بعد نحو 6 أشهر على دخول القوات الروسية إلى سوريا، وانطلاق العمليات العسكرية، فاجأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، المجتمع الدولي مساء أمس، بإعلان سحب بلاده من سوريا، وذلك بالتزامن مع انطلاق جولة جديدة من محادثات جنيف، بين المعارضة السورية والنظام. وأكد بوتين، استمرار عمل القاعدة البحرية والجوية الروسية بحميميم وطرطوس، كما تعهد بمواصلة دعم سوريا لمحاربة الإرهاب، مضيفا: "ما فعلناه سيشكل دافعا إيجابيا لعملية التفاوض بين القوى السياسية بجنيف"، وهو الأمر الذي جذب أعين الجميع إلى ما تشهده الأراضي السورية. وأوضحت صحيفة "موسكوفسكي كومسموليتس" الروسية، في عددها الصادر اليوم، أن انسحاب موسكو من سوريا، يأتي بعد تعارض مصالح روسيا مع مصالح الرئيس بشار الأسد حليفها، وهو ما دفعها للموافقة على إرجاء مناقشة مسألة استقالته في محادثات جنيف الأخيرة. وأشارت الصحيفة الروسية، إلى أن موسكو لم تكن تريد أن تصل الأمور في سوريا لحد تدمير البني التحتية، إلا أن ما كانت تخشى منه روسيا حدث على أيدي النظام، موضحة أن روسيا لو لم تسيطر على تطورات الأحداث بسوريا، فسيكون هذا ضربة قوية توجه لهيبة موسكو في المحافل الدولية. ولفتت الصحيفة الروسية، إلى أن القرار يزيل المخاوف باندلاع حرب عالمية ثالثة، كما أنه يخفض احتمال وقوع صدامات حربية روسية- تركية في سوريا، ما يعطي موسكو فرصة لتحسين العلاقات مع الغرب وبلدان الشرق الأوسط. وفي السياق ذاته، قال اللواء طلعت موسى الخبير الاستراتيجي، إن القرار يعكس وجود اتفاق روسي أمريكي بشأن القضية السورية، لكن لم تتضح بنوده بعد، ويحمل في طياته مصالح ذاتية للدولتين، فضلا عن ضغوط المساعي الدولية ونتائج محادثات جنيف. وأكد موسى، في تصريح خاص ل"الوطن"، أن الأجواء العالمية الآن مهيئة بشكل أكبر للقرار أكثر من أي وقت مضى، ما يساعد في تهيئة الأوضاع لتسوية الصراع بين الأطراف السورية، موضحا أن القرار يؤثر على المنطقة العربية بأكلمها بشكل إيجابي. وأوضح الخبير الاستراتيجي، أنه في حال ضعف نظام بشار الأسد، ستتعرض الدولة السورية للتفتت، كونها على خط المواجهة مع إسرائيل، مع إمكانية تدخل إيران في البلاد. لم يختلف رأي اللواء طلعت مسلم الخبير الاستراتيجي، عن رأي موسى، حيث قال ل"الوطن"، إن قرار روسيا ناتج عن اتفاق روسي أمريكي، يهدف إلى تفادي الصدام بين الدولتين، لكنه سيؤدي لإطالة الصراع في سوريا، مؤكدا أن روسيا لن يحل محلها أحد في سوريا. من جانبه، قال الدكتور سعيد اللاوندي خبير العلاقات الدولية، إن روسيا لن تتخلى عن قضيتها في مكافحة إرهاب "داعش" في سوريا، موضحا أن المجتمع الدولي أجمع على الحل السياسي داخل سوريا، ولم يعد هناك جدوى للتدخل العسكري وإرسال المقاتلات الروسية. وأضاف اللاوندي، في تصريح خاص ل"الوطن"، أن التدخل الروسي في سوريا، فضح قوات الجيش السوري الحر، وأكد أنه لم تكن هناك قوات من الأساس تواجه الإرهاب، لافتا إلى أن القرار لن يؤثر سلبا على سحب المقاتلات العسكرية من سوريا، حيث أبدت بعض الدول تأييدهم لقرار سحب القوات الروسية.