غضب البعض من تصريحات الدكتور «محمد البرادعى» التى قال فيها إن معركة الدستور دارت بين فريقين، أولهما: فريق المتعلمين والمهنيين، وثانيهما: فريق الإسلاميين والأميين. وقد نشطت العديد من الأقلام والأصوات الإخوانية والسلفية فى كيل الاتهامات للبرادعى بأنه ينظر إلى المصريين كشعب جاهل، وأنه يتعامل بنوع من الاستعلاء عندما يتحدث عن البسطاء من المواطنين، أو ببساطة يحتقر قطاعاً كبيراً من أهله الطيبين من الأميين. يريد أبناء التيار الحاكم، من الإخوان والسلفيين، أن يؤكدوا لنا أنهم ينظرون إلى المواطن المصرى نظرة إجلال واحترام، وأنهم لا يحتقرون مواطناً أمياً لأميته، أو جاهلاً لجهله، كما يفعل الدكتور «محمد البرادعى». وللإنصاف يجب أن نشهد بأن جماعة الإخوان -وهى الجماعة الأم والأقدم- تحب الأميين المصريين حباً جماً، ومن يحب خُلقاً معيناً فى شخص يحرص دائماً على أن يراه فى كل مَن حوله؛ فالجماعة تحب المواطن الأمى؛ لذلك تتمنى أن لو أصبح الشعب كله من الأميين! فطيلة ثمانين عاماً لم تحرص جماعة الإخوان على تنظيم مشروعات لمحو أمية المواطن المصرى! بهذه الطريقة يحب الإخوان المواطن الأمى؛ فهو مواطن يقبع فى جيبهم؛ فعقول هؤلاء الطيبين صفحة بيضاء تستطيع الجماعة أن تنقش فيها ما تشاء من أفكار وتوجهها حيثما تريد، ولا يمانع الإخوان أيضاً من التعامل مع هذا الرهط من المصريين كمجموعة من المتسولين، عندما يحتاجون أصواتهم، مستعينين فى ذلك ب«كام كرتونة زيت وكام كيس مكرونة ورز وسكر»، ولو «حبوا يطرطشوا أكتر» حملوا فى جيوبهم «كام كارت موبايل»، ولا يهم أن تنفق الجماعة من جيبها الخاص على شراء سلع بيع الذمم، فبإمكانها الاستعانة بأموال التبرعات وأموال الزكاة، وحتى أموال اليتامى. تلك هى الطريقة الخاصة التى تحترم بها الجماعة المواطن الأمى، حين تعامله بمنطق «بوبى الحبوب» الذى يمكن أن يجرى وراء عضمة، لأنه -من وجهة نظر الإخوان- إنسان بلا عقل! لذلك فالدكتور البرادعى يحتقر المواطن الأمى، أما الجماعة فتحترمه وتجله أشد الاحترام، بل وتعشق أميته وجهله، وتتمنى أن يبارك الله له فيها، من منطلق أن البركة وراء النجاح، بل وقد تحتج أمام دعوى عدم اجتهاد أفرادها فى محو أمية المصريين بالسنة النبوية المطهرة، حين ترى أن وصف «أمى» الذى كان يوصف به النبى، صلى الله عليه وسلم، يرتبط بعدم إجادة القراءة والكتابة، رغم أن الوصف هنا يعنى «مؤسس الأمة». حكم مصر -زمان- خديو اسمه «سعيد» كان له «ذقن» أطول من «ذقون» إخواننا، كانت له عبارة شهيرة تلخص فلسفته فى الحكم يقول فيها: «إن قيادة شعب أمى أسهل بكثير من قيادة شعب متعلم»، والإنصاف يدعونا إلى أن ننسب للخديو سعيد «ذى اللحية» نظرية «بوبى الحبوب»!