وسط جملة من القضايا الخلافية بين القوى السياسية اللبنانية، برزت قضية اقفال الحدود امام النازحين من سوريا كأحد آخر الملفات التي أثارت جدلا بين القبول والرفض لها بين تلك الافرقاء في ظل التزام الحكومة اللبنانية بعدم النأي بالنفس عن سوريا فيما خص الجانب الإنساني. وقد طرح ملف اقفال الحدود على طاولة مجلس الوزراء اللبناني التي عقدت قبل ايام من قبل جبران باسيل وزير الطاقة اللبناني الذي طالب مجددا باقفال الحدود اللبنانية امام النازحين من سوريا و تخفيض عددهم الى الحدود الدنيا وذلك باعادتهم الى المناطق الآمنة في سوريا أو ترحيلهم الى بلدان أخرى، وقد لاقى اقتراح باسيل بشأن ذلك رفضا من اغلب الوزراء، وكان الوزير باسيل الذي ينتمي إلى تكتل "التغيير والإصلاح" بقيادة ميشال عون قد اقترح في جلسة لمجلس الوزراء شهر ديسمبر الماضي نفس الاقتراح الذي لم يلقى قبولا أيضا. وقال الوزير باسيل في تصريح صحفي له قبل ايام إن قضية النازحين أصبحت كبيرة وخطيرة، وهي قد تطيّر قانون الانتخاب والانتخابات والبلد كله، مؤكدا أنه لا يجوز أن نتلهى بمواضيع ثانوية ونترك القضية الأساسية، وأضاف "نحن نبهنا من تدفق اللاجئين منذ أن كان عددهم سبعة آلاف، أما اليوم فأصبحوا فوق 170 ألفاً ورأى أن هذه المسألة لا تعالج بالتذرع بالطابع الإنساني ولا بتبادل الرسائل الديبلوماسية والتحذيرات منها"، ولكن طرح إقفال الحدود كان محل رفض معظم القوى السياسية اللبنانية والوزراء خاصة ان الموقف الرسمي اللبناني وعلى رأسه مواقف كل من رئيسا الجمهورية اللبناني ميشال سليمان والحكومة نجيب ميقاتي تقوم على ان سياسة النأي بالنفس والحياد تجاه الازمة السورية لا تنطبق على مساعدة اللاجئين السوريين الى لبنان. ويرى عدد من القوى السياسية اللبنانية أن إقفال الحدود يعود الى صعوبة تأمين احتياجات النازحين السوريين على ضوء الازمة الاقتصادية اللبنانية اضافة الى صعوبة ضبط الوضع الأمني والخوف من أن تتحول قضيتهم اشبه بقضية اللاجئين الفلسطينيين في لبنان او ما يسمى بالخوف من "التوطين". وقد ظهر الاختلاف في وجهات النظر جليا حول ملف النازحين السوريين خلال جلسة مجلس الوزراء التي خصصت قبل ايام لطرح هذا الموضوع حيث طرحت الجلسة مسألة الايرادات المالية التي تريدها الحكومة اللبنانية للايفاء باحتياجات النازحين السوريين حيث افادت الحكومة في الخطة التي اطلقتها شهر ديسمبر الماضي المعنية بقضية النازحين السوريين عن حاجتها لمبلغ يقدر بحوالي "179" مليون دولار أميركي على الأقل للنصف الأول من عام 2013 وهو ما يتطلبه مساعدة من قبل اعضاء المجتمع الدولي...في حين لم يتم اقرار الخطة للاعتبارات التي تم ذكرها سابقا. ودعا الرئيس اللبناني ميشال سليمان قبل ايام الفرقاء اللبنانيين التعاطي مع ملف النازحين السوريين في لبنان بعقلانية وموضوعية وبروحية التجاوب لا التنافس. ووسط القبول والرفض لاقفال الحدود وبروز مسألة تسجيل النازحين السوريين في لبنان في ظل الإعلان الرسمي عن بلوغهم اكثر من "170" ألف نازح، في حين هناك اعداد اضافية غير مسجلة، قدّم شربل مقترحات لمعالجة أوضاع النازحين السوريين والفلسطينيين من سوريا الذين قدرهم إحصاء ب 170673 نازحاً سورياً و10000 ناز ح فلسطيني. وتضمنت مقترحاته تشكيل خلية أزمة مؤلفة من مندوبين عن قوى الامن الداخلي والامن العام ووزارة الصحة ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة التربية، وانشاء مراكز تجمع او مخيمات في مناطق البقاع "شرق لبنان "وعكار "شمال لبنان " تتضمن استئجار أراض لا تقل مساحتها عن 25 ألف متر مربع داخلها مصدر مياه، وتصوينها بسياج وتجهيزها ببيوت جاهزة للمنامة ومطابخ وتأمين مياه الشفة وتأمين مركز صحي داخل كل مخيم، وتأمين الحراسة عليها من القوى الامنية بحيث يستوعب كل مخيم او تجمع نحو 5000 نازح. كما اقترح استقبال النازحين عند الحدود والمعابر وتسجيلهم لدى دوائر الامن العام ونقلهم بباصات الى المخيمات المحددة والمجهزة وضبط قيود الدخول والخروج الى المخيم، وضمّن عرضه مقترحات اخرى لمعالجة أوضاع النازحين خارج المخيمات وتكليف البلديات والمخاتير اجراء احصاء دقيق ومفصّل لهم بموجب جداول. وفي ظل هذه الاجواء اجرى عدنان منصور وزير الخارجية والمغتربين اللبناني أمس الأول اتصالا هاتفيا مع نبيل العربي الامين العام لجامعة الدول العربية، ووضعه "في صورة اوضاع النازحين السوريين في لبنان، وانه سيوجه اليه مذكرة في هذا الصدد وتتضمن ايضا رغبة لبنان في دعوة وزراء الخارجية العرب إلى عقد اجتماع غير عادي لبحث هذا الموضوع"، وأشار منصور إلى أن "العربي أبلغه انه وفور تلقيه المذكرة سيعمد إلى القيام بالاتصالات اللازمة مع الوزراء العرب لعقد هذا الاجتماع خلال ايام قليلة". وفي سياق متصل استدعى وزير الخارجية والمغتربين اللبناني نهار الجمعة الماضية السفير السوري لدى لبنان علي عبد الكريم علي وتباحث معه بما يمكن القيام به من عمل مشترك لتسهيل عودة النازحين الى سوريا، وإنشاء لجنة مشتركة لبنانية - سورية لتولي ذلك تتألف من الأجهزة المعنية في هذا الملف في كلا البلدين".