الأجهزة الأمنية تسيطر على مشاجرة بين أنصار مرشحين بالقنطرة غرب عقب فرز الأصوات    أسعار الفاكهة اليوم الجمعة 19 ديسمبر في سوق العبور للجملة    البترول تبحث خطة الاستكشاف والإنتاج مع الشركات العالمية العاملة في مصر    المشاط والعربي يكرمان رواد معهد التخطيط القومي ورؤساءه السابقين    سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري بداية تعاملات اليوم 19ديسمبر2025    أسعار الذهب اليوم الجمعة 19-12-2025 في مصر.. عيار 21 يسجل 5780 جنيهًا    فتح باب التقدم للنداء ال 12 من برنامج أبحاث ما بعد الدكتوراه للتدريب العملي بمعامل فرنسا    الدفاع الروسية: قواتنا سيطرت على 4 بلدات أوكرانية خلال الأيام الماضية    الاتحاد الأوروبي يوافق على تقديم قرض بقيمة 90 مليار يورو لأوكرانيا    بتروجت يستضيف الإسماعيلي في مواجهة قوية بكأس عاصمة مصر    المغرب الأعلى.. القيمة السوقية لمنتخبات المجموعة الأولى ب أمم أفريقيا 2025    كأس عاصمة مصر.. الإسماعيلي يتحدى بتروجت بحثًا عن الفوز الأول    بين الآثار والرحلات النيلية، أماكن ترفيهية وسياحية يمكن زيارتها في إجازة الجمعة بالمنيا    مصرع عامل وإصابة شاب فى حادثين بالجيزة    الأرصاد تحذر من أجواء شديدة البرودة وانخفاض الصغرى على القاهرة ل 11 درجة    مسجد علي باشا شعراوي بالمنيا، تاريخ وتراث معماري ديني يروي قصة الحضارة الإسلامية    وزير الصحة يبحث مع نظيره التونسى تعزيز التعاون فى القطاع الصحى    طريقة عمل كيكة المج في خطوات بسيطة    الصحة تكشف حقيقة تعطل أجهزة القسطرة القلبية بمستشفيات الغربية    الداخلية تضبط 20 شخصا من أنصار مرشحين بسبب التشاجر فى الإسماعيلية    خارجية مصر: سد جوليوس نموذج للتعاون بين شركاء حوض النيل ودولتي المصب    جامعة السوربون تكرم الدكتور الخشت بعد محاضرة تعيد فتح سؤال العقل والعلم    رئيس الوزراء اللبنانى يستقبل مصطفى مدبولى بالسراى الحكومي فى بيروت    نتيجة الحصر العددي لانتخابات الدائرة الثالثة بالإسماعيلية    وزير البترول يناقش الخطة الجديدة للاستكشاف والإنتاج مع رؤساء الشركات العاملة في مصر    تفحم 7 منهم.. كواليس مصرع وإصابة 11 شخصًا في حريق سيارة بالجيزة    المنتخب يخوض أولى تدريباته بمدينة أكادير المغربية استعدادا لأمم إفريقيا    اللجنة العامة للدائرة الثالثة بمحافظة الإسماعيلية تعلن نتيجة الحصر العددي لأصوات الناخبين    مصر تهدد بتفعيل اتفاقية الدفاع المشترك مع السودان    السلام الملتهب في غزة: تحديات المرحلة الثانية من خطة ترامب    حمد الله يعتزل اللعب الدولي بعد التتويج بكأس العرب    فضل الخروج المبكر للمسجد يوم الجمعة – أجر وبركة وفضل عظيم    النرويج تعلن عن قرار هام بشأن اللاجئين السوريين يبدأ تطبيقه مطلع العام المقبل    سنن وآداب يوم الجمعة – وصايا نبوية للحياة اليومية    هل يجوز للمرأة صلاة الجمعة في المسجد.. توضيح الفقهاء اليوم الجمعة    أوبرا الإسكندرية تحيي ذكرى رحيل فريد الأطرش بنغمات ملك العود    نائب وزير الإسكان يبحث التعاون مع شركة كورية متخصصة في تصنيع مكونات محطات تحلية المياه والصرف الصحي    مشاجرة عنيفة وألعاب نارية باللجان الانتخابية في القنطرة غرب بالإسماعيلية، والقبض على 20 متورطا    ننشر الحصر العددي للدائرة السابعة في انتخابات النواب 2025 بالشرقية    العليا للتفتيش الأمني والبيئي تتابع إجراءات تشغيل البالون الطائر بالأقصر    مستشار الرئيس للصحة: لا يوجد وباء والوضع لا يدعو للقلق.. والمصاب بالإنفلونزا يقعد في البيت 3 أو 4 أيام    واشنطن تفرض عقوبات على سفن وشركات شحن مرتبطة بإيران    نجاة الفنان وائل كفوري من