أعربت 18منظمة حقوقية عن إدانتها الكاملة لقرار إدارة مكافحة جرائم المطبوعات بوزارة الداخلية بمصادرة عدد جريدة الدستور الصادر بتاريخ 11 أغسطس، وهو القرار الذي أيده رئيس محكمة الجيزة الإبتدائية في حكم صدر مساء أمس السبت. وشددت المنظمات الحقوقية في بيان لها اليوم على رفضها للمصادرة المسبقة لصحيفة مصرية بناء على تحقيقات ما زالت تجرى أمام النيابة العامة في بلاغات تقدم بها مواطنون تتهم الجريدة بتهم فضفاضة وغير محددة من قبيل "الحض على الفتنة الطائفية وإهانة رئيس الجمهورية والتحريض على الفوضى بالمجتمع"، حسب تقرير لوكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية. وأضافت المنظمات أن استناد قرار المصادرة إلى بلاغات يقدمها أفراد بصفتهم "مواطنين مصريين يخشون من عدم استقرار مصر فضلا عن اعتبارهم أن إهانة الجريدة لرئيس الجمهورية تعد إهانة للشعب المصري بأكمله" يتطابق كليًا مع الأسلوب الذي استعملته السلطات في الأعوام الأخيرة من عصر مبارك في مواجهة رؤساء تحرير الصحف الخاصة والحزبية، وهي الممارسة التي أيدتها وقتها أحكام قضائية كما يحدث اليوم. ووفقا لبيان منشور على موقع جريدة الدستور فإن مجموعة من لواءات الأمن العام وضباط الشرطة بقيادة مساعد لوزير الداخلية "هاجموا فجر اليوم مطابع جريدة الجمهورية، وحاولوا الاستيلاء على زينكات الجريدة مهددين بوقف طباعتها." وأضاف البيان أن عمال المطبعة ومديرها ورئيس مجلس إدارة مؤسسة التحرير المالكة للمطابع رفضوا الامتثال لأوامر المسئولين الأمنيين، وهو ما أسفر عن استمرار طباعة العدد والبدء في توزيعه قبل صدور الحكم القضائي في وقت لاحق بضبط النسخ المطبوعة من العدد. كما أعربت منظمات حقوق الإنسان عن أسفها البالغ لصدور حكم محكمة الجيزة الإبتدائية بتأييد قرار المصادرة، مضيفة أن الشعب المصري يتوقع من مؤسسة القضاء أن تدافع عن المبادئ المستقرة في الفقه القانوني المصري بشأن حرية نقد المسئولين وحق الصحفيين في حرية التعبير وعدم السماح بالرقابة المسبقة على الصحف المصرية، خاصة في ظل وجود طرق قانونية أخرى تسمح للمتضررين فعليا من أي جرائم مادية ترتكب عن طريق الصحف باللجوء للقضاء سعيا للإنصاف وبعيدا عن الرقابة والمصادرة. يذكر أن مصادرة "الدستور" اليوم تعد الواقعة الثانية من نوعها منذ قيام ثورة يناير 2011، حيث كان أحد أعداد جريدة "صوت الأمة" الأسبوعية قد تعرض للمصادرة في شهر سبتمبر 2011 دون حكم قضائي وعلى يد أجهزة أمنية أمرت بإتلاف النسخ المطبوعة من الجريدة داخل مطابع مؤسسة الأهرام. ويأتي قرار مصادرة عدد "الدستور" على خلفية عدد من الأحداث التي وقعت في الأيام القليلة الماضية، والتي تثير قلقًا عميقًا بشأن مستقبل الحرية النسبية التي تمتع بها الإعلام منذ إسقاط مبارك. ومن بين هذه الأحداث صدور قرار من الهيئة العامة للاستثمار بوقف بث قناة "الفراعين" الخاصة لمدة 45 يوم وتوجيه إنذار لها بسحب ترخيصها "إذا استمرت تجاوزاتها"، وتعيين مجموعة جديدة من رؤساء تحرير الصحف القومية عبر معايير متعسفة وغير مهنية تبقي على القيود المفروضة على حرية الصحافة والإعلام المتوارثة من عهد مبارك، فضلاً عن تهديد وزير الاستثمار بسحب ترخيص القنوات التليفزيونية الخاصة التي تبث ما أسماه "شائعات". ولاحظت المنظمات الموقعة أن هذه الاعتداءات تواكبت مع التصريحات الصادرة عن رئاسة الجمهورية وقيادات بحزب الحرية والعدالة والتي حذرت من انتقاد رئيس الجمهورية، وهي تصريحات تحمل في طياتها إشارة إيجابية للهجوم على حرية الصحافة والإعلام باستخدام الوسائل القانونية والأمنية. وأكدت المنظمات الحقوقية عزمها اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لحماية حرية الرأي والتعبير في مصر، بما يشمل حرية وسائل الإعلام والحق في نقد كافة مسئولي الدولة، والتضامن مع كل من يتعرض لانتهاك تلك الحريات الأساسية.