وكأن قتيل لم يقتل وكأن دم لم يسل، هذا هو الوضع داخل أسوار جامعة حلوان بعد مقتل الطالب عبدالرحمن محسن طالب كلية الحقوق بالتعليم المفتوح على يد مجموعة من طلبة الجامعة إثر مشاجرة بالأسلحة البيضاء يوم الثلاثاء الماضي، رائحة الدماء وبقاياه في كل مكان، ولكن الحياة تسير كما كانت تسير قبل الواقعة، الطلبة يتناولون أطراف الحديث والازدحام على المأكولات كما كان في السابق . انتقلت "الوادي" إلى موقع الحادث أمام مدرج " 18 " وتحديداً أمام قاعة الفنون التشكيلية لترصد ما حدث. تقول آية حسين، طالبة الخدمة الاجتماعية وشاهد عيان على الحادث أنها كانت تسير ناحية مدرج " 18 " وفوجئت بأصوات عالية لترى مشاجرة بالأسلحة البيضاء بين عدد من الطلبة وبعضهم البعض وأضافت أنها رأت مجموعة منهم يعتدون بالأسلحة البيضاء على شابين أحدهما كان المجني عليه "عبدالرحمن محسن" و الآخر الطالب المصاب "أحمد" وكانوا يحملون أسلحة كبيرة من سواطير وسكاكين. واستطردت أن المجني عليه حاول أن يدافع عن نفسه وقام بكسر زجاجة إلا أنهم هجموا عليه وقام أحدهم بضربه في أعلى "فخذه" فوقع على الأرض بعد أن انفجرت الدماء من ساقه وظل يترنح حتى وصل إلى إحدى المحال التجارية المجاورة للقاعة وسقط مغشيا عليه وبعدها حمله أصدقاؤه إلى سيارة أجرة، وقالت أن الأمن لم يأتي إلى مكان الواقعة حتى حملوه إلى "التاكسي" وطاردوا بعض الجناة وتمكنوا من الإمساك بهم . محمد أحد أصدقاء عبدالرحمن وشاهد عيان أيضا على الواقعة قال أن النية كانت مبيته لضرب "أحمد طارق" صديق عبدالرحمن وأن القتيل لم يتحرش بأحد كما أثير في وسائل الإعلام، والمشاجرة كانت بالأساس مع أحمد المصاب الآن بمستشفى الجامعة بحلوان واستطرد شهادته قائلاً: الجناة كانوا حوالي 8 أشخاص يحملون أسلحة بيضاء من " سكاكين وسواطير وسنج ومطاوي " وقاموا بكسر عدة زجاجات وإلقائها علينا فقمنا بإلقاء أيضا عليهم زجاجات مكسورة فهجم احدهم على عبدالرحمن بمطوه وضربه في ساقه فحاول عبدالرحمن أن يظل واقفا على قدميه حتى وصل إلى محل " ويتش " وسقط أمامه فحملناه في " تاكسي " وذهبنا إلى عيادة الجامعة ورفضوا يستلموه مننا وقالوا لنا " ودوه على أقرب مستشفى " حتى لفظ انفاسه الأخيرة وهو ذاهب إلى المستشفى متأثرا بجراحة أما " أحمد طارق" فهجم عليه أيضا أحدهم وطعنه في بطنه وهو الآن في المستشفى يتلقى العلاج. "عبدالرحمن" طالب الفرقة الأولى بكلية الحقوق وشاهد ثالث على الحادث قال، أن عبدالرحمن بعد طعنه في ساقه حاول أن يحتمي داخل قاعة الفنون التشكيلية المعروفة " بالمرسم " ولكنها كانت مغلقة الأبواب وظل يتوكأ على قدمه حتى وصل إلى محل " ويتش " وسقط هناك والدم سائل منه حتى نقله أصدقاؤه بالتاكسي. ومحمد كلية التجارة الفرقة الرابعة قال، كنت متواجد داخل المرسم فسمعت صوت مشاجرة فخرجت لأجد 8 أفراد يحملون أسلحة بيضاء "سفورية كبيرة وسنجه ومطاوي وسكاكين وسواطير " ضد 5 أفراد لايحملون شيئا فازدادت حدة الاشتباكات حتى ضرب عبدالرحمن ونقله أصدقاؤه بالتاكسي ولم تأتي الإسعاف إلا بعد أن تم نقل عبدالرحمن وصديقه المصاب . "سيدنا عمر بن الخطاب قتل وسط أصدقاؤه فهل يعني ذلك تقصير أصدقاؤه تجاهه " خرجت تلك الكلمات من اللواء وحيد