الخلاف بين الجماعة والمجلس العسكري أشبه بمسرحية هزلية، الاثنان في موقف غامض ويقفان في ساحة كبيرة ضبابية، تاهت فيها الحقائق والرؤى وازداد فيها الصراع والاحتدام. الكاتب والسيناريست وحيد حامد يرى معلقا على العلاقة التي جمعت الطرفين خلال عام ونصف من عمر الثورة المصرية أن الاخوان والعسكري وجهان لعملة واحدة وهي لغة المصالح متهما الجماعة بأنها تسعى لتحويل مصر الى سجن كبير كما فعل إخوان غزة (حماس) بأهل غزة، وباعوا القضية الفلسطينية وفرقوا أهلها شيعاً وقسموهم إلى فريقين (حماس في غزة) و (فتح في الضفة الغربية)، فضلاً عن تجارب الفلسطينيين فيما بينهم وتقاتلوا وخونوا وقتلوا بعضهم بعضاً، بدلاً من أن يتوحدوا لمقاومة المحتل الصهيوني وكما فعل حزب حسن الترابي (إخوان السودان)، عندما أعلنوا تطبيق الشريعة وتم تقسيم السودان إلى شمال إسلامي وجنوب مسيحي وانقسم السودانيون وصاروا فريقين متحاربين ودولتين كل منهما تعتبر الأخرى عدوة لها. أضاف حامد أننا تكفينا تجارب الآخرين في الصومال وباكستان وإيران وأفغانستان والسعودية ومالي وكل الدول المحيطة التي أثبتت الفشل الذريع للحكم الإسلامي الذي يحيا على الصفقات مع النظم الحاكمة وهو ما ارتكبه الإخوان خلال الشهور الماضية بالتواطؤ مع المجلس العسكري ضد دماء الشهداء في ميادين التحرير. وتساءل المهندس سعد الحسيني عضو مجلس الشعب عن حزب الحرية والعدالة عن مصدر شائعات أن الإخوان قد قتلوا الناس في السجون والشوارع واستباحوا حرمات الناس وانتهكوا كرامة الشعب في الشوارع وأقسام الشرطة نافيا كل هذا وغيره، مؤكدا الاخوان برآء من كل التهم لافتا إلى أن التاريخ سيثبت العكس. وأوضح علي عبد العال الباحث في شئون الجماعات الإسلامية أن ثمة خلاف حاد في المصالح بين الإخوان والمجلس العسكري احتدم بين الطرفين بداية من تشكيل اللجنة التأسيسية لوضع الدستور والخلافات مع حكومة الجنزوري، ومن ثم تعليق جلسات مجلسي الشعب والشورى ووصولا لحل البرلمان نفسه، وما تلاه من استبعاد خيرت الشاطر من انتخابات الرئاسة وقرارات العسكري بعد ذلك والمتعلقة بالإعلان الدستوري المكمل، والحرب الدائرة بين الرئيس مرسي من ناحية والمجلس العسكري من ناحية أخرى. وطالب عبدالعال من ينفون حدوث خلاف أو تعارض مصالح بين العسكري والإخوان ويسمونها "بالمسرحية الهزلية"، أن يحددوا أهداف ومعالم تلك المسرحية ولكن يبدوا أن حرب تصفية الخلافات مع الإخوان قد بدأت رغم الكثير من الدلائل التي تفيد أن العسكري لا يريد تسليم السلطة بشكل سلمي خوفاً علي مصالحهم الخاصة، وإصرارهم على وضع أنفسهم في كل صغيرة وكبيرة في الحياة السياسية وتحديداً من بعد ثورة 25 يناير وتشكيل الإعلان الدستوري في 30 مارس من العام الماضي. فيما قال الدكتور ثروت الخرباوي، الباحث في شئون جماعة الإخوان المسلمين أنه لا يستبعد حدوث معركة أو صراع مسلح بين الإخوان والعسكري لا يعلم مداه الا الله في ظل اصرار الأخير على السيطرة على كل شيء والحد من صلاحيات الرئيس مرسي. واستنكر الدكتور محسن راضي، عضو مجلس الشعب المنحل عن حزب الحرية والعدالة، كل من يرددون حديث الصفقات وبيع الإخوان لدماء الشهداء وترك الثوار يواجهون المجلس العسكري وحدهم في أحداث مجلس الوزراء ومحمد محمود، تلك الأحداث التي لم يكن يرفضها الإخوان وحدهم بل إن قطاعات مصرية عريضة كانت تستنكرها، خاصة بعد وقائع حريق المجمع العلمي ومحاولات اقتحام وزارة الداخلية المستميت. ومن جهته وصف الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الخلاف بين العسكري والإخوان بأنه "خلاف مصالح" سريعاً ما يزول، وهو ما بدأ بعد الثورة مباشرة حينما أخذت قيادات الجماعة وعودا نهائية من نائب الرئيس السابق بإنشاء أول حزب سياسي بعد الثورة وجمعية اخوانية، فضلاً عن تفصيل الإستفتاء الدستوري من أجل تيار الإسلام السياسي وهو ما وقعوا في شراكه بشكل كبير أدى بعد ذلك إلى سيطرتهم علي مقاعد البرلمان ووعدهم العسكري في اجتماعه مع القوى السياسية والحزبية بثلث أعضاء اللجنة التأسيسية لوضع الدستور، وهكذا استمر الوضع حتى وصل مرسي للرئاسة. وأضاف نافعة أن الإخوان أخطأوا كثيرا في حق الثورة حينما باعوا الثوار في الميدان لصالح مقاعد البرلمان المنحل الامر الذي دفع القوى الثورية إلى الصدام معهم خلال الشهور الماضية للدرجة التي دفعت البعض إلى نصب المشانق لهم وكيل الاتهامات لقادة حزب الحرية والعدالة، الجناح السياسي لجماعة الإخوان حتى ظهرت العديد من الشعارات الثورية التي تندد بمواقفهم السلبية من الثورة كشعارات" بيع بيع الثورة يا بديع، اتنين ما لهمش أمان، العسكر والإخوان". وقال أبو العلا ماضي، رئيس حزب الوسط الجديد واحد المنشقين عن جماعة الإخوان المسلمين، أن الصراع الجاري بين العسكري والجماعة شبيه الصلة بما يحدث في تركيا بين حزب العدالة والتنمية، الذي يمثل الأغلبية الحزبية ويمثل الحكومة وبين البرلمان التركي، ذات السيناريو يتكرر في مصر بين حزب الحرية والعدالة الذي يملك الشرعية والكرسي الرئاسي وبين المجلس العسكري الذي يمتلك زمام الأمور. وأكد عبدالستار المليجي، أحد قادة الإخوان المنشقين عن الجماعة أن هذا أكبر دليل علي اختلاط الحابل بالنابل في مصر حتى صار الجميع يتحدث بلا ضوابط قانونية أو أسس دستورية واصبح منطق "العصبجية والبلطجية"يحكم الشارع بصورة كبيرة، وتابع مليجى: أننا في أمس الحاجة الآن إلى بناء دولة يسودها القانون بدلاً من شريعة الغاب والبلطجة التي تسيطر على عقول الجميع.