تباينت آراء الخبراء حول نجاح إستئناف مفاوضات الحكومة المصرية، مع صندوق النقد الدولي التى تجددت قبل أيام بشأن القرض ال "4.8 مليار دولار" كانت حلقات مسلسل الحكومة المصرية في التفاوض مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 4.8 مليار دولار، قد بدأت منذ أكثر من عام تقريباً وقت أن كان الدكتور سمير رضوان وزيراً للمالية، وكان المجلس العسكري يتولى إدارة شؤن البلاد، وحدثت مفاوضات وجلسات لأكثر من مرة ولكن لم تسفر هذه المفاوضات عن نجاح، واستمرت هذه المفاوضات في عهد الوزيرين اللذين جاءا بعد الوزير "رضوان"، تخللها فترات انقطاع نتيجة اضطراب الموقف السياسي والأمني في مصر، وعدم وجود رئيس منتخب في ذات الوقت وعدم التوصل إلى قرار يعكس اقتناع كامل من القائمين على الإدارة بجدوى تنفيذ عملية الاقتراض، إضافة الى تخوف "المجلس العسكري" حينئذ من آخذ قرار الإقتراض بشكل نهائي خوفاً من تساؤلات الشعب وإتهامه بوقوع البلاد في مديونيات جديدة، إضافة الى أن سوء الأحوال الإقتصادية وقتها كانت لا تسمح بموافقة صندوق النقد الدولي على منح مصر القرض، ومن انقطاع إلى استئناف وتجديد المفاوضات عاد الحوار بين مصر والصندوق حول القرض ال"4.8 مليار دولار" الذي يصفه البعض ب"النحس". من جانبهم توقع عدد من الخبراء "الإقتصاديين" نجاح المفاوضات هذه المرة وحصول مصر على قرض صندوق النقد الدولى بخلاف ما سبق معتمدين على تحسن مؤشر الإقتصاد المصري وتعافيه بنسبة كبيرة مع وجود رئيس منتخب هذه المرة. وأكد إسماعيل حسن محافظ البنك المركزى السابق ورئيس مجلس إدارة بنك مصر إيران أن المفاوضات السابقة والتي تمت العام الماضي بين الحكومة المصرية وصندوق النقد الدولي بشأن منح مصر قرض بقيمة 4.8 مليار دولار لم تفشل كما يقال ولكن تم تأجيل هذه المفاوضات بقرار سياسي من المجلس العسكري الذي كان يتولى إدارة شئون البلاد وقتها. وقال "اسماعيل" أعتقد أن هذه الجولة من المفاوضات سيتم استكمالها، والإنتهاء بنجاح منها وحصول مصر على القرض مستدلاً على ذلك بموافقة الحكومة المصرية الحالية على القرض وموافقة الطرف الأخر وهو صندوق النقد الدولي، ويضيف "اسماعيل" أن الدليل على ذلك إستئناف الزيارة والمفاوضات فى وقت قصير، والوفد الذي حضر مصر هذه الأيام جاء بإختياره وليس بطلب من الحكومة المصرية وإذا لم يكن هناك رغبة من صندوق النقد الدولي لمنح مصر القرض لامتنع عن ارسال وفد أخر لزيارة مصر بعد الزيارة التي قامت بها " كرستين لاغارد" مدير عام صندوق النقد الدولي. وأكد السفير جمال بيومي أمين عام برنامج دعم المشاركة المصرية الأوروبية على أن عودة وفد من صندوق النقد الدولى بعد الزيارة الاخيرة لمصر في هذه الفترة القصيرة يدل على الموافقة النهائية لمنح مصر هذا القرض ولكن هذه الموافقة مشروطة، بموافقة جميع القوى السياسية في الدولة وأيضاً موافقة الرأي العام وتكون موافقة "سياسية إجتماعية" وأشار "بيومي" أن هناك عائق وحيد أمام نجاح إتمام مفاوضات القرض هذه المرة وهو وجود تيار إسلامي مثل "السلفيين" والتي أظهرت إعتراضها على هذا القرض بحجة أن الإقتراض والفائدة حرام شرعاً.. وأظهر "بيومي" إستغرابه ودهشته بشأن موقف "السلفيين" ضد هذا القرض بحجة أن الفائدة تكون بمعدل 1.2 % على الرغم من أنه في ذات الوقت هذه الجماعة تقبل الحصول على فائدة على الودائع وحسابات البنوك تتجاوز 15% وهو مايعكس تناقضا واضحاً من جانب السلفيين ... وأبدى محمد عيسى باحث إقتصادي في الجامعة الدولية بشمال أمريكا تفاؤله بنجاح مفاوضات القرض هذه المرة وقال أن النجاح مشروط بعدم وضع صندوق النقد الدولي مصر تحت ضغوط وشروط تعجيزية، مؤكدا أن الشعب المصري