رأى معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أن التدخل العسكري الروسي في سوريا لم يحقق أهدافه التي أعلنها من قبل وهي القضاء على تنظيم "داعش" الإرهابي، مؤكدًا أن ذلك لم يكن الغرض الوحيد لتدخل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وفي تقرير نشرته الباحثة "آنا بورشفسكايا"، أشار إلى إعلان الرئيس الروسي عن انسحاب جزئي ل"القسم الرئيسي" من القوات المسلحة الروسية من سوريا اعتبارًا من 15 مارس، حيث ربط ذلك الانسحاب ارتباطًا صريحًا بمحادثات جنيف قائلًا: "آمل أن قرار اليوم سيكون إشارة جيدة لجميع الأطراف المتنازعة. آمل أن ذلك سيزيد بشكل كبير من ثقة جميع المشاركين في عملية (السلام)". وأشارت "بورشفسكايا" إلى أنه من غير الواضح بالضبط أي من القوات ستنسحب من سوريا، لاسيما وأن بوتين قد حدد بأن منشأة روسيا البحرية في طرطوس والقاعدة الجوية "حميميم" ستستمران في العمل كالمعتاد، لذا فإنها ستتطلب حتمًا حفاظ موسكو على المزيد من القوات في سوريا أكثر مما كان لديها قبل التدخل، حتى لو كانت جادة في تعهدها بسحب بعض الوحدات. وقالت الباحثة، أما بالنسبة للفكرة بأن موسكو قد حققت أهدافها في سوريا، فقد كان بوتين قد صرح في وقت سابق بأن الهدف من التدخل كان هزيمة تنظيم "داعش"، ولكن من الواضح أن التنظيم لم يُهزم، كما أن بيانات موسكو المتفاوتة حول التهديد الذي يشكله التنظيم لا توفر قدرًا كافيًا من الوضوح. وأضافت أن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو كان قد ادعى في 14 مارس، أن روسيا قضت على أكثر من 2000 من "قطاع الطرق" في سوريا كانوا قد جاءوا من روسيا، من بينهم سبعة عشر قائدًا ميدانيًا. ومع ذلك، ففي العام الماضي، برر الكرملين تدخل بلاده الجزئي بالادعاءات بأن 5,000-7,000 مقاتلاً من روسيا قد انضموا إلى تنظيم «داعش» - وقد اختلفت جميع تلك الادعاءات نفسها بصورة جذرية عن تقارير سابقة استشهدت أرقامًا أقل من ذلك بكثير، وإلى جانب الأرقام الغامضة. وأكدت أن قرار موسكو بنشر قواتها في سوريا زاد من التهديد الذي يشكله تنظيم "الدولة الإسلامية" على روسيا بدلًا من أن يقلّصه، ولكن التنظيم كان قد استهدف بالفعل مدنيين روس في ما بدا أنه انتقام لتدخل موسكو في الحرب الدائرة في سوريا (على سبيل المثال، يُعزى إسقاط طائرة ركاب روسية في مصر في أكتوبر الماضي إلى خلية تابعة ل تنظيم داعش). ولفتت إلى ما هو أبلغ من ذلك، حيث كانت الغالبية العظمى من الغارات الجوية الروسية في سوريا قد شُنت ضد الثوار الذين يقاتلون نظام بشار الأسد، وليست ضد تنظيم "داعش"، فإنقاذ الأسد من "التمرد" وتأمين مصالح روسيا - كما يعرّفهما بوتين - كانا الهدفان الحقيقيان في سوريا، وفي هذا الشأن بإمكان الرئيس الروسي أن يدّعي النجاح بالتأكيد. فقد عزز التدخل من موقف النظام في محادثات السلام في جنيف، حيث تفيد بعض التقارير أن الأسد يَذكر أن المساندة الروسية ساعدته على تحقيق "انتصارات ضد الإرهاب" وتثبيت الحالة الأمنية. ووفقاً للأسد وبوتين إن "الإرهابي" هو أي شخص مسلح يعارض النظام. كما أشار الأسد أيضاً إلى أن روسيا ستقلّص وجودها ولكنها ستُبقي بعض القوات في سوريا. وتابعت: "على نطاق أوسع، يبدو أن بوتين يضع الأساس لتصوير نفسه بأنه "زعيم عالمي كبير" - أي صانع السلام الذي نفذ بنجاح حملة محدودة ب "حد أدنى من الضحايا"، ثم انسحب من أجل قيادة جهود السلام الدولية. وبقيامه بذلك، سيسعى بلا شك إلى الضغط على كل من الولاياتالمتحدة والمعارضة السورية لكي يتمسكا بعملية جنيف - والأهم من ذلك، لتقديم تنازلات من شأنها أن تفيد بوتين قبل كل شيء آخر، وهناك مفهوم باللغة الروسية يتضمن أفضل وصف لهذا الوضع: "پوكازوخا" (pokazukha)، واجهة أو تزيين النوافذ، وهو أمر يعرفه بوتين حقّ المعرفة ويعلم كيف يبنيه".