وصف الشيخ عبد العزيز البشرى صوت الشيخ علي محمود قائلا: "إن صوت الشيخ على محمود من أسباب تعطيل حركة المرور في الفضاء لأن الطير السارح في سماء الله لايستطيع أن يتحرك إذا ما إستمع إلى صوت الشيخ". ويأتي هذا الوصف تأكيدا لما كان يتمتع به الشيخ من موهبة فاقت الحدود، فقد كان نجم التواشيح والتلاوة بلا منازع، وأستاذ المدرسة كان من تلاميذها سيد درويش ومحمد عبد الوهاب الذين تعلموا على يديه فن الأداء الصوتي، وكان من بين أفراد بطانته الشيخ زكريا أحمد والشيخ محمد الفيومي والشيخ طه الفشني. وتخيلوا معي حال ميدان الحسين وقت أذان الفجر، فقد كان الميدان يملئ بالمعجبين بصوت الشيخ حين يعلو بالآذان. ولم لا وهو مؤسس دولة المنشدين، وقائدها المغوار وواضع قواعدها وفاتح لطرائقها، وكان ""فن الإنشاد الديني" كان في إنتظار هذا الصوت العبقري كي يفجر النبع الصافي الخارج من قراءات صوت متمكن دارس للموسيقى، ونابغ فيها، ومجددا أيضا. وعلى يدي الشيخ "علي محمود" عرف العالم الإسلامي لأول مرة فن التواشيح. ولد الشيخ بدرب الحجازي التابع لقسم الجمالية بالقاهرة عام 1878 وظل مقيما به حتى وفاته في شهر ديسمبر عام 1943. وقد ولد لأسرة ثرية، إلا أنه حدث له ما حدث لرفيقه الشيخ محمد رفعت فقد فقد بصره وهو طفل صغير، مما جعل أسرته تتجه به إلى حفظ القرآن الكريم الذي أتم حفظه على يد الشيخ أبي هاشم الشبراوي بمسجد أم الغلامن ثم جوده على يد الشيخ مبروك حسين بالأزهر. وقد شغف الشيخ منذ نعومة أظافره بالموسيقى والمقامات وكان دائم الحضور في مجالس عبده الحامولي، إلا أنه تأثر كثيرا بالموشحات التي كان يؤديها الشيخ عبد الرحيم المسلوب. وفي فترة شهرته كان دائما ما يشارك في الأمسيات الدينية في منازل وقصور الوزراء والزعماء وأهل الفن خاصة "أمين المهدي" أحد أكثر المهتمين بالموسيقى في ذلك الوقت. وكذلك كان حريصا على حضور ومشاركة الشيخ أحمد ندا وهو من رواد التلاوة في القرن التاسع عشر. ويعد الشيخ طه الفشني هو أقرب تلاميذه إليه حيث سار على نهجه وإلتزم طريقته. وقد وضع الشيخ على محمود عشرات الألحان لقصائد دينية، تدل على أسلوبه الفريد، بالإضافة إلى أدائه للسيرة النبوية ومدح النبي صلى الله عليه وآله وسلم والإنشاد في المناسبات الدينية، مما منحه بإمتياز لقب "المنشد الأول". استمع الي التلاوة المباركة