حادث طائرة خاصة.. اعرف التفاصيل    بالأرقام، الحصر العددي للدائرة الثامنة بميت غمر    إشادة بمسيرته العلمية.. تكريم دولي للدكتور الخشت في فرنسا| فيديو    بميزانية تتجاوز 400 مليون دولار وب3 ساعات كاملة.. بدء عرض الجزء الثالث من «أفاتار: نار ورماد»    مصطفى بكري: الطبقة المتوسطة بتدوب يجب أن تأخذ حقها.. وننقد حرصا على هذا البلد واستقراره    ننشر المؤشرات الأولية لعمليات فرز الأصوات بالدائرة الثالثة بالشرقية    رحلة التزوير تنتهي خلف القضبان.. المشدد 10 سنوات ل معلم صناعي بشبرا الخيمة    مؤشرات أولية طبقا للحصر العددي، تقدم سيد حنفي في دائرة الخليفة    كونتي: هويلوند يمتلك مستقبلا واعدا.. ولهذا السبب نعاني في الموسم الحالي    غدا.. انطلاق ماراثون انتخابات نادي الرواد الرياضي بالعاشر    أمم إفريقيا - الجزائر.. هل تُكسر لعنة 2019؟    مش فيلم.. دي حقيقة ! شاب مصري يصنع سيارة فوق سطح منزله مع "فتحى شو"    أزهر اللغة العربية    «قلبي اتكسر»| أب مفجوع ينهار على الهواء بعد انتهاك حرمة قبر نجلته    هل يرى المستخير رؤيا بعد صلاة الاستخارة؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ الدقهلية يكرم أبناء المحافظة الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإخوان والنخبة.. تاريخ من التجاهل والاستنفاع
نشر في الوادي يوم 23 - 08 - 2012

راهن الإخوان على التغيير المتدرج للناس، في بداية دعوتهم، لكنهم حين عادوا إلى دخول الانتخابات في 1984 بالتحالف مع الوفد بدأوا في مرحلة استعمال الناس لتعزيز المشروع الإخواني، ولم يهتموا بمسألة تغييرهم، لاسيما مع تسرب فكر سيد قطب الانقلابي إليهم، حيث يؤمن بالقفز إلى السلطة بأي ثمن، ثم فرض المشروع العقدي والفكري والفقهي على الناس فرضا. ومنذ أن فاز الإخوان بأغلبية في برلمان ما بعد الثورة، تخلوا كثيراً عن مطالبة كوادرهم بالامتثال لبرامج التربية التى كانت مقررة عليهم حين كانوا مستضعفين. لكن الرهان على الجمهور الذى أوصل واحدا من الإخوان إلى رئاسة مصر، كان دوما على حساب الاهتمام بالنخب، بأصنافها الفكرية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعلمية... إلخ. وقد اكتفت الجماعة بنخبتها الخاصة، إذ إن من بين أتباعها والمنضوين تحت لوائها والمنتسبين إليها أو حتى المتعاطفين معها من ينتمي إلى هذه النخب جميعا. وفى المقابل اعتمد الحزب الوطني المنحل، على استقطاب هذه النخب، من خلال الجهاز البيروقراطى للدولة وخزانتها ووسائل التسيير والإدارة التي تمتلكها، وأدوات الحماية التى تحوزها. وفي وقت كانت جماهيرية الحزب الحاكم تتآكل بشكل منظم كانت النخب تسند النظام بكامل طاقتها، إما طمعاً في الاستفادة من المنح والعطايا التى يقدمها، أو استفادة من تواطؤ الدولة مع مطامح ومطامع قطاعات من هذه النخب. وعلى النقيض كانت جماهيرية الإخوان تتنامى بشكل لافت، لا تخفى على كل صاحب بصر أو بصيرة، بينما يرتفع الجدار بين الإخوان وبين هذه النخب، نظرا لعدم تقديم الجماعة ما يطمئن هؤلاء حيال «مدنية الدولة» و«حرية التعبير» و«أمن الوطن»، وزاد الأمر بعد الثورة حين حاول القادة السياسيون أن يجعلوا من لفظ النخبة «مصطلحا كريها». وجافى الإخوان النخب فى وقت كان بعضها يتململ من نظام المخلوع مبارك ويفقد تباعا الثقة فيه، ومن ثم يتفاعل بوعي مع طروحات الإخوان، ويسعى إلى بناء جسور معهم. ورأينا كيف طالب ليبراليون ويساريون مصريون عتاة بحق الجماعة فى الحصول على المشروعية القانونية والشرعية السياسية، في شكل حزب أو جمعية أهلية، وندد كثيرون باعتقال الإخوان وملاحقتهم وقمعهم، ومحاكمتهم أمام القضاء العسكرى، وتحدث البعض عن ضرورة