عبدالهادي رئيس جهاز الأمن بجامعة حلوان كأول تعليق على شهادة الشهود حول الحادث وقال أنه لولا سرعة تدخل الأمن لتمكن الجناة من الهرب مع العلم أنه تم إلقاء القبض عليهم وبحوزتهم أداة الجريمة " قطر وسكينة صغيرة " وتم تحريزها للنيابة وعن ماهية الجناة قال أنهم طلبة من داخل الجامعة وبالتالي ليس هناك مجال للشك فيهم وليس فيهم إلا طالب واحد من جامعة عين شمس وبرر دخوله للأمن بأنه سيستعلم عن التحويلات، إذا وجود هؤلاء الأشخاص لا يشين الأمن في شئ لأنهم ليسوا بلطجية . وعن الاتهامات الموجهة للأمن بالتقاعس قال أن مثل هذه الاتهامات كانت تبرر إذا لم يتم الإمساك بالجناة لأنه من غير المعقول أن نضع بين كل طالب والآخر فرد أمن، وأضاف أن المسؤلية تقع على الطلاب لأنهم لابد وأن يتعاونوا مع بعضهم لتنمية روح الصداقة والود ونبذ العنف. وعن تفاصيل المشاجرة خالفت تصريحات اللواء شهود العيان حيث قال أن المشاجرة التي أدت إلى الحادث لم تستغرق دقيقتين حتى لقي عبدالرحمن مصرعه نتيجة ضربة في ساقه وبعدها تدخل الأمن وقام بعض أفراد الأمن بإلقاء القبض على الجناة وآخرون حملوا عبدالرحمن داخل التاكسي، كما اعترف بتأخر سيارة الإسعاف عن مكان الحادث ولكن رجال الأمن حملوا "عبدالرحمن " وتبرعوا للطالب المصاب بالدم. وأضاف أن المنظومة الأمنية المدنية منظومة وليدة ومن الطبيعي أن نجد بها سلبيات كما بها إيجابيات ودورنا أن نتكاتف ونوحد جهودنا للمحافظة على الأمن داخل الجامعة وإعلاء رفعتها مضيفا أن الطلبة هم من طالبوا بمغادرة الداخلية ورجال أمن الدولة من الجامعة وطالبتوا أيضا بالأمن المدني فلابد وأن تكونوا خط الدفاع الأول والأخير للمنظومة الأمنية التي طالبتوا بها ف " إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم "، إلا إذا كان هناك من لهم مصالح في عدم استمرارية الجهات الأمنية المدنية، وتساءل مستنكراً، هل من المعقول أن يتم تفتيش أكثر من 20,000 إلى 30,000 طالب ومن يتم الاشتباه فيه يتم تفتيشه فوراً من قبل رجال الأمن على البوابات، كما أنه لايمكن أن يقرأ رجال الأمن أفكار كل طالب يدخل إلى الجامعة فما حدث مأساة بحق ولكن يستحضرني الآية الكريمة " وماتدري نفس ماذا تكسب غداً وماتدري نفس بأي أرض تموت". وعن دور رجال الأمن في التعامل مع المشاجرات قال، أنهم إذا رصدوا أية تجاوز يتعاملون معه فوراً ولدينا أكثر من فرد أمن مصاب بسبب تدخله في فض اشتباكات الطلاب، مع العلم أن مساحة الجامعة حوالي 355 فدان وعلى الرغم من ذلك الأمن يعمل جاهدا لفرض الطمأنينة بين الطلاب في حدود الإمكانيات المتاحة وخاصة في تلك الحادثه قام بأداء واجبه على أحسن وجه. كما قال أن الأمن يتعامل بكل حزم مع كافة أشكال الخروج عن القانون فكل يوم يأتي إلينا حالات كثيرة جدا من مخدرات ومشاجرات ونقوم بتحويلها فورا إلى الجهات الأمنية سواء داخل الجامعة أو خارجها، ونتعامل مع كافة الطلبة كأبنائنا لأنهم هدفنا الأول. وقال أن رئيس الجامعة أمر بتحمل الجامعة كافة مصاريف المستشفيات ونقل الجثمان على حساب الجامعة، وسرعة صرف منحة عاجلة لأسر " عبدالرحمن " كما أرسل وفد رفيع المستوى لتقديم واجب العزاء وقام بزيارة المصاب "أحمد طارق داخل مستشفى الطلبة بحلوان "