمود" أصحاب هتاف"إحنا اسفين يا ريس"، كل هؤلاء نقلوا خلافاتهم إلي ساحة الحرب في العباسية، وعلي الأرض التي سالت فيها دماء محمد محسن أقام عدد كبير من المواطنين الذين يعرفون أنفسهم ب "الأغلبية الصامتة" مظاهرات لتأييد المجلس العسكري، بل زاد الفنان عمرو مصطفى على ذلك بأن احتفل بتأييده لحكومة د.الجنزوري ببناء منصة وحفل غنائي كبير هدفه المعلن الدعوة ل "الاستقرار". كيلومترات قليلة تفصل الميدانين، عباسية وتحرير، لكن لكل منهما سمات مميزة، وبالتزامن مع كل مليونيات التحرير، يظهر بطل العباسية، الإعلامي- هكذا يظن نفسه- توفيق عكاشة صاحب قناة الفراعين يحث ليلة كل خميس مواطنيه الشرفاء أو قل متابعيه الشرفاء إلى النزول للعباسية، ففي الوقت الذي انطلقت فيه مليونية التحرير باسم "حرائر مصر" لدعم الفتاة التي سُحلت وتم تعريتها في احداث مجلس الوزراء، كان ميدان العباسية يصدح بالأغاني الوطنية الشبابية واللافتات التي كُتب عليها "لا للتخريب". على الأرض نفسها التي شربت دماء 6 معتصمين نتيجة اشتباكات استمرت 3 ايام كاملة أعلن السيد عمر سليمان نائب الرئيس المخلوع حسني مبارك ترشحه لرئاسة الجمهورية تلبية لنداء الجماهير التي احتشدت في الميدان نفسه لمطالبته بالترشح.. فاستجاب. "العباسية مش تكية" دعوة يطلقها عدد من سكان العباسية الذين وصموا بالبلطجة والقتل في مواجهة أي اعتصام يتم الدعوة له بالمنطقة ويعارض سياسات المجلس العسكري، اقاموا وقفة احتجاجية انتهت أيضا بالفشل بسبب احتكاك "المواطنين الشرفاء" بهم عند مبنى كلية الشرطة القديم، فلم تكتمل تلك الوقفة، ليبقى الوضع على ماهو عليه، من قتل وسحل وضرب للمعتصمين دون وجود جاني حقيقي ينتمي إلى "العباسية" يمكن اتهامه في تلك الأحداث.. ليتذكر التاريخ أن ما فرقته التوجهات السياسية.. جمعه الدم.