أصبح بعد ثورة يناير صاحب رأي وقرار، ولا يقبل فرض شروط من أي جهة أجنبية مثل خفض الدعم على بعض السلع والمواد الإستهلاكية والبترول كما أشيع منذ فترة .. وأكد "عيسى" على أن المفاوضات السابقة بين الطرفين لم تفشل ولكن تم تأجيلها لحين إستقرار الأوضاع السياسية والإقتصادية فى البلاد وعودة الأمن، مؤكداً على أن نجاح مصر فى الحصول على قرض صندوق النقد الدولي يكون بمثابة شهادة تدعم الثقة في الاقتصاد المصري لدى الدول المانحة والمؤسسات الاستثمارية الخاصة التى تراقب عن قرب التطورات الاقتصادية فى مصر بحثا عن أى مؤشر إيجابي يشجعها على معاودة ضخ الاستثمارات، وهو ما يفتح الباب أمام الحكومة في التعاملات الخارجية. وأيضاً يعطى الثقة لدى المستثمرين العرب والاجانب في ضخ رؤوس اموال جديدة في السوق المصرية وممكن بعد ذلك إذا أرادت الحكومة المصرية الإقتراض من البنك الدولى سيكون الامر سهل جداً بعد حصولها على هذه الشهادة من صندوق النقد الدولى .. وقال سعد الغمرى رئيس قطاع القروض والمرابحات بالمصرف المتحد أن مصر تعتبر عضو ضمن 188 دولة أعضاء فى صندوق النقد الدولى ولها حصة فى الصندوق بنسبة 1.6 مليار دولار ومصر أول مرة فى تاريخها تستند إلى الإقتراض من صندوق النقد الدولي لذلك سيكون الموافقة على هذا القرض مضمونة من الجانب الأخر بعد أن وافقت الحكومة المصرية عليه. والقرض يكون بمثابة تسهيل إئتماني وتمويل المشروعات الجديدة في مصر والتي تسير الآن فى خطة الإصلاح الإقتصادي، إضافة الى أن صندوق النقد الدولي يهدف الى إصلاح الأحوال المالية والإقتصادية للدول أعضاء الصندوق وذلك يعكس تواجد وقوة هذا الصندوق ووجود سيولة مالية كبيرة به وذلك يعكس إستقراره عالمياً.. ويقول الدكتور عبدالمطلب عبدالحميد عميد مركز الاستثمار والبحوث والتطوير بأكاديمية السادات ورئيس قسم الاقتصاد أنه علي الرغم من حالة الفزع التي انتابت الكثير من جراء توقف المفاوضات علي القرض المزمع منحه لمصر بسبب عدم التوافق المجتمعي والسياسي وتخوف إدارة الصندوق من تكرار التجربة اليونانية مع مصر بعد أن تنصلت القوى السياسية اليونانية الجديدة من التزاماتها تجاه صندوق النقد، إلا أن مصر تختلف جزئيا وكليا عن اليونان خاصة أن مصر ليست في حاجة إلي قرض الصندوق من الأساس والدليل علي ذلك رفضه من قبل جهات سياسية ومجتمعية كبيرة من قبل وقت بداية المفاوضات عن هذا القرض. وأشار إلي أن مصر تعد من أبرز الدول التي تقوم بسداد ديونها بشكل منتظم.. وقال: لولا هذه الديون لما احتاجت مصر لتضيع أي وقت في التفاوض مع جهة أخري بشأن القروض. أكد "عبد الحميد" أن الوضع الاقتصادي في مصر يبشر بالخير خاصة مع زيادة معدلات دخل قناة السويس وعودة السياحة الوافدة وزيادة نسبة تحويلات المصريين بالخارج، علاوة علي عدم تأثر البنية الهيكلية الأساسية لمؤسسات الدولة بأحداث الثورة وتصنيف مصر ضمن الدول الغنية بموارد ذاتية وطبيعية وطاقات بشرية تؤهلها لخوض ماراثون التقدم والنمو خلال السنوات العشر القادمة .. مشيرا إلي إمكانية الاعتماد علي تجربة "مهاتير محمد" في تحقيق نهضة ماليزيا الحديثة وتطبيق تلك التجربة علي مصر. وقال أن مصر في مقدورها أن تعوض الكثير من المليارات التي تم إخراجها من مصر أثناء أحداث الثورة، بجانب تحقيق فائض من النقد الأجنبي من خلال تشجيع الاستثمار الأجنبي مع توافر البنية الأساسية لنجاح أي مشروع يقوم علي أرض مصر. كل ذلك يبشر بالموافقة النهائية من قبل صندوق النقد الدولي هذه المرة وتمنح مصر هذا القرض كما أكد على أن مصر لم تتأثر كثيراً فى حالة رفض الصندوق منح مصر للقرض ولديها كما ذكرنا قنوات أخرى تجلب منها موارد مالية كثيرة ...