قال الإمام الأكبرالدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف: نستعرض اليوم وجهة نظر أحد مراجع الشيعة الإمامية في لبنان؛ وهو السيد علي الأمين صاحب كتاب: " السنة والشيعة أمة واحدة: إسلام واحد، واجتهادات متعددة"، وقد أتفق مع مجمل ما في كتابه من أفكار إيجابية تساعد على دفع مسيرة التفاهم بين السنة والشيعة، فنحن أبناء أمة واحدة، لكن - حسب تعبير السيد الأمين - بيننا اجتهادات مختلفة، لا تخرج أحدنا من الإسلام، ولذلك فإن هذا الكتاب المتميز يحتاج إلى قراءة متأنية من شباب السنة والشيعة حتى يعرفوا أن الخلاف الموجود بين المذهبين، والذي تسيل من أجله الدماء- لا مبرر له. وتابع "الطيب " في حديثه اليومي، الذي يذاع في هذا الشهر المبارك على الفضائية المصرية قبيل الإفطار: ما ذهب إليه الشيخ الجليل علي الأمين يؤكد ما ذهب إليه الأستاذ أحمد الكاتب في كتابه -كما قلنا في الحلقة السابقة- من أن فكرة الإمامة كنص إلهي لم تكن معروفة أبدا في القرن الأول الهجري، وإنما نشأت في ظروف متأخرة، لكن الجديد الذي يمكن أن يُقرأ في كتاب السيد علي الأمين؛ أنه يفرق بين الإمامة الدينية وبين الإمامة السياسية، فالإمامة الدينية تعني الرجل العالم التقي الذي يُهتدي به ويُلجأ إليه في أمور الدين وفي مدلهمات الأمور، ويقصد بكلامه هداية الناس، وأما الإمامة السياسية تعني الرجل الذي يتولى الحكم وإدارة شؤون المجتمع وتطبيق الشريعة والحدود وإنصاف المظلوم، فهو معنِيٌّ بالأمور الدنيوية الحياتية والحياة المدنية، وبالتالي هناك إمام للحياة الدينية وإمام للحياة المدنية، والفرق بينهما كبير. وأضاف فضيلة الإمام الأكبر: ويرى – السيد علي الأمين- أنه حدث خلط عند كثير من الشيعة بين مسألة الإمامة الدينية ومسألة الإمامة السياسية، ونقل بعض النصوص القديمة عن الشيعة الإمامية تدل علي أن سيدنا عليًّا -رضي الله عنه- لم يكن في ذهنه أبدا أنه منصوص عليه من قبل الله تعالى؛ ليكون إماما للمسلمين كحاكم أو كخليفة أو كإمام يتولى شئون دينهم ودنياهم، لافتا إلى أن حديثنا على مدار حلقتين يأتي من منصة شيعية بحتة كلها عدل وإنصاف تفزع كثيرا من الترويج لنظرية الإمامة الآن، وتتصدى لسب أبي بكر وعمر والسيدة عائشة -رضوان الله عليهم. وأوضح فضيلته أن السيد علي الأمين يؤكد في كتابه أن الإمام علي لم يطلب الإمامة السياسية أبدا ولم تكن في ذهنه بل كان ينفر منه، يقول سيدنا علي –رضي الله عنه- عندما جاءه الناس لمبايعته بعد مقتل الخليفة عثمان -رضي الله عنه: "دَعُونِي وَالْتَمِسُوا غَيْرِي فَإِنَّا مُسْتَقْبِلُونَ أَمْراً لَهُ وُجُوهٌ وَ أَلْوَانٌ لَا تَقُومُ لَهُ الْقُلُوبُ وَ لَا تَثْبُتُ عَلَيْهِ الْعُقُولُ، وَإِنَّ الْآفَاقَ قَدْ أَغَامَتْ وَالْمَحَجَّةَ قَدْ تَنَكَّرَتْ، واعْلَمُوا أَنِّي إِنْ أَجَبْتُكُمْ رَكِبْتُ بِكُمْ مَا أَعْلَمُ وَ لَمْ أُصْغِ إِلَى قَوْلِ الْقَائِلِ وَ عَتْبِ الْعَاتِبِ وَ إِنْ تَرَكْتُمُونِي فَأَنَا كَأَحَدِكُمْ وَ لَعَلِّي أَسْمَعُكُمْ وَأَطْوَعُكُمْ لِمَنْ وَلَّيْتُمُوهُ أَمْرَكُمْ وَ أَنَا لَكُمْ وَزِيراً خَيْرٌ لَكُمْ مِنِّي أَمِيراً" يعني اتركوني وابحثوا عن غيري، فالخير أن أكون فيكم ناصحا آمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر من أن أكون لكم أميرا أتولى الإمامة السياسية.