إزالة «العقدة النفسية» بين النظام والإخوان، التى تحول دون تطور مصر سياسيا، حيث تخشى السلطة من أن تؤدى انتخابات حرة نزيهة إلى صعود الإخوان. ورأينا كذلك كيف شارك الإخوان قوى سياسية أخرى احتجاجها ضد النظام، خاصة خلال عامي 2004 و2005. لكن علاقة الإخوان مع النخب لاتزال هشة، قياسا إلى ما تحتاجه قوة طامحة فى الاحتفاظ بالسلطة وحيازة التمكن الاجتماعى. وينسى الإخوان فى هذا المضمار أن الجماهير التى كان القيادي الإخواني البارز الدكتور عصام العريان يطلق عليها اسم «الناس الطيبون» لا تصنع التاريخ دون التحام مع نخبة تقودها وتنظم جهدها، وغاية ما حدث فى تجارب البشر أن وجدت فى لحظة ما نخبة تحس بنبض الناس وتتفاعل معهم وتبني شرعيتها على وجودهم، فعندها نتحدث عن تحقق الجماهير وفاعليتها. نعم تمكن الجمهور العريض، الذي نجحت ثورتنا بفضله، من أن يأتي في ظل انتخابات نزيهة بالإخوان إلى الصدارة السياسية، لكن ليس بوسعه أن يضمن لهم استقرارا واستمرارا في الحكم، وهنا تأتي الحاجة إلى رضاء النخب، وهي مسألة لم يبلغ الإخوان فيها شوطا كبيرا مثل ذلك الذي قطعوه في علاقتهم بالناس. والرضا هنا ليس توزيع المنافع وشراء الولاءات والذمم، إنما إشراك الكل في أعباء الوطن، والإنصات بوعي وتجرد لأعضاء النخبة التي تخالف الإخوان الرأي والموقف، وليس التحرش بهم وتشويههم، عبر ما يسمى «الميليشيات الإلكترونية الإخوانجية». ومن بين المثالب التي تصم أداء الإخوان حيال النخبة، ذلك التجاهل للثقافة والفنون، فالإخوان لم يفلحوا طيلة العقود التي خلت فى تقديم مثقفين كبار لمصر، وكل المثقفين العظام الذين يتمسح الإخوان بهم من أمثال طارق البشري وسليم العوا ومحمد عمارة، لا ينتمون تنظيميا إلى الجماعة، ويطرحون أفكارا تسبق فكر الإخوان بمراحل. ولم يقدم الإخوان لمصر روائيين وشعراء كباراً، باستثناء نجيب الكيلاني، وأغلب ما تنتجه الجماعة أو تتحمس له من آداب وفنون يدخل في باب الوعظ، ويبتعد عن قوانين الفن وشروطه. وهذا الوضع جعل القطاع الأكبر من الأدباء والفنانين يفضلون استمرار النظام الحالي، رغم معارضة بعضهم له، على تولي الإخوان زمام الأمر في مصر. وفى حال استمرت الجسور مقطوعة بين الأغلبية الكاسحة من الشريحة التي تنتج الآداب والفنون في مصر وبين الإخوان فإن الجماعة ستخسر هذا القطاع المؤثر، أما إذا فطن الإخوان لهذا الأمر، وتخلصوا من ذلك العيب، أو رمموا هذا الشرخ الكبير، فإن بوسعهم أن يكسبوا إلى جانبهم بعض المثقفين الكبار، ممن ضاقوا ذرعا بالفساد وتأخر الإصلاح وخنق الحريات العامة. لكن هذه الخطوة تحتاج إلى شجاعة فكرية فائقة من الجماعة، تجدد بها رؤيتها للثقافة بشتى ألوانها وصورها، وترد رداً كافياً وناجعاً على اتهامها بالظلامية، شأنها شأن كثير من الجماعات والتنظيمات السياسية المتشددة ذات الإسناد الإسلامي. وبشكل عام، إذا استمر الإخوان في رهانهم على الجماهير وإهمال رأي النخب ومواقفها، فإن طريقهم إلى التمكن سيظل مسكونا بالعراقيل، خاصة في ظل استمرار النظام الحاكم في الاعتماد على قطاع لا يستهان به من هذه النخب فى حفظ استمراره رغم تراجع شعبيته. أما إذا التفت الإخوان إلى النخبة، وقدموا ما يطمئنها بطرح نظري عصري في شتى المجالات، يتبعه عمل وسلوك يبرهن على انطباق الأفعال مع الأقوال، فإن الإخوان قد يربحون كثيرا. وهذا بات فرضا عليهم، شاءوا أم أبوا، إذ ليس من المعقول ولا المقبول أن يتصرفوا كطائفة، أو دولة داخل الدولة، لا تهتم ولا تحتفي ولا تهتم إلا برموزها، وفي المقابل تشوه رموز القوى المنافسة بشكل لا ورع فيه ولا أخلاق.
نقلا عن المصري اليوم .

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.